أنا معجب بالتصريحات النارية لرئيس جهاز حماية المستهلك والذي قرر اخيرا ان يراقب الاسعار للسلع والخدمات حتي لا تلتهم العلاوة الجديدة والكبيرة والتي وصفتها الصحف القومية ووزراء المجموعة الاقتصادية بانها اكبر زيادة في الاجور في تاريخ مصر.. ولعل التصريح ذاته يوضح اننا في ازمة، ونستخدم "أفعل" التفضيل اكثر من اللازم لمواجهة الازمة وكل ازمة لا يسعدنا في مواجهتها الا استخدام افعل التنفضيل بكل انواعها ومقاساتها. جهاز حماية المستهلك الذي ظل لاسابيع قليلة ماضية يرفع التدخل في مسألة التسعير والاسعار ويتكلم فقط عن جودة المنتج وصلاحيته ومطابقته للمواصفات وعندما سئل رئيس جهاز حماية المستهلك عن ارتفاع اسعار حديد عز رد فورا ليس لنا دخل بالاسعار وحدود عملنا في المواصفات والجودة فقط. لماذا ظهرت تصريحات جديدة امس لرئيس جهاز حماية المستهلك وبقرارات صارمة ان الجهاز سوف يشدد رقابته علي الاسواق لضبط الاسعار ومنع ارتفاعها بصورة تلتهم العلاوة الجديدة. وكان فين الكلام الكبير و"الجامد" ده من زمان، اخيرا وجدنا جهازا يضبط الاسعار المنفلتة في مصر!! لكن السؤال الاهم هل يمكن ضبط الاسعار عبر جهاز حكومي وهل هناك آليات لدي الجهاز لضبط الاسعار فعلا، وكيف سيتم ذلك، وماذا لو ان الزيوت ارتفعت اسعارها العالمية، وزاد سعر الدقيق، او رفع تجار الالبان ومنتجاتها اسعارهم بسبب الاعلاف، او زادت تكاليف زراعة الخضراوات والفاكهة بسبب زيادة الاسمدة.. كيف سيجري ضبط السعر ومن سيتحمل الفروق، وهل سيعود الدعم لكل السلع والمنتجات مرة اخري. الجهاز قرر مواجهة "جشع التجار" لكن قبل ذلك ما هو معني جشع التجار، وما هي المعايير التي ستطبق علي التاجر، فيصبح تحت هذا التوصيف، وماذا سيفعل له الجهاز اذا ثبت فعلا انه تاجر جشع.. كما ان الجهاز سوف يواجه الممارسات الضارة لبعض التجار، دون اي توضيح ماذا يعني ممارسات ضارة، وما هي معايير الفائدة او الضرر. ان الاقتصاديين يجمعون علي ان ضبط الاسعار لن يكون بجهاز وانما بزيادة العرض عن الطلب ورفع الانتاج ومراقبة الاسواق ووعي الناس بالاسعار الحقيقية والاسعار الجشعة.