تحقيق: محمود بسيوني - خليل العوامي فتح حادث قطار قليوب ملف تعويضات ضحايا حوادث الاهمال في مصر من جديد، خاصة بعد ان ظهر من تصريحات المسئولين ان مبالغ التعويض هذه المرة لن تتعدي 30 الف جنيه للقتيل وهو ما يقل عشر مرات عن مبلغ التعويضات في حادث العبارة والذي كان يقل ايضا عن المعايير الدولية لتعويضات ضحايا الاهمال في وسائل النقل. وهذا التناقض يعكس بشكل كبير حالة من الاستخفاف من جانب الحكومة بحياة المواطن المصري الذي يبدو مع تكرار هذه الحوادث وعدم محاسبة المسئولين عنها انه لا يزال بلا قيمة في نظر الحكومة. وأكد حافظ ابو سعدة الامين العام للمنظمة المصرية لحقوق الانسان وعضو المجلس القومي لحقوق الانسان ان التعويضات بشكل عام في مصر متدنية جدا ولا تقارن مع حجم الجريمة التي تقع في حق اسر الضحايا عندما يفقدون ذويهم في حوادث لا علاقة لهم بها وهذه القيمة المادية الهزيلة تعكس وجهة نظر الحكومة بقيمة الانسان المصري وهي نسبة لا تعكس اهتماما منها لقيمة هذا الانسان، وأكد ان قيمة التعويضات في حادث العبارة الاخير يتساوي في قيمته مع ضحايا تصادم القطارين حسب المعايير الدولية، ولكن الحكومة المصرية تتعامل بشكل غير مفهوم مع ضحايا القطارات خاصة، والذين يحصلون علي قيم متدنية جدا من التعويضات وكأنهم لا يهمون الحكومة. واشار ابو سعدة الي ان الحكومة تتحدث عن دور المجتمع المدني وهي تهمل توصياته وأفكاره التي يقولها عقب كل حادثة، كما وصلت درجة الاستخفاف الي اهمال ما يقوله مجلس الشعب نفسه لافتا إلي ما كشفه رئيس لجنة النقل بمجلس الشعب ان الحكومة اهملت تقارير المجلس التي اصدرها عقب حادث قطار الصعيد حتي الان وهو ما تسبب في تكرار هذه الحوادث سواء في حادث القطار او العبارة ، مشيرا الي ان الحكومة اداؤها سيئ جدا مع الازمات وهو ما دفعنا للمطالبة بهيئة لادارة الازمات في مصر وهو ما تهمله الحكومة ايضا دون سبب او مبرر سوي انها تستهين بافكار وتوصيات المجتمع المدني وايضا تستخف بحياة المواطن المصري الذي ينتظر المزيد من الكوارث في ظل هذه الادارة السيئة للازمات من جانب الحكومة. يري ناصر امين مدير المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة ان اسلوب تقدير التعويضات في مصر يمثل كارثة، ويقول ان الدولة تقدر حجم التعويض حسب الحالة الاجتماعية للضحية، وتتعامل مع الفقراء من منطلق ان مبلغا قليلا من المال يمثل لهم شيئا كبيرا يرتضون به، ويقول امين ان هذا الاسلوب في التعامل مخالف للمواثيق الدولية التي تستوجب تحديد قيمة التعويض بقدر الضرر شريطة ان يكون جابرا لهذا الضرر، وجبران الضرر فيما يتعلق بالحق في الحياة متساويا لدي الجميع ولا يجوز تجزئته. ارجع امين ما يحدث الي ثقافة الدولة المتواضعة عند تقديرها للتعويضات ، وقال للاسف الشديد فان هذا الاسلوب لا يقتصر علي الدولة فقط وانما يستخدمه القضاة في احكامهم بخصوص التعويضات، حيث يعتمدون معايير غريبة جدا للتقدير منها الحالة الاجتماعية والمركز الاجتماعي ووظيفة الضحية ومدي ثرائه، ويقول ما دام القضاة انفسهم يتعاملون بهذا المنطق غير الموضوعي فطبيعي ان يكون اداء الدولة بهذا السوء. من جانبه يقول محمد زارع - رئيس مجلس ادارة المؤسسة العربية للاصلاح الجنائي، ان كل شخص توفي في حادث بأنه فقد حياته نتيجة هذا الحادث مما يستوجب حصوله علي تعويض، ومن المفترض ان التعويض تحكمه في جزء منه نوع وسيلة التنقل التي مات بها الضحية حيث يكون لكل وسيلة حجم تأمين علي تذكرة كل راكب وهذا التأمين يتدخل بشكل كبير في حجم التعويض، فالطيران والسفن مثلا يحكمهما الي حد ما المعايير الدولية لا سيما ان كانت الرحلة خارج حدود مصر. يقول زارع ان كان ضحايا القطارين الاخيرين حصل كل منهم علي 30 الف جنيه فان ضحايا قطار الصعيد الذي احترق منذ عدة سنوات لم يحصلوا علي اي تعويض وتذرعت الحكومة حينها بعدم التعرف علي شخوص الضحايا نتيجة تفحم الجثث!! وكذلك في حادث العبارة سالم اكسبريس فان ضحاياها لم يحصلوا ايضا علي تعويضات، فضلا عن ان حادث سقوط الطائرة المصرية منذ سنوات علي السواحل الامريكية، فرقت الحكومة في المعاملة وحجم التعويضات بين المصريين والاجانب، فبينما حصل اهل الضحايا الاجانب علي كل حقوقهم المنصوص عليها في القوانين الدولية، لم يحصل الضحايا من المصريين علي نفس الحقوق. يري زارع ان اسلوب الحكومة في التعامل مع المصريين لحظة الكوارث يعكس غياب معايير واضحة للعمل في هذه الامور، ويقول ان الحكومة تتعامل بالقطعة ففي كل حالة يكون هناك معاملة بعينها، وغالبا ما يحدد نوع التعامل الحكومي وحجم التعويضات حجم الضغوط السياسية التي يمارسها الرأي العام والقوي السياسية عند وقوع الكارثة. ويقول جمال بركات الامين العام لجمعية الدفاع عن الحقوق والحريات ان القانون الدولي حدد قيمة التعويض في حوادث الطرق بما يتناسب مع حجم الجريمة والضرر علي المواطن. اضاف ان كل التعويضات التي يتحدثون عنها في وسائل الاعلام لاسر المتوفين في حادث القطار ارقام مهينة لادمية الانسان المصري ولا تتفق مع المواثيق الدولية او القانون المصري، مؤكدا ان تعويضات القطار يجب ان تتساوي مع قيمة التعويضات التي تم صرفها في حادث العبارة السلام 98. وكشف بركات ان جمعيته تلقت منذ ايام قليلة حادث القطار شكاوي من اسر واهالي ضحايا العبارة تفيد انهم لم يصرفا المبالغ المستحقة لهم حتي الآن.