نشر موقع " تقرير واشنطن " مقتطفات من الدراسة التي أعدتها مؤسسة "راند" الأمريكية حول كيفية بناء شبكات من الإسلاميين المعتدلين في الدول العربية والاسلامية ، وهي الدراسة التي شارك في إعدادها أربعة باحثين في مقدمتهم شارلي بينارد وأنجل رابسا ولويل شوارتز وبيتر سكيل. وتشير الدراسة إلي أن هناك ثلاثة قطاعات مهمة في العالم الإسلامي قد تمثل نواة جيدة لبناء شبكات من الإسلاميين المعتدلين من أجل مواجهة المتطرفين الإسلاميين. وهذه القطاعات هي العلمانيون والإسلاميون الليبراليون والمعتدلون التقليديون بما فيهم المتصوفة. بالنسبة للعلمانيين تشير الدراسة إلي أن التيار العلماني في العالم الإسلامي، خصوصاً في البلدان العربية، يعاني من الضعف والتهميش نظراً للعلاقة الوثيقة التي نشأت بين العلمانية والنظم الشمولية. وتشير الدراسة إلي وجود ثلاثة أنواع من العلمانيين أولها، العلمانيون الليبراليون وهم الذين يؤيدون تطبيق القوانين العلمانية في الدول الإسلامية. وهم يؤمنون بالقيم العلمانية الغربية التي تقوم علي ما يسمي ب"الدين المدني". أما النوع الثاني من العلمانيين فتطلق عليه الدراسة اسم "الأتاتوركيين" نسبة إلي العلمانية التركية، التي تحرم أي مظاهر للدين في الحياة العامة كالمدارس أو الأماكن العامة. وهي أقرب ما تكون للنموذج الفرنسي والتونسي، وخير مثال علي ذلك موقفهم من قضية الحجاب. أما النوع الثالث فتطلق عليه الدراسة "العلمانيين السلطويين" وقائمتهم تشمل البعثيين والناصريين والشيوعيين الجدد. وعلي الرغم من علمانيتهم الظاهرة إلا أن هؤلاء قد يتمسكون ببعض الرموز الدينية من الناحية الشكلية فقط من أجل كسب التعاطف الشعبي علي غرار ما فعل الرئيس العراقي السابق صدام حسين. أما بالنسبة للإسلاميين الليبراليين، فعلي الرغم من أنهم يختلفون مع العلمانيين في أيديولوجيتهم السياسية، إلا أنهم يحملون أجندة فكرية وسياسية تتلاءم تماماً مع القيم الغربية، وهم يأتون من أوساط الإسلاميين التحديثيين. وتري الدراسة أن هؤلاء لديهم نموذج خاص من الليبرالية الإسلامية يتواءم مع الديمقراطية الليبرالية الغربية خصوصاً فيما يتعلق بالديمقراطية وشكل الدولة وحقوق الإنسان والتعددية السياسية. بل الأكثر أن موقفهم من مسألة تطبيق الشريعة متقدم وبناء، علي حد وصف الدراسة، حيث ينظرون إلي الشريعة باعتبارها منتجا تاريخيا وأن بعض أحكامها لم يعد يتناسب مع الوضع الراهن. وفي هذا الإطار تشير الدراسة إلي ما كتبه الناشط السياسي التونسي "محمد شرفي" في كتابه (الإسلام والحرية .. الالتباس التاريخي) من أن الشريعة الإسلامية إبان الحكمين الأموي والعباسي كانت تعبيراً عن التحالف بين رجال الحكم ورجال الدين. وبالنسبة للإسلاميين التقليديين والصوفيين، تشير الدراسة إلي أنهم يشكلون الغالبية العظمي من سكان العالم الإسلامي، وهم يعبرون عن الإسلام المحافظ، ويؤكدون علي السير علي خطي السلف، والتمسك بالجانب الروحي للإسلام. وهم يعتمدون علي المذاهب الأربعة في فهمهم للإسلام. ووفقاً لهذه الدراسة فإن هؤلاء الإسلاميين من ألد أعداء الوهابيين والسلفيين الجهاديين. وتشير الدراسة إلي أن الصوفية تتمتع بمكانة مميزة في كل من البوسنة وسوريا وكازاخستان وإيران وإندونيسيا، في حين أنهم يأخذون شكلاً رسميا في المغرب وتركيا والهند وألبانيا وماليزيا. وتري الدراسة إلي أن بعض الجماعات الصوفية متشددة ومتطرفة، وتشير في هذا الصدد إلي "جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية أحباش" المتواجدة في لبنان. وبالنسبة للدراسة فإن النموذج الذي تقدمه تجربة "فتح الله جولن" في تركيا تعد مثالاً للصوفية المتمدينة، فهي تعارض سياسة الدولة لفرض الشريعة الإسلامية، ويري أن علي الدولة ألا تسعي لفرض الدين علي المجتمع باعتبار أن الدين يمثل شكلا من أشكال الخصوصية الفردية. وتؤكد الدراسة ضعف شبكات الإسلام المعتدل في الشرق الأوسط وهو ما يتطلب بحسب الدراسة خلق تيارات ليبرالية من أجل خطف التفسيرات المتطرفة للإسلام من أفواه الراديكاليين. وتؤكد الدراسة أنه في ظل غياب مؤسسات ليبرالية فإن "المساجد" تظل الأداة الوحيدة للتجنيد السياسي. وتري الدراسة أن التيار الليبرالي في مصر بحاجة للمساعدة، وأن هناك من يدعو لطلب الدعم من الولاياتالمتحدة من أجل بناء شبكات ليبرالية لزيادة التفاعل بين المثقفين الليبراليين. ذلك أن الإسلام "المصري" بطبيعته معتدل، ويتناقض مع نظيره السعودي. في حين تعد الأردن بلداً نموذجياً لبناء شبكات معتدلة في العالم العربي، وتشير الدراسة إلي أن معظم بلدان الخليج لديها إسلام معتدل كما هو الحال في الكويت والبحرين والإمارات، ولكن المشكلة أنه لا توجد شبكات تنظم المعتدلين في علاقات تفاعلية. في حين ينعم السلفيون والصوفيون بهذه الشبكات والروابط علي حد وصف الدراسة. بالنسبة للكويت فإن جماعة الإخوان المسلمين تهيمن علي جامعة الكويت وعلي بيت المال الكويتي، في حين يكافح الليبراليون في الكويت من أجل دعم الديمقراطية والتعددية والاعتدال. أما البحرين فتتمتع بمجتمع مدني حيوي ونابض، علي حد وصف الدراسة، وقد نجحت القوي الإسلامية بمختلف أشكالها من سلفيين وشيعة وإخوان مسلمين من حصد معظم المقاعد البرلمانية في انتخابات 2002، كما أن هناك دورا فاعلا للكتلة الاقتصادية التي تدافع عن الحريات واحترام حقوق الإنسان والاقتصاد الحر. أما في الإمارات خاصة في دبي وأبو ظبي فلا يوجد تيار ليبرالي حقيقي، وباستثناء ملتقي دبي الإصلاحي، وجمعية حقوق الإنسان في دبي لا توجد مؤسسات للتعبير.