في شهر يناير عام 2001 ثارت أزمة مكتومة في العلاقات المصرية الأمريكية بسبب ما وصفته القاهرة بالتدخل في سعر صرف الجنيه المصري علي خلفية مطالبات مصرية بانشاء منطقة للتجارة الحرة بين مصر والولايات المتحدة. في أواخر الشهر ذاته خرجت الأزمة " المكتومة" الي العلن عندما تحدث عنها الرئيس مبارك بنفسه خلال افتتاح فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب واتهم جماعة " كهنة آمون" بالتلاعب في سعر صرف الجنيه المصري. وبالمناسبة، وقتها لم تنشر أي جريدة مصرية إلي تصريحات الرئيس بخصوص كهنة آمون سوي جريدة " إجيبشيان جازيت" المصرية التي تصدر باللغة الانجليزية، أي التي يقرأها الخواجات فقط وليست موجهة لعامة الشعب من المصريين. ما علينا، وقبل ما اقطع نفسكم معايا، ح اقول لكم أنا عاوز أقول إيه: ببساطة كده: ما هي جماعة كهنة آمون وإيه حكايتها وأين هي الآن؟ وما هو دورها في الاقتصاد المصري؟! وهل لهذه الجماعة دور في تعطيل تنفيذ البرنامج النووي المصري؟!..سؤال بسيط بس عويص.. تعالوا ناخدها واحدة واحدة. الكهنة في مصر القديمة انقسموا الي طبقتين رئيسيتين هما: "الحم نيتر "التي تعني خادم الإله و "الوعب "التي تعني الطاهر وهم جماعة من الكهنة حليقي الرؤوس تماما ( صلع يعني خلوا بالكم من الحتة دي!) يقومون بتنظيف قدس الأقداس ومكان المعبود وتطهيره بينما يقوم أفراد " الحم نيتر" بتلاوة الشعائر وتقديم القرابين في حضور الفرعون ابن الإله، وهو الوحيد المسموح له بدخول قداس الأقداس. طيب إيه حكاية جماعة كهنة آمون اللي اتهمها الرئيس مبارك عام 2001 بالتلاعب في أسعار الصرف، أو بالبلدي كده: التاثير علي الاقتصاد المصري؟ ورغم ان هذه الجماعة تضم عددًا من رجال الأعمال من ذوي الجنسية المصرية الأمريكية المزدوجة، فإن متحدثًا باسم السفارة الأمريكية آنذاك وصفها بأنها ليست سوي حلقة للنقاش!! وذكر بيان رسمي صادر عن هيئة المعونة الأمريكية في القاهرة إن جماعة كهنة آمون أنشئت في عام 1985 بموافقة الحكومة المصرية. ونقل البيان عن مصدر مسئول بالهيئة قوله إن نحو 25 إلي 30 فردًا يمثلون القطاع الخاص المصري يلتقون مرتين في السنة؛ لكي يناقشوا بصورة غير رسمية تقدم الإصلاحات الاقتصادية المصرية والأحداث الأخيرة في مجال الاقتصاد والأعمال". ويحضر الاجتماع السفير الأمريكي ومدير هيئة المعونة الأمريكيةبالقاهرة وموظفوها وموظفو السفارة كمراقبين وليس كمناقشين أو مشاركين. وما يقال فيها لا ينسب لأحد.. ويمثل مجرد مناقشة مفتوحة ". وأضاف المسئول أن محاضر النقاش ترسل إلي رئيس الوزراء وغيره من وزراء الحكومة المصرية. وبعد أن تتاح لهؤلاء الوزراء فرصة التعقيب "يوزع التقرير علي مجموعة أوسع من الأفراد بالقطاعين الخاص والعام في مصر وإن "مناقشات كهنة آمون لا تتضمن أية توصيات سياسية أو نتائج رسمية". يعني الجماعة دول بيقعدوا مع مسئولين أمريكيين ويفتحوا موضوعات تتعلق بالاقتصاد والأعمال، أي أنهم بيفتحوا بطن البلد لأن الاقتصاد والاعمال يتداخل فيهما كل شييء في مصر. هؤلاء الكهنة بيعملوا زي ما عمل كهنة آمون في الاسكندر الاكبر عندما ذهب اليهم في معبد الههم في سيوة حين اقنعوه انه ابن الاله !! أي أنهم يسمعون الأمريكان ما يودون سماعه لارضائهم ونيل البركة والحظوة لديهم. وعشان علي رأي أبلة نظيفة في إعلانات مساحيق الغسيل " القطنة ما بتكذبش" فان التاريخ أيضا يؤكد ان الاسكندر الاكبر عندما عاني من تأنيب الضمير بسبب العدد الهائل من البشر الذين لقوا حتفهم في الحروب التي خاضها لتوسيع مملكته، قال له الكهنة إن والده آمون يريد الحديث معه وعندما سأل ما إذا كان من قتلوا يستحقون القتل ردا عليه كبير كهنة آمون أن الاله يبلغه انهم جميعا يستحقون القتل..فارتاح ضمير الاسكندر وكسب الكهنة ثقته. هذا هو المعني، الكهنة يعرفون ماذا يريد الاسكندر أن يسمع فيسمعونه ما يريد سماعه ولا يكتفون بتنفيذ أوامره بل أنهم يفتشون ويبحثون وينقبون عما يجول في خاطره حتي يسايروا الاتجاه الذي يفكر فيه. المهم، أنني كنت في أواخر عام 2000 قد فجرت قضية "كهنة آمون" في جريدة " العالم اليوم " الاقتصادية عندما كنت مديرا لتحريرها مسئولا عن أحد ملاحقها. مؤخرا التقيت بأحد المسئولين الذين تابعوا هذا الموضوع وأصداءه وسألني: انت عارف إن أبرز أعضاء كهنة آمون هم من يقفون ضد اختيار الضبعة موقعا لانشاء أول محطة نووية سلمية في مصر. فسألته: لماذا؟ فأجاب: لتحقيق بعض المصالح الشخصية لهم. وسألت مرة أخري، وما مصلحة الأمريكان، فقال: لتعطيل المشروع عدة سنوات أخري يكون فيها موقف الطاقة في مصر قد تغير!