تُعتبر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID الوكالة الأساسية الأمريكية المسئولة عن توظيف القدر الأكبر من المساعدات والمعونات التي تقدمها الولاياتالمتحدة. وأُنشئت الوكالة في عام 1961 اعتمادًا علي قانون المساعدات الخارجية Foreign Aid Act؛ لتوجيه المعونات إلي الدول المتضررة من الحرب العالمية الثانية. وفي الآونة الأخيرة ازدادت أهميتها كأداة من أدوات السياسة الخارجية الأمريكية. وعادة ما تركز برامج المعونات علي مكافحة انتشار الأوبئة والأمراض ومكافحة الفقر وخفض معدلاته وتشجيع الإصلاحات الديمقراطية وتشجيع النمو الاقتصادي. وتعتبر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID هيئة حكومية فيدرالية مستقلة. تعتمد الوكالة في الوقت الحالي في تنفيذ برامجها وأنشطتها علي رؤية وزارة الخارجية الأمريكية لأهداف السياسة الأمريكية وأولويتها، ولكن الواقع المعاصر بمستجداته السلبية والإيجابية الذي يعكس حالة من التداخل وليس التنسيق فيما بين المؤسستين ومؤسسات أخري عاملة في المجال ذاته، يفرض علي الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إصلاح ذاتها كأولوية مع تولي إدارة أوباما، وكأحد مفاتيح تفعيل البعد التنموي للسياسة الأمريكية؛ لتدارك تداعيات التركيز علي القوة الصلدة Hard Power كأسلوب للسياسة، أو تداعيات استخدام المعونات كأدوات ضغط وليس كأدوات تنموية لتحقيق مصالح سياسية آنية أثناء ولايتي الرئيس السابق جورج دبليو بوش. وفي هذا الإطار قامت اللجنة الفرعية المختصة بالتنمية الدولية والمساعدات الخارجية والشئون الاقتصادية وقضايا حماية البيئة التي يرأسها السيناتور Robert Menendez ، التي تتبع اللجنة الفرعية لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، بتنظيم جلسة استماع تحت عنوان "الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في القرن الحادي والعشرين"USAID In The 21st Century. وتحدث في تلك الجلسة أندرو ناتسيوس Andrew Natsios الأكاديمي بجامعة جورج تاون المتخصص في قضايا الدبلوماسية، والذي تحدث عن سبل تفعيل دور المعونات الأجنبية التي تقدمها الولاياتالمتحدة كأحد أدوات السياسة الخارجية الأمريكية بما يحقق أهدافها القومية الدفاعية والدبلوماسية. وكارول لانكاستر الأكاديمية بجامعة جورج تاون، وستيفن رادليت Steven Radelet من مركز التنمية الدولية Develop ment Center for Global. ويشترك المتحدثون في أنهم عملوا في برامج تابعة للوكالة، ولهم خبرة عملية في مجال التنمية الدولية بجانب الرؤية الأكاديمية النظرية. أوضحت المناقشات أن الأسباب والدوافع وراء تزايد الحرص علي تفعيل دور الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID هي دوافع متشابكة، مما يدفع في اتجاه البحث في أسباب تراجع دور الوكالة، وكذلك البحث عن سبل تفعيلها لثلاثة أسباب. أولها: استعادة البعد التنموي للسياسة الخارجية الأمريكية باعتباره أحد أهم أركان الأمن القومي الأمريكي بجانب الدفاع والدبلوماسية (Ds Approach Diplomacy-Defense- Development3). وثانيها: الاستجابة لدفع كثير من التيارات الأكاديمية بمفهوم القوة الذكية Smart Power في إطار إصلاح السياسة الخارجية الأمريكية قبل فوز الرئيس أوباما، وبعد تولي الإدارة الديمقراطية الحكم بما يجعل لدبلوماسية التنمية أولوية متقدمة علي الأجندة الأمريكية، وثالثها: محاولة لإصلاح بنية سياسة التنمية الأمريكية بما يعني إصلاح المؤسسات القائمة العاملة في هذا المجال، والعمل علي ابتكار أدوات تنموية تواكب مستجدات الواقع التنموي في العالم، وهو ما سيحفظ للولايات المتحدة مركزها كقوة كبري تعمل علي إنجاز مسببات التقدم في الدول، كما كانت راعيته بعد الحرب العالمية الثانية من خلال تبنيها لخطة مارشال التي كانت تهدف إلي فتح أسواق جديدة للصادرات الأمريكية، بجانب كونها أداة لتحقيق الأمن القومي والإسهام في تحقيق الاستقرار والتقدم والأمن الإنساني في أوروبا. التحديات والتهديدات لسياسة تنموية أمريكية فاعلة إنَّ المستجدات التي فرضها واقع ما بعد الحادي عشر من سبتمبر لا تُمثل تهديدًا للأمن القومي الأمريكي فحسب، بل إن تهديداتها تمتد للأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين، والمصالح الأمريكية المباشرة وغير المباشرة. ولهذه التهديدات طبيعتها غير التقليدية فلا يمكن تحديد مصدرها فهي ذات طبيعة مرنة عابرة للحدود، وفي الوقت ذاته لها طبيعتها الخادعة بمعني أن مؤشراتها الآنية لا تعبر عن فعالية الدور الذي تقوم به المنظمات التنموية الأجنبية حتي تتحقق أهداف برامجها وأنشطتها بصورة كاملة. ومن الشواهد حالتا العراق وأفغانستان وهو ما يعني أهمية وضع عامل الزمن في الاعتبار عند تقييم الجهود التنموية بالإضافة إلي تعقد العلاقات بين هذه التهديدات، بصورة أكثر أكاديمية فإن القدرة علي تعميم نتائج برامج التنمية مقيدة نظرًا لطبيعة مشاكل التنمية المرتبطة بالبشر، فمثلاً تقييم برامج المنح الدراسية رغم نجاحها أمر في غاية الصعوبة لكونه استثمارًا بشريا طويل المدي،