لاشك أن التصريحات التي سبقت لقاء سيرجي لافروف وزير الخارجية مع نظيرته الأمريكية هيلاري كلينتون، عبرت عن أجواء التفاؤل التي تخيم علي العلاقات الروسية الأمريكية نحو إمكانية التوصل إلي تفاهم مشترك علي ابرز قضايا الخلاف في نفس الوقت مهدت للقاء ناجح بين الجانبين في جنيف علي هامش مؤتمر نزع السلاح، بل ووفرت المقدمات اللازمة لاعداد لقاء مثمر بين الرئيسين مدفيديف وأوباما. أعلن لافروف في جلسات مؤتمر نزع السلاح عن استعداد روسيا للحوار بشأن التوصل إلي نظام عام للتخلي عن الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدي، وأعرب عن دعم موسكو لمقترحات الرئيس الفرنسي ساركوزي حول بدء مفاوضات بشأن حظر الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدي "أرض أرض"، مشيرا إلي أن هذه المقترحات حظيت بدعم الاتحاد الأوروبي. وأكد الوزير الروسي علي أهمية توحيد جهود كافة الدول المعنية بالتصدي للأخطار الصاروخية المحتملة، بدلا من اللجوء إلي تشييد منظومات الدفاع المضاد للصواريخ من جانب واحد، ما يسبب اختلال التوازن العالمي. وقابلت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية مواقف موسكو بالتأكيد علي ضرورة تعاون الولاياتالمتحدةوروسيا في إنشاء منظومة دفاع مضاد للصواريخ في أوروبا، كما أكدت هيلاري علي أن العلاقات بين البلدين يجب أن تنطلق لآفاق أوسع. ويسيطر اعتقاد في موسكو بأن الاتفاقية الروسية الأمريكية، التي من المفروض أن تكون البديل لمعاهدة الأسلحة الهجومية الاستراتيجية التي وقعت عام 1991، وألزمت موسكووواشنطن بتقليص ترسانتيهما من الأسلحة الهجومية الاستراتيجية إلي 1600 وسيلة لحمل الأسلحة الهجومية الاستراتيجية و6000 عبوة نووية، يمكن أن يتحقق. الاتفاقية الجديدة بحسب رؤية الكرملين يجب أن تؤدي إلي تقليص الصواريخ والرؤوس النووية ووسائط نقلها الاستراتيجية (الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، والصواريخ الباليستية التي تحملها الغواصات والقاذفات الثقيلة)، إضافة إلي عدم نشر أسلحة هجومية استراتيجية خارج حدود الأراضي الوطنية. وهو ما أكد عليه الرئيس مدفيديف في رسالته إلي مؤتمر نزع السلاح. ويبدو أن لقاء لافروف كلينتون، مازال في مرحلة الاستطلاع للمواقف ووجهات النظر، حيث يسيطر اعتقاد علي الأوساط السياسية الروسية، بأن السياسة الأمريكية تجاه روسيا لن تشهد تغييرات جذرية، باعتبار أن الولاياتالمتحدة مازالت تحت تأثير بقايا الحرب الباردة، وأن أغلبية مؤسسات إنتاج السلاح وشركات النفط، تجد في تصعيد التوتر بين البلدين مصالح مباشرة، بدءا من تسويق المنتجات العسكرية، وانتهاء بمحاولة السيطرة علي منابع الطاقة بهدف التحكم في النمو الاقتصادي والصناعي لأغلبية الدول الأوروبية، كما لا يعتقد في موسكو أن واشنطن ستتراجع عن نشر أسلحتها الاستراتيجية الهجومية خارج أراضيها.