أثار بحث لشيخ بارز وإمام مسجد كبير في العاصمة النمساوية "فيينا" عن زواج المسلم من مسيحية أو يهودية جدلا شديدا وغضبا في بعض الأوساط الاعلامية والحقوقية بالنمسا التي طالبت بمحاكمته بتهمة التحريض علي الكراهية والتمييز الديني، وابعاده من منصبه كمستشار للحكومة النمساوية للدراسات الاسلامية. وقالت صحفية نمساوية: سنستمر في تحريك دعوي قضائية ضده، لأنه يصف "الكتابيات" بأنهن في مرتبة "الزانيات، ناصحا بعدم الزواج منهن". ومعروف أن الخطاب الاسلامي يطلق لفظ "الكتابي" علي المنتسب للديانة اليهودية أوالمسيحية، باعتبار أن لكل منهما كتابا سماويا، وقد وصف القرآن الكريم المنتسبين لهما بأهل الكتاب. وأضافت: لا يجوز هذا من استاذ بالاكاديمية الاسلامية، المفروض أنه يعلم الشباب المسلم قيم التسامح والاندماج داخل مجتمعهم النمساوي، ومن الخطير أن تتسرب أفكاره التكفيرية والسياسية إليهم، خاصة أن الحكومة تدعم هذه الاكاديمية بثمانية عشر مليون يورو سنويا". وكان الشيخ عدنان ابراهيم وهو نمساوي من أصل فلسطيني، ويعمل إماما وخطيبا لمسجد الشوري في الحي الثاني بفيينا ويرأس أيضا جمعية لقاء الحضارات، قد نشر بحثا علي موقعه الشخصي علي الانترنت ينصح فيه المسلمين بعدم الاقتران من كتابيات خصوصا في دار الحرب، وهي الدول غير الاسلامية. وقالت صحيفة "كرونت" أن النيابة العامة النمساوية تلقت بلاغا من مجهول ضد الشيخ عدنان ابراهيم، بأنه "يحرض علي الارهاب والعصيان ضد المؤسسات الحكومية" وأن المكتب الاتحادي الخاص بحماية الدستور ومكافحة الارهاب يقوم بدراسة هذا البلاغ. وأصدرت منظمة "أقباط متحدون" ومقرها زيورخ في سويسرا، والتي يرأسها المصري عدلي أبادير، بيانا موقعا باسمه، تعلن استياءها الشديد من بحث الشيخ ابراهيم، قائلا إنه ملئ بالقدح والذم وروح الاحتقار والاستعلاء علي أصحاب الديانتين السماويتين "المسيحية واليهودية" وأنه وصفهم بالمشركين والزناة. وقالت الصحفية النمساوية من أصل فلسطيني نادية عيلابوني إن "الشيخ عدنان ابراهيم من الأئمة المتطرفين في فيينا، وكل محاضراته سياسية وتكفيرية للآخرين، وله بحث كامل علي موقعه بالانترنت عن حكم نكاح الكتابيات، استعرض فيه الآراء الفقهية حول الزواج من كتابية، ووصل إلي نتيجة بأنه لا يفضل هذا الزواج مستعينا بكلام شيخ مصري معاصر، يعبتره دسا للسم في عروق الأبناء وخزيا للأجداد الفاتحين الذين كانوا يتخذوهن سبايا وليس زوجات". وأضافت "وينصح في بحثه المضطر للزواج من كتابية ألا ينجب منها" وتابعت "هذا منطق متطرف ويحرض علي كراهية الآخرين في المجتمع، خاصة أن هناك زيجات كثيرة مختلطة هنا". وقالت نادية "لا يكتفي بهذا، بل يسمي البلاد غير الاسلامية التي نعيش فيها (دار حرب) ومنها "النمسا" التي يحمل جنسيتها وبها حوالي 400 ألف مسلم من جملة عدد السكان (8 ملايين نسمة) وهذا يحمل تحريضا صريحا علي العنف، فهو يسمي بلادنا دار حرب لتمييزها عن دار الايمان". وقال المهندس عدلي أبادير رئيس منظمة "أقباط متحدون" في تصريحات لموقع "العربية. نت" إن الشيخ عدنان ابراهيم "يعمل مستشارا للحكومة النمساوية للدراسات الاسلامية ويقبض سنويا 18 مليون يورو مقابل هذا، فهل نكاح الكتابيات من ضمن الدراسات الاسلامية، أم أنه خرج عن مهمته التي يتقاضي عليها هذا المبلغ ليطعن في الديانات الأخري. فهل يجوز التعالي علي دين آخر بهذا الموضوع؟". وعن سبب اثارة هذه الحملة الآن رغم أن البحث كتب عام 1997 أوضح أبادير أن "مؤتمر الكنائس المسيحية في سويسرا والأقباط الذين يعيشون فيها بعثوا إلي منظمة "أقباط متحدون" هذه الشكوي باعتبار أن الشيخ ابراهيم يحرض علي التمييز الديني والهجوم علي الديانة المسيحية". وكانت المنظمة قد انتقدت في بيانها الحكومة النمساوية ووصفت موقفها "بالمائع والمتراخي أمام أمثال هؤلاء الذين يخرقون قوانين الحريات التي نص عليها الدستور النمساوي، والذين يحرضون علانية علي العنف وعلي احتقار حضارة النمسا والغرب عموما".