فجأة اتخذت قراراً باعتزال التمثيل من دون سبب معلن، وفي توقيت مباغت قررت العودة،وبين القرارين لم توضح جيهان سلامة أسبابها،وهي التي جاءت بداياتها في عدد من الأدوار مبشرة للغاية، لكنها لم تصمد ولم تستمر وربما اختارت الاستقرار المادي والأسري فتزوجت،وعلي غير توقع عادت لتشارك في بطولة مسلسل "ريا وسكينة" ثم مسلسل"أحلام لا تنام"،وجاء ظهورها علي الشاشة الكبيرة من خلال فيلم "كامب"،الذي وصف دورها فيه بأنه "هامشي" مقارنة بجيل الشباب الذين عملت إلي جانبهم، لكنه يبقي خطوة في طريق العودة للفن،الذي يبدو أنه صار كالنيل "اللي يشرب منه مرة ضروري يرجع له تاني"! مازالت أسباب اختفائك عن الساحة غامضة؟ "مش غامضة ولا حاجة"، وكل ما في الأمر أنني تزوجت،وعقب الزواج عام 2000 اتخذت قراري باعتزال الفن، واستمر تنفيذ القرار حتي عام 2005 عندما وقع الطلاق،ولحظتها قررت العودة إلي الساحة،خصوصاً أنني دارسة أكاديمية،وتخرجت من معهد الفنون المسرحية قسم تمثيل وإخراج عام 2004 هل كان لزوجك علاقة بقرار اعتزال الفن؟ لا أريد أن أظلمه لكنني تزوجت رجلاً من خارج الوسط الفني،ولم يحدث أن تدخل في حياتي أو فرض علي اعتزال الفن لكنني صاحبة القرار بعدما رأيت أن أدواري الأخيرة،في تلك الفترة،لا تروق لي،وكل مايعرض علي سييء، واعتراني احساس بأنني معتزلة من دون قرار معلن. ومتي قررت العودة مرة أخري؟ عقب انفصالي عن زوجي منذ عامين،ولحظتها قررت أن تكون عودتي مختلفة،سواء من حيث الأدوار أو الصورة التي ارتسمت في ذهن الجمهور،وأسعي،بقوة، إلي تغييرها. واضح أن لديك خطة لفترة ما بعد العودة؟ هذا صحيح،فقد عدت وفي ذهني ضرورة مراعاة اسماء وقيمة ومكانة المخرجين الذين أعمل تحت إدارتهم،وعلي ذات النسق أراعي في اختيار أدواري أن تكون جديدة ومغايرة لما قدمته من قبل،بمعني أنني لن أقبل العودة لأدوار الفتاة المثيرة أو الأنثي التي تستخدم كسلاح للغواية والإغراء،وهذا مافعلته في مسلسل "ريا وسكينة" مع المخرج الموهوب جمال عبد الحميد ثم مسلسل "أحلام لا تنام" مع المبدع مجدي أبو عميرة.. وهل نجحت في التخلص من صورتك القديمة كفتاة إغراء؟ لا أظن،فمازالت هناك رواسب قديمة،بمعني أنني مازلت أجاهد وأحارب لتغيير النمط القديم لكنني مازلت أواجه مشكلة في هذا الصدد،فمازال هناك من يصر علي ترشيحي لأدوار الإغراء،وأحاول من ناحيتي ألا أذعن لهذه الرغبة،ومبدئياً أعمل علي إضافة عمق درامي وانساني لهذه النوعية من الأدوار. وأي مؤلف هذا الذي يقبل منك هذا التدخل؟ هذا ليس تدخلاً،لكن من حق الممثل أن يجلس مع المؤلف أوالمخرج ليناقشهما في بعض الأمور المتعلقة بالدور أو العمل بأكمله لنصل إلي وجهة نظر مشتركة يسود بعدها التفاهم المتبادل طوال فترة تصوير العمل،وعندما أفعل هذا فإنني أستكمل من خلاله طريقي إلي تغيير صورة أدواري القديمة. موقفك المناهض للإغراء يجعلني أسألك: لماذا اخترته في بداياتك حتي اشتهرت بتقديمه؟ موقفي هذا لا يمثل انقلاباً علي الإغراء في حد ذاته لكنني ضد الإغراء المبتذل الذي يخلو من الروح،والذي يقدم بسطحية وترخص،وبغير توظيف، بدليل أنني ضد "السينما النظيفة" وأري أن المصطلح ساذج ولا معني له. لكن دور الزوجة الخائنة في فيلم "كامب" لا يبتعد كثيراً عن أدوار الإغراء؟ في كل أدواري السابقة،حتي التي وصفت بأنها "إغراء" كنت أحرص دائماً علي أن أضيف إليها من أحاسيسي بما يثريها ويجعل لها مضمونا، كما حدث في فيلم "لحم رخيص"،فالإغراء سلاح ذو حدين يمكن أن يكون له جانبه السلبي والآخر الإيجابي،إذ من الممكن أن يكون بمثابة كشف عن عورات المجتمع،والأسباب التي تؤدي إلي تفشي ظاهرة الانحراف بين فتياته،ولم أبتعد كثيراً عن هذا المعني عندما قدمت دور الزوجة الخائنة في فيلم "كامب"،التي دفعتها الظروف إلي الزواج من كهل،علي الرغم من شبابها وتمتعها بأنوثة طاغية ونضج مثير،وهي شخصية غامضة ولا أريد القول أنها مركبة لكن فيها عمق إنساني سيبدو من خلال نظرات عينيها التي تغوي بالتلميح دون التصريح،وكما هو واضح فالإغراء هنا ليس فجاً ولا ملموساً بالطريقة التي اعتدناها،بدليل أن الكثيرين تعاطفوا مع الزوجة في مأساتها الإنسانية. هل كان للتيار المتشدد السائد في المجتمع دور في إعلانك اعتزال تقديم أدوار الإغراء؟ أكرر مرة أخري أنني لا أرفض الإغراء،وأفرق تماماً بينه كأداة تسطيح أو وسيلة تتسم بالعمق،وأراه ضرورياً إذا كانت له ضروراته وايجابياته الكاشفة لما يجري علي أرض الواقع، ورأيي الجديد ليس استجابة أو خضوعاً لرغبة أي تيار في المجتمع لكن لقناعتي الخاصة، فأنا أري مثلاً أن تكرار أدوار الفتاة البريئة يثير "الزهق" ولا يمكن أن نتقبله باستمرار وإلا أصابنا الشعور بالملل، والفنان الحقيقي هو الذي يغير نوعية أدواره ولا يثبت علي حال، وهذا ما أنوي فعله في الفترة المقبلة. لكن قرارا كهذا ربما ينعكس عليك سلباً فيقلل فرصة تواجدك علي الساحة؟ من مناقشاتي الأخيرة مع عدد غير قليل من المنتجين والمخرجين تأكدت أنني علي صواب في قناعاتي الجديدة،فمن المهم بمكان أن أكون ما أحب،وأن أضيف للشخصية،ولا يوجد مخرج لا يفضل الممثل الذي يضيف للدور، ولا أنكر أن قراري الجديد يعطل عودتي بقوة لكنني متفائلة بالمستقبل. واختفاؤك عن الساحة طوال خمس سنوات ألم يكن له تداعياته السلبية وأبرزها أن جيلاً بأكمله احتل الساحة ولم يعد لكم فيها مكان؟ أولاً "مفيش حد بياخد مكان حد"، وكل جيل له بريقه الذي لا يطغي علي غيره،ومن المؤكد أن استمراري علي الساحة كان يمكن أن يجعل مني شأناً آخر لكنني لن أتراجع وسأظل علي مثابرتي واجتهادي حتي أستعيد ما فاتني، خصوصاً أن المخرجين يدركون حجم موهبتي. وإذا وجدت أن المعروض عليك هو نفسه الذي قررت رفضه وأنك محصورة في الأدوار الهامشية.هل ستعودين للاعتزال؟ لا.. لن أفكر في الاعتزال مرة أخري مهما كانت الصعاب التي أواجهها،ولن يزعجني مطلقاً أن تعرض علي أدوار هامشية،وإن كنت أري أن دوري في مسلسل "ريا وسكينة" ليس هامشياً علي الإطلاق، ويكفيني أنني عملت مع عمالقة ابتداء من الكاتب الكبير مصطفي محرم والمخرج جمال عبد الحميد الذي أوافق علي التعاون معه حتي لو اختارني في مشهدين فقط،وأنا سعيدة بأنني قدمت سبعة مشاهد ومازال الناس يذكرونني بأنني ضحية"ريا وسكينة". لكن عودتك في "أولاد عزام" و"حمداً لله علي السلامة" بدا معها وكأنك تقولين "لقد عدت"؟ لست معك في هذا،ولو لزمت بيتي عشر سنين لن أقدم دوراً لا يمثل إضافة بالنسبة لي،قبل أن يضيف للعمل، ولدي شعور بأن الناس تتذكرني، ولن تتخلي عني،خصوصاً أنني صاحبة أسلوب و"لوك" خاص، ودوري في "أولاد عزام" كان أكثر من رائع،ومع مخرج كبير هو علي عبد الخالق؛حيث جسدت دور "ماجدة" ابنة الطبقة الفقيرة التي تعمل مندوبة مبيعات، لكونها محدودة التعليم وسطحية وينحصر طموحها في أن تتزوج فيوقعها القدر في رجل غني. أما مسلسل "حمداً لله علي السلامة" فقد جسدت فيه دور طبيبة تعد لنيل رسالة ماجستير عن أولاد الشوارع والأطفال اليتامي،ويكفيني أنني تعاونت في هذا المسلسل مع المخرج المتمكن محمد عبد العزيز. تشاركين الآن في مسلسل "هيما". فهل يعد عودة حقيقية للبطولة أم تكرارا في فلك الأدوار الهامشية؟ في هذا المسلسل أجسد دور راقصة لكنها ليست راقصة تقليدية بل راقصة "مودرن" لديها تطلعات مادية تكون سبباً في نتائج مدمرة وكارثية، والدور يدخل في إطار الشر "الثُعباني". راقصة يعني إغراء؟ علي الإطلاق،فالكاتب بلال فضل يقدم الشخصية من منظور إنساني غير الذي اعتدناه في الأدوار التقليدية للراقصة، بدليل أنني لا أرقص بشكل صريح،والتركيز في مجمله علي الجانب النفسي للشخصية،التي تتمني أن تعتزل الرقص بشرط ألا تدفعها الظروف للحاجة والاعتماد علي غيرها،حتي لو كان زوجها، ولا أظن أن الدور يحمل سمة إغراء من أي ناحية لكنه جديد وصعب ومختلف بكل المقاييس.