الافراح موروث قديم في كل الدنيا، وكل بلد لها عاداتها وتقاليدها في اقامة الافراح بل ان كل مدينة يمكن ان تختلف فيها هذه العادات والتقاليد عن المدينة المجاورة لها، ومصر مثل كل الدنيا فيها الافراح معروفة من ايام الفراعنة وكما لحق التطوير بكل شئ فقد وصل للافراح لكي تساير العصر والظروف، وفي مصر المحروسة هناك انواع من الافراح.. افراح الاغنياء في الفنادق والشيك وافراح الاسر العادية داخل البيوت، لكن هناك ايضا افراح اولاد البلد التي تقام في الشوارع والاخيرة حكايتها مختلفة فرغم ان افراح الاغنياء تشهد العديد من التقاليد، فإن افراح الشوارع تقاليعها مختلفة وكل يوم فيها جديد، فدائما هذا النوع من الافراح يقام له سرادق ومسرح ويغني فيه مطربون شعبيون وراقصات من الدرجة العاشرة وفي الارياف يكون الطبل البلدي والمزمار والخيل هم نجوم الحفل، خاصة بعد اختفاء ظاهرة اطلاق الرصاص في الافراح كل هذا كان في الماضي والآن اصبحت لهذه الافراح سياسة مختلفة وعادات مختلفة لدرجة انها صارت عالماً مليئاً بالعجائب والغرائب والاسرار فمثلاً اصبح هناك "فرح عادي" و"فرح دفتر" ورغم ان الاثنين يدفع فيهما المعازيم (النقوط) الا ان هناك اختلافاً كبيراً بينهما. ففي الفرح العادي قيمة النقوط لاتتغير بمعني ان من يضع 100 جنيه ترد له 100 جنيه، اما الفرح الدفتر فالنقوط يكون مضاعفاً فمن يدفع 100 جنيه ترد له 200 جنيه، ايضا اصبح لزاما علي كل رجل ابن بلد من رواد افراح الشوارع ان يكون لديه (كراسة) خاصة يسجل بها ما له من نقوط لدي الناس كما اصبحت الكراسة عنصرا مهماً من عناصر اي فرح و(ليلة) كما يسمونها حيث يجلس شخص يستأمنه صاحب الفرح يجمع النقوط و يسجلها بأسماء اصحابها في الكراسة وأيضا ليعرف من سدد له نقوطه ومن لم يسدد. عجائب المصريين لم تتوقف عند هذا الحد انما ابتدعوا لغة خاصة يتم التعامل بها في الافراح وعند الدعوة لها فعندما يكتب اسم المدعو علي كارت الدعوة باللون الاحمر فهذا معناه انه مدين لصاحب الفرح وعليه ان يعود لكراسته ليعرف ما عليه تسديده من نقوط، لانه ان لم يدفع فسوف يفاجأ في اليوم التالي بصاحب الفرح يذهب اليه في منزله ويطالبه برد النقوط، والاكثر عجبا انه اصبح هناك (رابطة) لأفراح الشوارع تضم أناساً من عدة محافظات وعضويتها مفتوحة للجميع واغلبهم يعرفون بعضهم ويشاركون افراح اعضاء الرابطة. بالطبع هناك اناس مجاملون ولاينتظرون رد النقوط الا ان الغالبية تتعامل مع النقوط وكأنه دفتر ادخار يدفع بالتقسيط ويجمع يوم فرحه مبلغاً كبيراً، وكل فئة حسب قدراتها المالية.. هناك من يتعامل بعشرات الجنيهات وهناك "المعلمين" والتجار الذين يتعاملون بالآلاف وكلهم منشغلون طوال الوقت باسترداد نقوطهم لدرجة ابتداع مناسبات مثل عمل خطوبة مضروبة، او ختان او عيد ميلاد. افراح الشوارع اصبحت مكاناً جيداً للاعلان عن الافراح الاخري فمن ينوي عمل فرح يذهب ويجامل كل اصحاب الافراح قبله ليدفعوا النقوط ويعلنون طوال وقت الفرح عن موعد لياليهم، وفي كل الليالي هناك مايسمي بمجاملة صاحب الفرح للمعازيم بأن يحضر لهم بعض زجاجات البيرة واحياناً بعض المخدرات علي سبيل افتتاح السهرة وعلي المدعو ان يشتري مايريد بعد ذلك من بيرة خاصة وكثيراًما يتفق صاحب الفرح مع احد تجار الخمور ليحضر البيرة للفرح، كما انتشرت الشيشة في الافراح واصبحت مصدر رزق لبعض اصحاب المقاهي والشباب العاطلين الذي يقدمونها لرواد الافراح. اما أحداث موضة لأفراح 2006 عند المصريين هي ان صاحب الفرح يموت بعد تحديد موعده فيفاجأ أصدقاؤه و معارفه بوصول كارت دعوة من ابنائه مكتوب عليه آية قرآنية وبعدها "يدعوكم ابناء.. لحضور يوم جمع نقوط طرفكم" وطبعاً برغم المفاجأة غير الصارة فإن فاجعة المعازيم ايضا كبيرة لانهم تصورا أن صاحب الفرح مات وانهم لن يدفعوا النقطة ولكن هذا لم يحدث، والمتوقع بعد قليل ان يكتب في الدعوة أنه "عزاء لجمع النقوط".