تلقيت مكالمة تليفونية من أحد رجال الأعمال البارزين تعليقا علي مقالي بعنوان "العمالة بين الواقع والوجاهة الاجتماعية" . والذي شرحت فيه حال العمالة في مصر وأكدت خلاله ان مصر لاتعاني من البطالة بقدر ما تعاني من سوء التدريب وتخلف مناهجه وقيام غير المتخصصين الاكفاء بهذه العملية، اضافة لثقافة جديدة للعمال والفنيين تجعلهم يستسلمون للاسترخاء وما يحدث من المهنيين والحرفيين من ترهل وسوء اداء وضربت امثلة كثيرة لذلك. ايد رجل اعمال شهير كل ما طرحته لكنه اضاف المزيد من معاناة المستثمرين واصحاب المصانع والمشروعات من تدني مستوي اداء العمالة، ويؤكد أن المصانع تعاني من عجز شديد وهي مشكلة سوف تتفاقم في السنوات القادمة حيث تساهم الحكومة في خلق هذه الأوضاع السلبية عندما تقوم بتعيين شباب ليس لهم في الواقع عمل محدد والنتيجة أن معظم هؤلاء الشباب لا يذهبون الي أعمالهم وكثيرون منهم يسعون للوساطة من أجل نقل مكان عملهم بجوار مساكنهم، والغريب أن كثيرا من العاملين في القطاع الخاص يسعون للعمل في الحكومة رغم انخفاض الاجور لكنهم ورثوا مقولة "إن فاتك الميري اتمرمغ في ترابه" ويقول محدثي أن كثيرا من بنود قانون العمل تحتاج لإعادة نظر حيث تعطي حقوقا للعمال لا يقابلها حقوق لاصحاب العمل ومسئوليات متكافئة لقد سادت ثقافة بائسة بين الشباب تجعلهم يشعرون بأن حقوقهم مهضومة وان اصحاب العمل قساة جشعون وان ما يتقاضونه مقابل عملهم اقل بكثير مما يستحقون، ومن هنا برزت الاجابة السلبية عندما تواجه احد العمال عن تقاعسه في عمله فيرد عليك في تبجح علي اد فلوسهم. سألت محدثي عن اسباب ثقافة اللامبالاة السائدة بين ابناء هذا الجيل فقال علي الفور انها نتيجة طبيعية لثقافة القطاع العام التي استمرت قرابة النصف قرن في ظل الاعتماد علي القوي العاملة واعتماد الشباب بالكامل علي الدولة في كل شئون حياتهم ومنها التعليم المجاني والوظيفة الميري. وواصل رجل الاعمال المعروف حديثه قائلا: ان احدي المشكلات الكبري التي تسببت في هذه الاوضاع السلبية سواء ارقام البطالة المتزايدة أو التضخم الوظيفي نتيجة للتعيين العشوائي أو ندرة الكفاءات المدربة - كل ذلك يرجع الي سياسة التعليم الفاشل في مصر، فمن المستحيل ان تبدل الاحوال في بلدنا بدون الارتقاء بالتعليم ومواكبة المناهج، ولم تنجح محاولات الدولة في تدريب كوادر من خلال مدارس ومراكز تدريب مهني لان هذه المحاولات لم تكن مجدية وبقيت المشكلة كما هي.. بل تزداد تفاقما يوما بعد يوم. وعندما سألت محدثي عن امكانية مساهمة القطاع الخاص في حل هذه الاشكالية قال: ان دورنا محدود يقتصر علي قيام كل مؤسسة أو منشأة بتدريب عدد من العاملين تدريبا عمليا، لكن قمة المأساة ان هؤلاء عندما يصلون الي مستوي معقول يتركون عملهم ويذهبون الي رب عمل جديد بمجرد ان يلوح لهم ببضعة جنيهات زيادة في رواتبهم ومخصصاتهم.. من هنا فإن مهمة التدريب تضطلع بها الدول ولكن يبقي ان الاساليب بالية، وعملية التدريب نفسها يسودها الترهل والعشوائية ولا تواكب احتياجات السوق أو مقتضيات العصر. وبعد .. هذه وجهة نظر واحد من رجال الأعمال البارزين حول قضية العمالة والبطالة والتدريب وسوف يظل الملف مفتوحا حتي يضم مزيدا من الأوراق الايجابية القابلة للتنفيذ. والله من وراء القصد.