ليست المرة الأولي التي يتعرض فيها باحث او مؤلف للعلاقة بين الإسلام و الديمقراطية من زاوية التعارض أو اللقاء، فالموضوع برمته يمثل واحدا من اهم الإشكاليات التي تواجه تيارات الإسلام السياسي علي اختلاف أفكارها وانتماءاتها، بل وتتوقف الاختلافات فيما بينها علي موقفها من هذه الجدلية، حتي ان عددا كبيرا من مؤلفات المعتدلين من الإسلاميين صبوا كل اهتمامهم في محاولة إيجاد علاقة ما بين الإسلام والديمقراطية او للدقة إخراج تأصيل فقهي لكون الديمقراطية جزءاً لا ينفصم عن القيم الإسلامية، في المقابل راح المتطرفون منهم يسبون الديمقراطية باعتبارها نبتة شيطانية نمت في ارض الإسلام. في الفصل الثالث من كتابه "شبكة الحضارة المعرفية .. من المجتمع الواقعي إلي العالم الافتراضي"الصادر حديثا عن دار ميريت يشير الباحث والمفكر السيد ياسين إلي ظاهرة الفقر الفكري الشديد في مجال الفكر السياسي الإسلامي الذي هبط به إلي مستوي تراث فقهي من العصور الوسطي وهي نفس الملاحظات النقدية التي طرحها الباحث الباكستاني مقتدر خان أستاذ الدراسات الإسلامية المقارنة بجامعة ديلاوير الأمريكية. ويشير ياسين الي ان الممارسة السياسية لجماعة الإخوان في مصر اثبتت صحة ما ذهب اليه خان، حين طرحوا برنامج حزب سياسياً طالبوا فيه بضرورة عرض قرارات رئيس الجمهورية والمجالس النيابية لإقرارها علي مجلس أعلي للفقهاء وذلك بغير أن يحدد من هو الفقيه ؟ ويؤكد مدير مركز الدراسات السياسية بالاهرام سابقا انه في مرحلة أولي رفضت جماعة الإخوان المسلمين الديمقراطية علي أساس انها بدعة غربية وتمسكت بالشوري باعتبارها رمز الديمقراطية الإسلامية، بل أن احد مرشدي الجماعة وهو حسن البنا "المؤسس" صرح مرة بأن الإسلام لا يقبل فكرة الاحزاب السياسية لأنها أحزاب الشيطان . وعرض ياسين في كتابه ماجاء في التقرير الاستراتيجي الذي اعدته الباحثة شيريل بينارد التي تعمل في قسم الامن القومي بمؤسسة راند الأمريكية 2003 بعنوان الإسلام المدني الديمقراطي: الشركاء والموارد والاستراتيجيات وتؤكد فيه أن للغرب مصلحة مؤكدة في تطوير إسلام ليبرالي يشارك بايجابية في الممارسة السياسية العربية وهي تقرر أن الغرب يراقب بدقة الصراعات الإيديولوجية العنيفة داخل الفكر الإسلامي المعاصر وتؤكد أن الغرب يريد عالما إسلاميا يتفق في توجهاته مع النظام العالمي وتجنب صراع الحضارات بكل تنويعاته الممكنة. في تحليلها للاتجاهات ازاء ممارسات التيار الاصولي حين يصل للسلطة كما هو الحال في ايران، تقول بينارد ان ممارساتهم تؤدي الي اغتراب قطاعات واسعة من السكان نتيجة سياسات القهر التي يطبقها، علاوة علي الجمود الفكري في سياساته الثقافية، وتوصي الادارة الأمريكية بتعميق هذا الاغتراب حتي يكون ذلك مقدمة لتحول هذه القطاعات الواسعة من الجماهير لتبني قيم الحداثة، فهي تري أن ايران بعد عقود من تطبيق الحكم الإسلامي تغرقها المشكلات الاجتماعية السائدة في العصر مثل اي مجتمع غير إسلامي، وهي في ذلك مثل اي دولة منحلة إذا استخدمت المصطلحات التي يزخر بها الخطاب الإسلامي عادة في وصف الغرب والدليل علي ذلك انتشار تعاطي المخدرات في ايران بصورة غير مسبوقة وكذلك شيوع الدعارة.