في يوم 1 مارس 1811 دعا محمد علي باشا زعماء المماليك إلي القلعة بحجة أنه سوف يقيم حفلا لتوديع الجيش الخارج لمحاربة الوهايين وحين أتوا في أبهي زينتهم أغلق عليهم الأبواب الضخمة وأطلق عليهم النيران ليكون صاحب أكبر مذبحة في تاريخ الوطن العربي... ولكن هاهم الأخوة الجزائريون يتفوقون عليه في مذبحة أشد ضراوة وقسوة من مذبحة القلعة لأنها تتسم بالخسة والدونية وإنكار الجميل ويتوافر فيها كل شروط سبق الإصرار والترصد.. ربما كان محمد علي باشا له أسبابه في التخلص من الجنود الذين حاولوا قتله يوما للتفرد بالزعامة أما أخواننا الناطقون بلغة الضاد فهم بلا حُجة ولا مبرر سوي الحقد والخيانة التي تسير في عروقهم بدلا من دماء العروبة... لقد وقعت في يدي نسخة من جريدة "الشرور الجزائرية" (عفوا أعني الشروق!!) الصادرة بتاريخ 16نوفمبر تتحدث من أول سطر حتي آخر سطر فيها عما تعرض له الجزائريون المسالمون في مصر من إهانة وضرب واعتداءات وتحرشات بالنساء وكيف تعرض الطلبة الجزائريون في مصر إلي الحصار ومُنعوا من دخول محاضراتهم (حاجة تقطع القلب فعلا!!)... كما أن الجريدة انفردت أيضا بنشر عنوان يقول بالنص: ((ذاهبون إلي السودان لمعركة الثأر وسنريهم "الرجالة" الجزائريين)) وعنوان آخر يتوعد ((حرام أن تُراق دماء جزائريين في مصر من أجل مباراة واللازم القصاص من البلطجية))!! لقد كان واضحا لأي أعمي أو جاهل بلا منطق أننا ذاهبون إلي مجزرة وتأكدت مخاوفنا حين اختفت كل الأسلحة البيضاء من السودان قبل ثلاثة أيام من موعد المباراة علي يد الجزائريين... السؤال الذي يفرض نفسه الآن: أين كانت السفارة المصرية في الجزائر في خضم هذه الأحداث ولماذا لم يبادر أحد بتنبيهنا أو علي الأقل طلب قوات خاصة لحماية أبنائنا في مذبحة أم دُرمان.. هل رخصنا إلي هذا الحد؟ هل هانت علي كل مسئول أرواح أبناء وطنه؟ أم هو فقط استخفاف بحجم المعركة؟!.. في جميع الحالات هي غلطة الجميع بدءا بالسفارة التي لم تقدم الحماية، والإعلام الذي أشعل نار الفتنة، والمسئولون الذين اكتفوا بالمشاهدة ومصمصة الشفاة.. في عام 1976 أُقيمت مباراة بين مصر والجزائر في الجزائر انتهت بالتعدي بالضرب من قبل المشجعين ثم من قبل الشرطة الجزائرية علينا... ولم نتعلم!! في عام 1984 عُقدت مباراة بين مصر والجزائر في تصفيات دورة الألعاب الأوليمبية للنهائيات في لوس أنجلوس أنهاها الخصوم بافتعال خناقة حتي أنهم تعدوا علي قوات الشرطة المصرية بالضرب... ولم نأخذ حذرنا!! مازال العالم يتهمنا بالقسوة تجاه هؤلاء الأبرياء بالرغم من كل المواقع الكروية السابقة وغيرها في المجالات الرياضية الأخري وكل ما يشغل بال الفيفا كيف توقع عقوبة علينا من جراء اعتدائنا السافر عليهم فوق أرضنا!!..إن هؤلاء الوحوش تجردوا من كل معاني الإنسانية والأخوة تجاه بلد من المفترض أنهم يدينون له بكل الفضل والولاء...إن مصر هي أرض الحضارات في تاريخ الإنسانية لها مواقفها الواضحة المتميزة مع كل الدول العربية الشقيقة وفي المقابل لم تطلب أبدا من أحد رد الجميل لأنها وحدها قادرة علي التصدي لمواقفها دون مؤازر... من منهم يستطيع إنكار الثروة المصرية التي نمتلكها من كتاب ومفكرين وسياسيين ولاعبي كرة وفنانين وأطباء ومعلمين ومناضلين رفعوا اسم مصر عاليا علي مر الأزمنة...فأين هم من كل هذا؟!.. إذا نظرنا علي صعيد دول إفريقيا العربية نجد مصر قد دعمت استقلال ليبيا وتونس والمغرب أما العراق فقد دعمت مصر ثورتها (ثورة 14 يوليو) التي تفجرت لتسقط حلف بغداد، كم من أبنائنا استشهدوا في حرب العراق والكويت؟! وكيف ينسي العالم مساندتنا الدائمة للقضية الفلسطينية؟!... إننا لا نُعاير أحدا فالتضحية من شيم الكبار.. دعونا نقول إنها تذكرة لعل الذكري تنفع المؤمنين!!. من اليونان في 20 مارس 1956م بغرض نقل الأسلحة إلي الجزائر، وبالفعل فقد قامت هذه السفينة بنقل الشحنة التاسعة إلي منطقة الأوراس وقسنطينة عبر تونس...إن التاريخ أيها السادة لم ينس ولن يحرف... قد يتناساه البعض ولكن ها أنا أقدم تذكرة لأجيال ربما لم تسمع ولم تقرأ ولكن وجب عليها أن تعلم لتسير مرفوعة الرأس وتعتز بمصريتها التي لن نسمح لأي شخص بالاقتراب منها فنحن أصحاب فضل علي الجميع وعلي مر التاريخ لم نطلب ثمن الواجب لأننا شعب عريق تربي علي قيم الشهامة والاحترام والرجولة... ما حدث مع فريقنا القومي وجماهيرنا المصرية من رجال ونساء وأطفال ذهبوا من منطلق حب الوطن وراء فريقهم لمؤازرته كارثة مهينة تستدعي التصدي بمنتهي الحزم والقوة بلا تفريط في كرامتنا ولن يكفينا التنديد والاستنكار والشجب لأنها شعارات بصراحة (ما تأكلش عيش)... يجب اتخاذ إجراءات حازمة من قطع العلاقات السياسية بهذه الدولة الحاقدة الكارهة كما وصفها المواطن المصري السيد علاء مبارك لا فض فوه مدافعا عن وطنيته وثائرا لكرامة كل مصري، ويجب أيضا دون تردد سحب استثماراتنا التي تُقدر بمليارات في الجزائر ومقاطعة كل ما هو جزائري وعدم المشاركة في أي مؤتمر أو مهرجان تدعمه الجزائر فمصر هي من صنعت لهم تاريخا وانسحابنا سوف يعني الشطب علي تواجدهم الحالي... في مشهد رمزي خالد من فيلم "الأرض" للمخرج يوسف شاهين كانت فيه أهالي البلدة في حالة عراك ونزاع حتي جاءهم فرد من الفلاحين يجري وهو يهتف مذعورا: "جاموسة أبو سويلم وقعت في الترعة يا رجالة"... فجري الجميع صوب الترعة وتشابكت أيديهم من أجل إنقاذ الجاموسة... إنها مصر أيها السادة... إنها تقوم بدور كل أفراد القرية متجمعين في كل مرة تسقط فيها الجاموسة في الترعة.. الدور الذي يجب أن تقوم به كل الدول العربية متحدين... ولكن في المرة القادمة ابحثوا لكم يا أولاد العم عن يد أخري تتعلقون بها وتذكروا أنكم عضضتم اليد التي امتدت إليكم... يا ولاد سويلم...