وزيرة التخطيط: خطة التنمية لعام 2024-2025 تستهدف إتاحة 337.2 ألف وحدة سكنية    ولي العهد السعودي يؤكد لرئيس وزراء اليابان التزام بلاده بالاستمرار في إمداد طوكيو بالنفط    عار عليك.. متظاهرون يمنعون بلينكن من التحدث ويقاطعون كلمته 4 مرات متتالية    تفاصيل جلسة هشام نصر مع فريق اليد بنادي الزمالك بعد الفوز على الأهلي    بيان.. مجلس إدارة الزمالك يشيد بتصرف ياسين البحيري لاعب نهضة بركان    بالفيديو.. كاميرات المراقبة تكذب شخص زعم استبدال عملاته الأجنبية في مطار القاهرة    ناجية من حادث معدية أبو غالب: «السواق مظلوم في ناس زقت الميكروباص» (فيديو)    حبس السائق المتسبب في حادث معدية منشأة القناطر    نقيب الصحفيين: وزير الأوقاف أبدى استعداده لتنظيم تصوير الجنازات داخل المساجد    قبل عرضه غدًا.. برومو «تاني تاني» ل غادة عبدالرازق يحصد 6 مليون مشاهدة    "مبقيش كتير".. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    أزهري: ليس من حق الآباء إجبار بناتهم على ارتداء الحجاب    حجازي: نتجه بقوة لتوظيف التكنولوجيا في التعليم    حزب الله يشدد على عدم التفاوض إلا بعد وقف العدوان على غزة    قرار جديد ضد سائق لاتهامه بالتحرش بطالب في أكتوبر    خصومات تصل حتى 65% على المكيفات.. عروض خاصة نون السعودية    تكنولوجيا رجال الأعمال تبحث تنمية الصناعة لتحقيق مستهدف الناتج القومي 2030    «رفعت» و«الحصري».. تعرف على قراء التلاوات المجودة بإذاعة القرآن الكريم غدا    محمد عبد الحافظ ناصف نائبا للهيئة العامة لقصور الثقافة    مدير مكتبة الإسكندرية: لقاؤنا مع الرئيس السيسي اهتم بمجريات قضية فلسطين    رفقة سليمان عيد.. كريم محمود عبدالعزيز يشارك جمهوره كواليس «البيت بيتي 2»    المصري يفوز على النصر القاهري بهدفين لهدف وديا استعدادا لمودرن فيوتشر    الأعلى لشئون الإسلام وقيادات الإعلام يتوافقون على ضوابط تصوير الجنازات    أستاذ بالأزهر: الحر الشديد من تنفيس جهنم على الدنيا    أمين الفتوى بدار الإفتاء: سداد الدين مقدم على الأضحية    وكيل «صحة الشرقية» يتفقد سير العمل والخدمات الطبية بمستشفى الحسينية    هل وصل متحور كورونا الجديد FLiRT لمصر؟ المصل واللقاح تجيب (فيديو)    تأثير استخدام مكيفات الهواء على الصحة.. توازن بين الراحة والمخاطر    وزيرة الهجرة: نحرص على تعريف الراغبين في السفر بقوانين الدولة المغادر إليها    رئيس الوزراء يتابع موقف منظومة رد الأعباء التصديرية    عبارات تهنئة عيد الأضحى 2024.. خليك مميز    سامح شكرى لوزيرة خارجية هولندا: نرفض بشكل قاطع سياسات تهجير الفلسطينيين    عاجل| أسوشيتد برس تعلن تعليق إسرائيل خدمات الوكالة في غزة    جنايات المنصورة تحيل أوراق أب ونجليه للمفتى لقتلهم شخصا بسبب خلافات الجيرة    موقع إلكتروني ولجنة استشارية، البلشي يعلن عدة إجراءات تنظيمية لمؤتمر نقابة الصحفيين (صور)    لست وحدك يا موتا.. تقرير: يوفنتوس يستهدف التعاقد مع كالافيوري    جيفرى هينتون: الذكاء الاصطناعى سيزيد ثروة الأغنياء فقط    لمواليد برج الثور.. توقعات الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024 (تفاصيل)    العثور على جثة طفل في ترعة بقنا    «نجم البطولة».. إبراهيم سعيد يسخر من عبدالله السعيد بعد فوز الزمالك بالكونفدرالية    ب ممارسات حاطة بالكرامة والتقييد.. شهادات توثق تعذيب الاحتلال ل معتقلي غزة (تقرير)    محافظ أسيوط: مواصلة حملات نظافة وصيانة لكشافات الإنارة بحي شرق    "سيارة الغلابة".. انخفاض أسعار بي واي دي F3 حتى 80 ألف جنيه (صور)    زراعة النواب تقرر استدعاء وزير الأوقاف لحسم إجراءات تقنين أوضاع الأهالي    وزير الري: إيفاد خبراء مصريين في مجال تخطيط وتحسين إدارة المياه إلى زيمبابوي    «غرفة الإسكندرية» تستقبل وفد سعودي لبحث سبل التعاون المشترك    حارس مرمى مانشستر سيتي يقترب من الانتقال إلى الدوري السعودي    وزير الأوقاف: انضمام 12 قارئا لإذاعة القرآن لدعم الأصوات الشابة    «بيطري المنيا»: تنفيذ 3 قوافل بيطرية مجانية بالقرى الأكثر احتياجًا    «الشراء الموحد»: الشراكة مع «أكياس الدم اليابانية» تشمل التصدير الحصري للشرق الأوسط    في اليوم العالمي للشاي.. طريقة تحضير «بسكويت الماتشا» في المنزل    روسيا تفشل في إصدار قرار أممي لوقف سباق التسلح في الفضاء    «ختامها مسك».. طلاب الشهادة الإعدادية في البحيرة يؤدون امتحان اللغة الإنجليزية دون مشاكل أو تسريبات    اليوم.. «خارجية النواب» تناقش موازنة وزارة الهجرة للعام المالي 2024-2025    شبانة: مندهش من الأحداث التي صاحبت مراسم تتويج الزمالك    مندوب مصر بالأمم المتحدة لأعضاء مجلس الأمن: أوقفوا الحرب في غزة    ميدو: غيرت مستقبل حسام غالي من آرسنال ل توتنهام    استعدادات وترقب لقدوم عيد الأضحى المبارك 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفوضي والركود والجمود إلي جانب عمليات التحديث وبناء المدن المتطورة
نشر في نهضة مصر يوم 17 - 05 - 2010

حال الدول العربية مليء بالمتناقضات، فتسيطر الفوضي ويخيم الركود والجمود علي الشارع العربي، مع وجود الثروات الهائلة وسرعة عملية التحديث وبناء المدن المتطورة الجديدة وزيادة الاستثمارات. كل هذا يوجد جنبًا إلي جنب مع تفشي الأمية والجهل بين الشعوب العربية، مما ينبئ بحدوث كارثة حقيقة تهدد مستقبل الأمة العربية.
هذه كانت مقدمة للدراسة التي أعدها دافيد أوتاوي David B. Ottaway _ الباحث الكبير بمركز وودرو ويلسون للخبراء الدوليين، والذي كان يعمل صحفيا ورئيس مكتب واشنطن بوست في الشرق الأوسط الموجود بالقاهرة في الفترة من 1971-2006 والتي حملت عنوان " The Arab Tomorrow غد العرب" والمنشورة بدورية "ويسلون Wilson Quarterly" عدد شتاء 2010 الصادرة عن "مركز وودرو ويسلون الدولي للباحثين Woodrow Wilson International Center for Scholars".
محاولات الوحدة التاريخية والفشل المستمر
يستعرض الكاتب ماضي العرب التليد وكيف أنهم يختلفون عن باقي الأمم لأن لديهم روابط مشتركة في اللغة والدين والأعراق لا تتوافر لأي أمة أخري . وكذلك يتحدث عن العهود الذهبية للعرب والمسلمين في ظل الخلافات القوية في دمشق وبغداد . كذلك يشترك العرب في نضالهم ضد المستعمر الأجنبي الفرنسي والبريطاني الذي سنحت له الفرصة لاحتلال أراضي العرب بعد ضعف الخلافة العثمانية وانتهاء حكمها إبان الحرب العالمية الأولي عام 1914.
وكان نتيجة ذلك قيام عصبة الأمم بوضع الأراضي المنتمية للدولة العثمانية تحت الوصاية الفرنسية والبريطانية، وكانت هذه بداية ضعف وتفكك الأمة العربية. وبعد ذلك بعقود قليلة قامت سبع دول عربية بتوقيع ميثاق إنشاء جامعة الدول العربية عام 1945 كمحاولة لتقوية شوكة العرب واتحادهم لمواجهة العدو الصهيوني المحتل لأرض فلسطين. ولكن لم يفلح إنشاء الجامعة العربية في درء هذا الخطر فصدر قرار من الأمم المتحدة عام 1947 بتقسيم فلسطين إلي دولتين فلسطينية ويهودية مع تدويل مدينة القدس.
ولقد حاول العرب الدفاع عن أرض فلسطين بكل إمكانياتهم ودخلوا في حرب مع العدو الصهيوني عام 1948 إلا أنها انتهت بخسارة العرب لأرض فلسطين، ونجاح العدو الصهيوني في تأسيس دولة إسرائيل فيما عرف ب" النكبة".
دور مصر كقوة إقليمية كبري من التفوق للانحدار
يبتدئ الكاتب الحديث عن مصر باعتبارها من أكبر القوي الإقليمية الموجودة في المنطقة العربية، ودورها الرائد وزعامتها والتي كانت في قمتها في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، الذي كان يقود العرب لتحقيق حلم القومية العربية والتخلص من القوي الاستعمارية وتحرير كل البلاد العربية الخاضعة للمحتل . وقد قام بتحقيق الجلاء البريطاني عن مصر بعد ثورة 1952 التي حررت الشعب المصري من النظام الملكي الفاسد، وعمل علي تحقيق النهضة الشاملة في البلاد زراعيا، وصناعيا، وعسكريا.
كما قام بمساعدة عديدٍ من حركات التحرر التي قامت في البلاد العربية الخاضعة للاستعمار، في الجزائر والسودان، وكذلك الثورات التي حدثت في مجموعة أخري من البلدان ضد نظم الحكم في العراق، وسوريا، وليبيا.
بالإضافة إلي قيامه بتوجيه ضربة قوية للقوي العظمي بريطانيا وفرنسا عندما قام بتأميم شركة قناة السويس عام 1956، ما أعقب ذلك من العدوان الثلاثي علي مصر من قبل فرنسا وبريطانيا وإسرائيل، والتفاف العرب أجمعهم خلف مصر لمؤازرتها . واستطاع أن يؤكد مكانة مصر دوليا من خلال الاشتراك في تأسيس حركة عدم الانحياز ورئاستها. ولكن نجم عبد الناصر أخذ بالخبو في أعقاب هزيمة 1967 إلي أن توفي عام 1970.
ثم خلف عبد الناصر السادات الذي قدم نموذجًا مختلفًا للقيادة، فقد كانت أفكاره جريئة ومتجددة. فقام بالتحول عن النظام الاشتراكي الذي وضعه عبد الناصر إلي سياسة "الانفتاح" الهادفة إلي تحرير الاقتصاد، وعمل علي تشكيل نظام سياسي جديد يقوم علي تعدد الأحزاب بدلاً من نظام الحزب الواحد. وحقق نصرًا أسطوريا علي إسرائيل في السادس من أكتوبر عام 1973 واسترد سيناء من خلال قراره بالدخول في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل.
وبعد زيارته للقدس عام 1977، مضي السادات قدمًا لعقد اتفاقية سلام ثنائية مع إسرائيل والتي تم توقيعها عام 1979، الأمر الذي استفز وأثار حفيظة الدول العربية وقررت الجامعة العربية طرد مصر ونقل المقر إلي تونس بدلاً من القاهرة وأدي هذا لإنهاء زعامة مصر للعالم العربي . ولكن لا يوجد أدني شك _ كما قال أوتاوي - في أن السادات عمل بشكل فردي علي تغيير مسار تاريخ الشرق الأوسط.
وبعد اغتيال السادات عام 1981 علي يد المتطرفين الإسلاميين، جاء نائبه حسني مبارك إلي الحكم، والذي كان حكمه بداية نهاية التفوق والزعامة المصرية في العالم العربي . فيري أوتاوي أن حسني مبارك لم يستطع خلال سنوات حكمه التسعة والعشرين أن يملأ مكان أسلافه.
ولقد حاول العرب بعد اغتيال السادات البحث عن اتجاهاتهم الأيديولوجية، ولم يعد هناك مكان للأيديولوجيات القديمة كالاشتراكية العربية، والقومية العربية، والوحدة العربية . ولكن كان هناك نظامان لا يزالان متمسكين بهذه الشعارات وهما : حافظ الأسد في سوريا وصدام حسين في العراق، وكانا غير قادرين علي الاضطلاع بمهام الزعامة للأمة العربية، وخالفا المبادئ التي يؤمنان بها .فعمل حافظ الأسد علي مد نفوذه لجارته لبنان، فيما أصبح صدام حسين الذي تولي السلطة في العراق عام 1979 شخصًا معزولاً دوليا بسبب غزوه لجارته الكويت عام1990.
التحديات التي تواجه الأمة العربية وتعوق وحدتها.
مع مرور الوقت ثبت زيف الأحلام والطموحات العربية نحو الوحدة، فالدول العربية ال(22) أعضاء الجامعة العربية، الذين يمثلون 350 مليون مواطن عربي أصبحوا يعيشون في حالة من الفوضي والشجار والفرقة والانقسام اللامتناهي، علي الرغم من وجود كيانات إقليمية صغيرة أدت إلي تحقيق تقدمٍ صغيرٍ نحو الوحدة العربية مثل: مجلس التعاون الخليجي، والاتحاد المغاربي (ليبيا، تونس، الجزائر والمغرب).
عرض الكاتب لعديد من الأزمات التي تمثل تحديا كبيرًا أمام الوحدة العربية منها:
أ- الحروب الأهلية التي قطعت أوصال الأمة العربية في ( السودان، لبنان والصومال).
ب- تصاعد نفوذ الحركات الإسلامية المسلحة في كل من( الجزائر، العراق والصومال).
ج- انتشار الاحتقانات الطائفية بين السنة والشيعة في ( العراق، لبنان والبحرين).
د- نشاط التيار الإسلامي المتشدد ضد الفكر الوسطي المستنير في كل من مصر والجزائر والمملكة العربية السعودية، بالإضافة لانتشار الإرهاب المتمثل في تهديدات تنظيم القاعدة والتنظيمات المنتمية لها في الدول العربية - خاصة في العراق والسعودية - بالإضافة للحركات المتطرفة الأخري.
ويؤكد أوتاوي أن أخطر هذه التحديات هو الانقسامات بين السنة (90% من سكان الوطن العربي) والأقلية من الشيعة المتمركزين في العراق ولبنان والبحرين، والذي ظهر في العصور الإسلامية الأولي وازدادت حدته مع قيام الثورة الإسلامية الشيعية في إيران وإنشاء الدولة الثيوقراطية. وبمرور الوقت تصاعد نفوذ إيران في المنطقة في محاولة لدعم الأقليات الشيعية الموجودة في الدول العربية ذات الأغلبية السنية، بالإضافة للتهديدات الناتجة عن تطوير إيران لقدراتها النووية.
عملت الثورة الإسلامية لإيرانية (عام 1979) علي إدخال الدين في الخطاب السياسي في الدول العربية، وازداد هذا الأمر مع الغزو السوفيتي لأفغانستان في العام ذاته، وذهاب عديدٍ من المجاهدين من الدول العربية والإسلامية لمناصرة مسلمي أفغانستان ضد العدو السوفيتي الملحد.
وبعد انتهاء الحرب، عاد هؤلاء المجاهدون لبلادهم بعدما أشربوا الفكر السلفي المتطرف وقاموا بمهاجمة الأوضاع الفاسدة في بلادهم وأصدروا أحكامًا بتكفير مجتمعاتهم، وقاموا بأعمال عنف واغتيالات لرموز التنوير في هذه البلاد، الأمر الذي قوبل بالقمع من قبل النظم الحاكمة. ولكن هناك طريقة أخري اتخذها الإسلاميون لبسط نفوذهم علي الحياة السياسية بعيدًا عن العنف وهي الانخراط في العمل السياسي في دولهم، ففاز الإسلاميون علي سبيل المثال في الانتخابات البرلمانية في الجزائر عام 1992، وفي مصر 2005.
الجمود السياسي سمة الأنظمة العربية
يري أوتاوي أن الحرب الأمريكية علي العراق عام 2003 كان لها أكبر الأثر في زيادة نفوذ الحركات الإسلامية المسلحة وزيادة الاحتقانات بين السنة والشيعة . فمع سقوط نظام صدام حسين انتهي الحكم السني في العراق، وأتيحت الفرصة لأول مرة للأغلبية الشيعية المشاركة في الحياة السياسية وتم تكوين أول حكومة عراقية يتولاها رئيس وزراء شيعي في أعقاب الانتخابات البرلمانية عام 2005، ولم يتم إعطاء العناصر السنية فرصًا حقيقية للمشاركة في العملية السياسية الأمر الذي دفع بعديدٍ من السنة الانضمام للمليشيات المسلحة التابعة للقاعدة والقيام بأعمال عنف تستهدف الشيعة.
ومع زيادة نفوذ الإسلام السياسي في الدول العربية، تتراجع كل الفرص التي قد تقدمها النظم الأوتوقراطية التي تحكم العالم العربي للإصلاح، بالرغم من أن هذه الفرص لا طائل من ورائها _ علي حسب تعبير أوتاوي _ ولا تقدم جديدًا لأن جميع المحاولات الإصلاحية السابقة كانت نتاج أفكار الغرب.
ويؤكد أوتاوي أن الجمود السياسي الحالي الذي ينتشر في أغلب النظم العربية أدي إلي فقدان عملية تداول السلطة فيها، وضرب مجموعة من الأمثلة علي استمرار الحكام العرب في مناصبهم لفترات طويلة (الرئيس مبارك يحكم مصر منذ 29 عامًا، الرئيس معمر القذافي يحكم ليبيا منذ 40 عامًا، الرئيس التونسي زين العابدين بن علي يحكم لمدة22 عامًا).
ولا تقصر هذه الظاهرة علي النظم الجمهورية فقط، فهي متجذرة في النظم الملكية فالعائلات الملكية في دول الخليج تحكم منذ عشرات السنين، كذلك الأمر في المملكة المغربية حيث تحكم الأسرة المالكة منذ عام 1666 ميلادية.
ثم ينتقل أوتاوي للحديث عن ظاهرة التوريث في العالم العربي ويؤكد أنها انتقلت من النظم الملكية للنظم الجمهورية أيضًا، فبدأت سوريا في هذا عندما توفي الرئيس حافظ الأسد عام2000، وخلفه ابنه بشار _ الذي تم تعديل الدستور من أجله ليصبح سن رئيس الجمهورية 35 عامًا بدلاً من 40 _ كما يسعي كل من مبارك والقذافي والرئيس اليمني علي عبد الله صالح لإعداد أبنائهم لخلافتهم .
تراجع الدعم الأمريكي للديمقراطية
في أعقاب الحرب الأمريكية علي العراق 2003، قامت إدارة بوش بوضع أجندة لترويج الديمقراطية في العالم العربي باعتبار أن توفير مناخ الحرية والديمقراطية في الدول العربية والقيام بإصلاحات شاملة علي المستوي السياسي يمكن أن يؤدي إلي تقليل العنف والإرهاب.
فدعت إدارة جورج بوش حليفتها في المنطقة - مصر والسعودية - بالعمل علي إجراء إصلاحات علي المستوي السياسي لكي يكونا نموذج الديمقراطية في المنطقة. وبرغم رفض الدول العربية الإملاءات الأمريكية والتأكيد علي أن الإصلاح لابد أن يأتي من الداخل، قدمت هذه الدول مجموعة من الإصلاحات الشكلية من قبيل إجراء انتخابات محلية وبرلمانية، تخفيف الرقابة علي الصحف، والسماح بوجود أحزاب معارضة شكلية.
ولقد نتج عن هذه الإصلاحات _ خاصة الانتخابات البرلمانية في الدول العربية - إلي بروز دور الإسلاميين ذوي التوجهات المحافظة، فأسفرت الانتخابات الخاصة بمجلس الشوري السعودي عن فوز السلفيين علي المعتدلين، كذلك أسفرت الانتخابات التشريعية في مصر عام 2005 عن فوز الإخوان المسلمين ب88 معقدًا في مجلس الشعب المصري. وأخيرًا نتج عن الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006 فوز حماس.
وقد أدي هذا إلي تراجع إدارة بوش عن الترويج للديمقراطية، واستوعب باراك أوباما هذا الدرس فلم يركز علي قضية الترويج للديمقراطية، بالرغم من انتقاده بشدة من قبل مناصري حقوق الإنسان _ المحافظين والديمقراطيين علي السواء _ بسبب تخليه عن مهمة الولايات المتحدة لنشر الديمقراطية في العالم العربي.
إن تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والثقافية في الدول العربية خلقت حالة من عدم الرضا بين المواطنين، كما أدي إلي تراجع دورها علي الصعيد الدولي. فوفقًا لتقرير التنمية البشرية عام 2002 بلغ عدد الأميين في الوطن العربي 65 مليون نسمة معظمهم من النساء، كما يعيش كل خمسة أفراد علي أقل من 2 دولار يوميا. وبلغت نسبة البطالة في العالم العربي خاصة في شمال إفريقيا عام 2008 (15%)، وبلغت أعلي نسب لها في كل من الجزائر(25%) ومصر (17%).
تراجع نفوذ القوي الإقليمية لصالح دويلات الخليج
ولقد بدأ نفوذ القوي الإقليمية الكبري (مصر-السعودية) في التراجع أمام الدويلات الصغيرة في الخليج التي تمتلك ثروات هائلة نتجت عن امتلاكها للنفط، والتي نمي اقتصادها بشكل سريع خلال السنوات الأخيرة وانفتحت علي السوق العالمية من خلال العمل علي إنشاء الاستثمارات الضخمة في العديد من دول العالم، كما انفتحت علي الثقافة الغربية وقامت بتحسين مستوي التعليم بها، فاستضافت أكبر وأشهر جامعات العالم لتحمل حركة التحديث لكل الدول بالمنطقة ولتقوم بدور ريادي مستمد من نفوذها المادي.
بالإضافة إلي ذلك تحاول هذه الدويلات القيام بدور سياسي بديل للقوي الإقليمية الكبري، وعلي رأس هذه الدول قطر، ففي أعقاب الحرب الإسرائيلية الأخيرة علي غزة قامت قطر بتجاهل مكانة مصر والسعودية كقوي إقليمية لها وزنها ودعت لعقد قمة عربية طارئة لمناقشة الموضوع، ولم يستجب للدعوة سوي 14 دولة وقاطعتها مصر والسعودية وبقية الدول.
مستقبل العالم العربي السيناريوهات المحتملة
يختتم الكاتب مقاله بالقول بأن دور مصر كقوي إقليمية في المنطقة بدأ في التراجع مع بداية عصر مبارك إلي حد التلاشي، وأن الوضع لن يتغير بعد مبارك لأن الوضع في العالم العربي تغير بصورة لا رجعة فيها، وأن الدول العربية لن تكترث بعودة الدور الريادي لمصر لأنه لا يوجد نموذج مصري للتنمية السياسية والاقتصادية يمكن أن يحتذي به. ولذلك فإن كل نظريات ورؤي التغيير والتطوير تأتي الآن من الدويلات الصغيرة في الخليج التي تتخذ النموذج الغربي في التحديث، ونظمها قابلة للتطوير علي العكس من النظام المصري المتسم بالجمود . ويؤكد أن الدول العربية تستمد حيويتها من تراجع الدور المصري.
ويضع أوتاوي سيناريوهين لمستقبل الوطن العربي، تتمثل في الآتي:
النموذج الأول: النموذج المتمثل في قيادة الدول الخليجية ذات الثروات الطائلة.
النموذج الثاني: النموذج الإسلامي المحافظ القائم علي التمسك بأحكام الشريعة، والذي يروج له الأصوليون.
ويختتم مقاله بالتأكيد علي أن الوحدة العربية باتت سرابًا سواء علي المستوي الاقتصادي أم السياسي، فعلي المستوي الاقتصادي تتجه الدول العربية المصدرة للبترول والغاز الطبيعي للتعاون مع الدول غير العربية، فدول الخليج تتجه شرقًا للتعاون مع الهند والصين وباقي الدول الآسيوية، في حين تفضل دول المغرب العربي التعاون مع دول الاتحاد الأوروبي.
وعلي الصعيد السياسي لا توجد رؤية سياسية متجددة موحدة تتفق عليها الدول العربية لحل القضايا المعاصرة، وتواجه بها المد الإسلامي، وتكتفي فقط بالحفاظ علي مخزون من الأفكار التاريخية البالية التي لا تصلح لهذا العصر الأمر الذي ينذر بكارثة حقيقية تهدد مستقبل هذه المنطقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.