"الأوقاف" تكرم عضوا ب الأعلى للشئون الإسلامية" لمشاركته بالأنشطة الرمضانية بالمساجد    المفتي: الجيش واجه معركتين حاسمتين في سيناء    سعر الجنيه الإسترليني اليوم الجمعة 10 مايو 2024    محافظ أسيوط: مواصلة تركيب بلاط الانترلوك بالشوارع الضيقة بمدينة منفلوط    وزيرة التعاون الدولي تشارك بالاجتماعات السنوية للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار الأسبوع المقبل    الجيش الإسرائيلي يعلن إصابة 12 جنديا هاجمتهم الدبابير في غزة    جامعة «أريزونا» تطرد أستاذا جامعيا بعد تعديه على امرأة مسلمة داعمة لفلسطين    الامين العام للأمم المتحدة يدعو قادة الاحتلال وحماس للتوصل إلى صفقة لوقف إراقة الدماء    موعد مباراة الخليج والوحدة اليوم في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    أخبار الأهلي : فرمان جديد ل حسام حسن في منتخب مصر بعد قرار "كاف" الرسمي    محافظ أسيوط: حملات مكثفة على الأسواق بالمراكز والأحياء    خلال 24 ساعة.. تحرير 16 ألف مخالفة مرورية متنوعة    «تالجو ومكيف وروسي»..تعرف على مواعيد القطارات خط «القاهرة/ الإسكندرية» والعكس    وزير السياحة يشارك في الاحتفال السنوي بيوم أوروبا    قبل ساعات من عزاءها.. من هي سوسن المارديني والدة يسرا اللوزي؟ وتفاصيل عملها في «ديزني»    19 عرضا مسرحيا مجانيا لقصور الثقافة بأسيوط    "مبروك يا صايعة".. الشرنوبي يثير الجدل بتهنئته ل لينا الطهطاوي بزفافها (صور وفيديو)    المفتي يكشف حكم إيداع الأموال في البنوك    وكيل صحة الشرقية يفاجئ العاملين بمستشفى الحسينية المركزي ( صور )    ترغب في التخسيس؟- أفضل الطرق لتنشيط هرمون حرق الدهون    محلل أداء منتخب الشباب يكشف نقاط قوة الترجي قبل مواجهة الأهلي    بيرسي تاو يحصد جائزة أفضل لاعب في اتحاد دول جنوب إفريقيا    «المشاط»: 117 مشروعًا لدفع مشاركة المرأة وتمكينها اقتصاديًا واجتماعيًا    وزيرة التخطيط: 7.7 مليار جنيه استثمارات عامة لمحافظة الأقصر خلال 23-2024    محافظ بني سويف يوجه بمتابعة استمرار التسهيلات في تلقى طلبات التصالح بالقانون الجديد 187    تشييع جثمان عقيد شرطة ضحية تصادم سيارة مع جمل ببني سويف    مشاجرة بين عائلتين بالأسلحة البيضاء وإصابة شخصين بالفيوم    حفاران حطما الجدران.. كيف ساهمت مياه الشرب في إخماد حريق الإسكندرية للأدوية؟- صور    تشكيل هيئة مكتب نقابة أسنان القليوبية    نقيب الفلاحين يعلن دعمه لاتحاد القبائل العربية بقيادة العرجاني    الملتقى الأول لشباب الباحثين العرب بكلية الآداب جامعة عين شمس    الاتحاد الأوروبي يدين الهجوم على مباني الأونروا في القدس الشرقية    سنوات الجرى فى المكان: بين التلاشى وفن الوجود    أوكرانيا: روسيا بدأت هجوماً برياً في منطقة خاركيف    خطيب الجمعة ب "الأزهر": الحضارة الإسلامية حوربت عبر تشكيك المسلمين في تراثهم    إزالة حالة تعدي على أرض زراعية بقرية الفاوية في قنا    حملة بحي شرق القاهرة للتأكد من التزام المخابز بالأسعار الجديدة    الرعاية الصحية: تقديم 16 مليون خدمة طبية بالمستشفيات والوحدات التابعة    عادات يومية للتحكم في نسبة السكر بالدم.. آمنة على المرضى    وزير الري يلتقى المدير الإقليمي لمكتب اليونسكو بالقاهرة    انطلاق فعاليات القوافل التعليمية لطلاب الثانوية العامة بالشرقية    في محكمة الأسرة.. حالات يجوز فيها رفع دعوى طلاق للضرر    الجيش الإسرائيلي و"حزب الله" يتبادلان القصف    دعاء الجمعة للمتوفي .. «اللهم أنزله منزلا مباركا وأنت خير المنزلين»    رحلة مبابي في باريس تنهي بمكالمة الخليفي    الاستغفار والصدقة.. أفضل الأعمال المستحبة في الأشهر الحرم    رد فعل محمد عادل إمام بعد قرار إعادة عرض فيلم "زهايمر" بالسعودية    الإسكان تناقش آليات التطوير المؤسسي وتنمية المواهب    463 ألف جنيه إيرادات فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة في يوم واحد بدور العرض    حماس: الكرة الآن في ملعب الاحتلال للتوصل لهدنة بغزة    فضل يوم الجمعة وأفضل الأعمال المستحبة فيه.. «الإفتاء» توضح    شخص يطلق النار على شرطيين اثنين بقسم شرطة في فرنسا    لمواليد 10 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    الناس بتضحك علينا.. تعليق قوي من شوبير علي أزمة الشيبي وحسين الشحات    3 فيروسات خطيرة تهدد العالم.. «الصحة العالمية» تحذر    رد فعل صادم من محامي الشحات بسبب بيان بيراميدز في قضية الشيبي    اللواء هشام الحلبي يكشف تأثير الحروب على المجتمعات وحياة المواطنين    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



((راقصة)) شوقى فهيم
نشر في أكتوبر يوم 19 - 09 - 2010

تُعد عملية رسم شخصيات أى عمل أدبى من العناصر المهمة التى قد ترفع من قيمته، أو تهوى به إلى حد الفشل. ولربما تنطق الشخصيات بلسان الكاتب نفسه لتعكس أفكاره وآراءه، وقد تكون صورة مجتزأة أوضبابية لنفس الكاتب، لأنها كما ذهب «تشارلز ماى»:الشخصيات هى أقنعة اجتماعية فى قص واقعى، وتجليات رمزية فى قص رومانسى، وتتحول فى عملية السرد إلى «مجاز».
وتأتى «الراقصة» بقصصها العشر كمثال اهتم فيها كاتبها «شوقى فهيم» برسم شخصياته؛ النسائية منها على وجه الخصوص، لتتجلى فيها المرأة كأسطورة ورمز، فهى ايزيس، أوعشتار القادرة على منح الخصب والحياة، و هى المرأة الوطن بكل تناقضاته، وهى الملهمة التى ينبثق منها فيض النور والتنوير فى لحظات التجلى، أى أنها: «الظاهرة التى تجمع بين الأسطورة والدين». ولربما جاء تماس المرأة مع «الدين» فى المجموعة سببا لتحولها إلى أسطورة كنتيجة لصراع ليس لها فيه حيلة.
تعكس «الراقصة» احتفاء شوقى فهيم بالمرأة، وايمانه بدورها الفاعل فى الحياة، ولذلك جعل الشخصيات المحورية والرئيسية أنثوية بيدها قوة المنطق؛ تماما مثلما جعلها تتمتع بسحر الجمال الجسدى أيضا. ففى القصة الأولى تسيطر «جنفياف» على الأحداث من خلال تداعى الأحداث على لسان الحفيد الذى يُظهرها جميلة قوية، متعلمة، تدفع العشور من عمل يدها لضيقها من بخل زوجها الذى»: يساوم الرب فى مقدار العشور» وهى وحدها القادرة على الفعل الإيجابى ومجابهة أصعب المواقف خاصة تلك المتعلقة بالشرف ومحاولة الأخ التخلص من شقيقته، وهى أيضا التى تحافظ على حقوق الجيران عندما مات «الحاج عبد الكريم» لتؤجل حفل زواج ابنها. وفى المقابل تظهر الشخصيات الذكورية ضعيفة، هشة، شرهة، تقودها الحاجات البيولوجية على النقيض تماما من «جنفياف» التى تتصرف عن وعى وحكمة وحسن تدبير.
و«مارى» الجميلة تحولت إلى أسطورة فى قصة «شارعنا 1954»، والتى تحتوى أيضا على أكثر من خمس عشرة شخصية نسائية، تتصدرهن الحاجة «المقدسة» مريم . تزوجت «مارى» عنينا زواجا أبديا، وحين استجابت لنداء جسدها الفائر، كان لزاما أن تموت لتتحول إلى أسطورة تجسد الظلم والقهر باسم الشرف والدين، فما هى إلا أنموذج لأى فتاة تقع ضحية عادات وأعراف تمنع عنها الشكوى، وتعتبر شكواها خروجاً على التقاليد وانحرافاً يستوجب الحبس فى بيت الأب الذى لا يحركه سوى مشاعر الذكورة المتسلطة فى ابنته ومثيلاتها اللواتى لا خلاص لهن ولا فرار من حالة يرفضنها .
و«عائشة» التى عبرت عن شكرها وامتنانها لشفاء ابنتها العقيم، بصوم عابر للأديان، فتصوم صيام النصارى والمسلمين. وفى المقابل تأتى الشخصيات الذكورية قليلة العدد والأهمية ماعدا «موريس» الذى يمثل روح الشباب الثائر على الوضع المقلوب بعد قيام الثورة.
يمضى الكاتب ليقدم فى مجموعته نماذج بشرية عادية فى سياقات حياتية غير مفتعلة وطبيعة إلى أقصى درجة، لا تختلف بين أصحاب ديانة وأخرى حتى وهو يصف طقوس الاحتفال بليلة الغطاس وما خالطها من تورط مكرم مع ابنة خالته اعتماد كأى شاب وفتاة فى فورة الشباب، وفى ظروف احتفالية تغمر فيها السعادة القلوب، مثلما تختلط الأجساد بالمياه فتبرز مفاتن الفتيات وهن منتشيات برائحة الشواء وأعواد القصب التى يوفرها «محمود الخزاعى» لهم كعادة قديمة لعائلة الخزاعى.
ويستكمل الكاتب رسم شخصياته النسائية المميزة مثل «سلوى» البسيطة التعليم، ولكنه يضع على لسانها حكمة يؤسطر بها علاقتها مع ربها، فهى جميلة المظهر والجوهر تخجل من الحديث عن مشاكلها مع أى أحد مفضلة اللجوء إلى الله: « أنا لا أخجل حين اتكلم مع الله» .
وفى «الراقصة» التى تحمل المجموعة اسمها تظهر «مديحة» كمثال للجمال والشباب يتخلص منها عمها بعدما سمع أنها حامل، فى الوقت الذى يتمتع هو نفسه بعلاقة مع امرأة ما. مديحة تمضى مثل مارى ضحايا العفة والشرف. إذن لا يهم الاسم؛ فمارى مثل مديحة أو صفية؛ كلهن فى الهم إناث، مفعولا بهن، وإن فعلن، فلا مفر من يد الشقيق الذى يهب لغسل العار مثلما فعل «بشرى، باخته «اعتماد».
ومن الملاحظ أيضا تركيز «شوقى فهيم» على العقاب أو الجزاء الذى ينال المرأة دون الرجل، ليصور إرثا من الظلم يرى أن العقاب من نصيب المرأة، والنجاة من نصيب الرجل مهما فعل، وكأن الخطيئة أحادية القطب متعلقة بتلك المرأة الحية التى أخرجت أبانا من الجنة.
حتى فى أكثر قصص المجموعة عبثية وفانتازيا «مدام كارل « تكون كارل المسيطرة والتى تُسخر الجميع لخدمة «صافى» القطة، وكذلك «أحلام المالكى» الجميلة بعينيها السوداوين، تخترع حكايا فيصدقها رفيقها، متتبعا كلماتها كأسفار مقدسة، حتى بعد أن علم بقصة اختلاقها لكل ما تقول، فعندما يعمل القلب بقوة يتوقف العقل عن العمل حتى لو ظهرت حقيقة الخداع جلية واضحة، فما وقر فى القلب يظل مسيطرا على كل رؤى العقل.
تحدث الكاتب عن العلاقات الحقيقية دون أن يذكر كلمة واحدة من الكلمات الممجوجة والمستهلكة عن ديانة جنييفياف مثلا، وارتباطها الوثيق بعائلة محمود الخزاعى، فهو يعبر عما يريد بالمواقف، لا الكلمات الخطابية.
وهذا ليس بغريب على شوقى فهيم، فهو ليس مجرد اعلامى ارتبط اسمه بالبرنامج الثانى، وليس مجرد مترجم قدم إلينا أشهر أعمال كتاب أمريكا اللاتينية، وبعض أعمال كفافيس «فى انتظار البرابرة» وغيرها، ولكنه أيضا قاص يحمل فكرا تنويرا لا يعترف بالفواصل الاجتماعية ولا الجغرافية، أو حتى تلك الفواصل التى خلفتها عادات وتقاليد لا علاقة لها بالأديان أو المذاهب، لا هم لها إلا أن تضيق على الناس حيواتهم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.