أبطل خبراء المتفجرات بالعاصمة النمساوية فيينا ظهر يوم أمس الاثنين 11-9-2006 مفعول عبوة متفجرة وضعها مجهولون أمام مقر "منظمة الشباب المسلم النمساوي"، وكتب عليها تاريخ 4 يوليو 1926، وهو تاريخ تأسيس منظمة الشباب النازي في ألمانيا، وتنصيب هتلر زعيمًا لها. ومع ساعات ظهيرة أمس كان ألكسندر عثمان، أمين عام المنظمة في فيينا، متوجهًا إلى مقر المنظمة برفقة أحد أعضائها حينما رأى عبوة مشبوهة، فأسرع بإبلاغ الشرطة التي هرعت إلى المكان وأخلت محيط مقر المنظمة لمسافة 100 متر، كما أخلت 5 منازل مجاورة.
وبعد تعامل خبراء المتفجرات مع العبوة المشبوهة، اتضح أنها قنبلة كتب عليها تاريخ 4 يوليو 1926 وهو تاريخ تأسيس منظمة الشباب النازي في مدينة نورنبرج بألمانيا، وتنصيب هتلر زعيمًا لها. وكانت العبوة مكونة من أسلاك وغاز ورقائق معدنية.
ويلفت مراسلنا إلى أن البعض يعتقد أن هذه الواقعة ربما تكون على خلفية مرور 5 سنوات على هجمات 11 سبتمبر 2001 على الولاياتالمتحدة.
لكن ألكسندر عثمان استبعد في تصريحات ل"إسلام أون لاين.نت" أن تكون هذه الواقعة نوعًا من الانتقام لهجمات سبتمبر، موضحًا أن مسلمي البلاد يعلنون في جميع المناسبات رفضهم لكافة أعمال العنف.
وأعرب عثمان عن اعتقاده بأن الهدف من وضع هذه القنبلة هو "زعزعة الاستقرار في النمسا، وتعكير الأجواء الطيبة التي تغلف العلاقات بين المسلمين وغير المسلمين في المجتمع النمساوي".
ويوم السبت 9-9-2006 احتفل أعضاء منظمة الشباب المسلم النمساوي بالذكرى العاشرة لتأسيس منظمتهم في احتفال أقيم بالعاصمة.
وانطلاقًا من التاريخ المكتوب على القنبلة، يتجه المحققون النمساويون بمجرى تحقيقاتهم إلى النازيين الجدد الذين ظهر نشاطهم في البلاد منذ ما يقرب من عام.
ولم تستبعد الشرطة أن تكون هذه الواقعة قائمة على خلفية يمينية متطرفة في الوقت الذي تشتعل فيه معركة الشعارات الانتخابية اليمينية في شوارع العاصمة، داعية إلى توجهات عنصرية ضد التواجد الإسلامي في البلاد.
وفي هذا السياق يشير مراسلنا إلى أن واضعي القنبلة قد يكونوا تأثروا بالشعارات التي ترفعها الأحزاب اليمينية المتشددة بالنمسا؛ سعيًا لكسب أصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في مطلع أكتوبر المقبل.
ويحض حزب الأحرار اليميني المتشدد على استئصال الوجود الإسلامي في النمسا بدعوى الحرص على مستقبل الهوية الأوروبية.
كما يتعهد حزب مستقبل النمسا، اليميني أيضًا، بطرد 300 ألف أجنبي من البلاد خلال 3 سنوات.
وفي مايو الماضي ذكرت وزيرة الداخلية النمساوية، ليزي بروكوب، أن دراسة أعدتها أكاديمية الأمن التابعة لوزارة الداخلية لرصد قدرة المسلمين على الاندماج، أظهرت أن 45% من مسلمي البلاد لا يرغبون في الاندماج. وقالت: "من لا يرغب في الاندماج فلسنا مطالبين بتحقيق أية التزامات تجاهه".
وحذرت الوزيرة من وقوع "توترات في النمسا شبيهة بتلك التي وقعت في فرنساوألمانيا"، في إشارة إلى احتجاجات المهاجرين الفقراء بفرنسا على أوضاعهم الاقتصادية المتدنية، وكذلك إلى جرائم الشرف التي تقع في أوساط المهاجرين الأتراك بألمانيا. وقالت ليزي: "إن تطور مثل هذه الأحداث في الوسط الإسلامي بالنمسا يمثل قنبلة موقوتة".
وليست هذه المرة الأولى التي تتعرض فيها منشأة إسلامية لمحاولة اعتداء من قبل مجهولين، حيث شهد شهر نوفمبر الماضي انفجار عبوة ناسفة أمام أحد مساجد فيينا. وفي إبريل الماضي أضرم مجهولون النيران في جانب من مشروع للمقابر الإسلامية بالعاصمة.
ورغم هذه الحوادث، يحظى مسلمو النمسا بوضع متميز يندر أن يوجد مثله في الدول الأوروبية الأخرى بفضل الاعتراف الرسمي من قبل الدولة بالدين الإسلامي منذ عام 1912 في عهد القيصر "فرانس يوسف" الذي أصدر ما عرف ب"قانون الإسلام".
ويعيش بالنمسا نحو 400 ألف مسلم، يشكلون 4% من تعداد السكان الذي يبلغ 8 ملايين نسمة. وفي العاصمة يعيش حوالي 121 ألف مسلم، أي نسبة 7.8% من سكانها.
وتوجد أعلى نسبة لمسلمي النمسا في مقاطعة فورالبرج بغرب البلاد، حيث تصل إلى 8.4% من عدد السكان هناك. ويبلغ عدد المساجد بالنمسا حوالي 200 مسجد، منها 70 مسجدًا ومصلى بالعاصمة.