قديما قالوا "لا كرامة لنبي في وطنه".. ويبدو اننا أصبحنا نعيش زمن "لا كرامة ولا حياة للمطرب الذي يحترم فنه وجمهوره"، فمن الملفت للنظر أن يختفي علي الحجار ومحمد الحلو ومدحت صالح وهاني شاكر.. وأخيراً نادية مصطفي، في الوقت الذي يرتع فيه علي الساحة الفنية، والغنائية، أنصاف الموهوبين، والمستنسخون. ظاهرة مرعبة نكتشف أبعادا أكثر خطورة لها علي لسان نادية مصطفي: لماذا غبت عن الساحة طوال الفترة الماضية؟ أسباب الغياب واضحة، ولست وحدي المضارة مما يحدث، كما انني لست المسئولة عما جري ومازال يجري، فالإنتاج أصبح مشكلة بالنسبة لأصحاب الأصوات الجيدة، والدليل في حالات كثيرة تعاني مثلي، ولا تجد منفذا للخروج علي جمهورها الذي ينتظرها، والمنتج يشكو من قلة حيلته، والتكلفة الباهظة للألبوم، والخسار ة الهائلة التي تنتظره بسبب "القرصنة"، و"تسريب الأغاني علي النت"، وهو ما دفع الكثيرين إلي التراجع عن الإنتاج أو اغلاق شركاتهم، إضافة إلي ظهور نوعية جديدة من المنتجين واختفاء الرقابة علي الساحة الغنائية بحيث تحولت إلي مرتع لأصحاب الذوق الرديء والصوت الأردأ. وبم تفسرين ظهور أصوات جديدة كثيرة في الفترة الأخيرة؟ جديدة.. ربما لكن رديئة، وظهورها يعني أن وراءها رأس مال فاسد ومشبوه لا يهم أصحابه المكسب لكنهم يوظفون الغناء في أغراض أخري، وظهور هذه النوعية من الأصوات مرتبط بالكليبات والفضائيات فقط. هل الحل للخروج من الأزمة في أن يتجه المطرب إلي الإنتاج بنفسه؟ ربما يكون هذا حلا.. لكن من أين للفنان برأس المال الذي يرصده لكل هذه "العملية الفنية والتجارية المعقدة"؟ لقد فعلتها ذات مرة، وانتجت علي نفقتي الخاصة ألبوم "جاي في ايه"، لكن الألبوم لم يحقق النتائج المادية المتوقعة، واكتشفت أن الإنتاج مهنة صعبة، وتتطلب دراية كبيرة بكل الدهاليز، والأهم أن تعلم "أصول اللعبة"، وخبايا أخري كثيرة. وكيف تتواجدين إذن علي الساحة بحيث لا ينساك الجمهور؟ بالغناء في الحفلات العامة، وحفلات الأوبرا، التي باتت المتنفس الوحيد بالنسبة للأصوات الجيدة والمحترمة، إضافة إلي تقديمي لبعض الحفلات في "ساقية الصاوي"، ولعلها فرصة لأتوجه بالتحية للدكتورة رتيبة الحفني، لأنها تقدم لنا "طوق النجاة"، كل عام من خلال دورات مهرجان الموسيقي العربية. هل يعني هذا أنك لا تتابعين ما يقدم علي الساحة الغنائية؟ بالعكس أنا متابعة جيدة للغاية، لكنني أفاجأ بأن كل نصف ساعة يظهر صوت جديد.. وصدق من قال هناك "مطرب لكل مواطن". أي الأصوات جذبت انتباهك ووجدت فيها "الرمق"؟ ريهام عبدالحكيم ومي فاروق وغيرهما من الأصوات الجميلة والتي يتمتع أصحابها بذوق راق وإحساس عال لكن مثل هذه الأصوات تحتاج لمن يأخذ بأيدي أصحابها. هل رأيت في لحظة أن الأزمة ترجع إلي فتح الباب أمام المطربات اللبنانيات والعربيات بوجه عام؟ لم أكن أبدا من أنصار هذا الرأي، ومصر طول عمرها فاتحة أبوابها للأشقاء العرب وتحتضن الأصوات العربية لكن لابد من وجود توازن أحيانا حتي لا تخرج الأمور عن طريقها الصحيح، بحيث يعطي القائمون علي الحفلات نصيبا للفنان المصري في الحفلات، والدعاية بدلا من الاهتمام المبالغ فيه بالمطربين والمطربات العرب، سواء أكان هذا في الحفلات الخاصة أو حفلات "ليالي التليفزيون"، أو "أضواء المدينة"، التي تقيمها الإذاعة المصرية، فهناك ظاهرة معيبة تحدث في هذ الحفلات عندما يصر القائمون عليها علي الاستعانة بسوبر ستار "عربي" ثم أي صوت "مصري" بجانبه. وكأن الأزمة في "استراتيجية"، وفكر القائمين علي هذه الحفلات؟! هي بالفعل كذلك، فاللوم ينصب عليهم وحدهم، لأنهم لا يفضلون الأصوات المصرية الواعدة، وينحازون للأصوات التي يرون أنها "سوبر ستار"، وحتي عندما يرضي المطرب المصري نفاجأ بأن الدعاية بين الطرفين غير متساوية، ويشعر المطرب المصري بظلم كبير. هل يعني هذا استسلامك أو انك رفعت "الراية البيضاء"؟ علي الاطلاق، بدليل أنني أحضر لتصوير أغنية بعنوان "تيجي نبدأ من جديد"، ألحان الموسيقار محمد سلطان وكلمات صلاح الشرنوبي. لا أخفيك أن تواجدك في حفل تدشين تصوير مسلسل "نساء لا تعرف الندم"، أثار الكثير من التساؤلات؟ الأمر ببساطة انني اخترت لأغني "تترات"، المقدمة والنهاية للمسلسل، إضافة إلي 3 أغنيات ضمن أحداث المسلسل.. فهل يكفي هذا سببا لوجودي؟