جميع الجهات الرسمية وغير الرسمية كتبت وتكلمت عن فيروس أنفلونزا الطيور وكيفية الوقاية منه والعلاج وعن كيفية انتشاره وأعداد المصابين وحالاتهم والأماكن التي انتشر بها وعن مكافحته والجهود المبذولة لتوخي الحذر.. إلي آخره. ولكنني أتساءل لماذا لم يلق أحد الضوء علي اسباب وجود هذا المرض؟! وبما أنني لست طبيبة ولا باحثة بيئة ولا أعمل باليونسكو أو اليونيسيف ولا حقوق الإنسان ولا الحيوان ولكنني فقط إنسانة تعيش علي هذه المعمورة أراقب الحياة من حولي وأقارن حياتنا المعاصرة بحياة ابائنا وأجدادنا وأتمني لو اني عشت في عصر غير هذا العصر!! عصر طغيان المادة والطمع والجشع!! كل شيء في حياتنا يؤخذ كمادة خام يوضع فورا بمصنع اسمه المادية فيتدرج تصنيعه وتحضيره بعدما يدخل في عدة مراحل إلي أن يخرج من المصنع كسلعة مادية بحتة للربح والخسارة والزائد والناقص يا له من عصر مخيف!! أزمة هذا المرض التي تلاعبت بأقدار الكثيرين علي كوكبنا الأرضي أعادت بي الزمن للوراء عندما كنت أري جدي الطبيب يعالج مرضاه الفقراء مجانا بل ويعطيهم الدواء، وتعلمت منه مبكراً أهمية القيم في حياتنا كي تسمو أرواحنا فوق أي مادة، وتذكرت قول جدي أن الطب ليس مهنة تجارية ولا مهنة مكسب انها مهنة انسانية يجب ألا نتاجر بها. وقيمة أخري تشربتها من أبي الفارس المناضل الشجاع الذي كان قد ترك أموالا وأراضي وعقارات وقصوراً ورثها عن أجداده وهاجر ليخدم بلاده ويدافع عن مبادئه السامية والنبيلة لأنه كان يؤمن بألا مساومة علي الأوطان ولا متاجرة بالمبادئ ولا ربح وخسارة بالأخلاق ولا يمكن أن أوزن المال والجاه والسلطة بميزان الوطن فالسياسي النظيف هو الذي يخسر ماله وكل ما عنده من أجل وطنه وليس الذي يكسب ولا يعطي. ولكن ما يدعو للدهشة والاستنكار أن المقاييس والمعايير كلها اختلفت وبعدما كانت الأغلبية صالحة والأقلية طالحة أصبحت العكس. الغريب أن انسان الألفية الثالثة يسعي دائماً إلي الربح وزيادة ارصدته المالية في البنوك مهما كلفه ذلك من ضريبة باهظة الثمن تستهلك صحته وراحة باله واحتضانه لأسرته وواجبه تجاه وطنه.. فالطمع أعمي اعينهم عن حقيقة وجوده ورسالته الاساسية في الحياة. فهل من عاقل يوضح لنا الكيماويات التي تضاف إلي الخضروات ليكبر حجمها قبل أوانه ويزيد انتاجها علي حساب صحة التربة الزراعية. أما أصحاب الدواجن الذين يحقنون دواجنهم بحقن هرمونات لتكبر أيضا بسرعة ويكبر حجمها ويزداد وزنها ويرتفع سعرها ولتبيض أسرع. فهذا هو الإنسان الذي يزداد طمعا، فقد وهبنا الله سبحانه وتعالي الطبيعة وكل شيء فيها منسق ومتوافق مع أجسامنا وصحتنا وبيئتنا وكل شيء حولنا متناغم بأمر الله. إلي أن حل الإنسان ضيفاً علي هذه المعمورة وشيئاً فشيئا لوث البيئة وتعدي علي الحيوان وقتل النبات ودمر كل شيء. وهبنا الله البرتقال كثمر نأكله في الشتاء لاحتوائه علي الفيتامين (C) الذي يقينا من أمراض الشتاء فها هم يزرعون البرتقال بالصيف والشتاء والربيع. وهبنا الله الموز في الصيف بالأماكن الحارة لاحتوائه علي الكالسيوم والعناصر التي يستفيد منها أبناء هذه المناطق الحارة التي تأخذ الشمس الكثير من طاقتهم بالحر.. فأنفلونزا الطيور وجنون البقر وتخلف السمك سيلحقه قريبا غرور وطمع البشر ثم دمار الأرض!! فما أدراكم بأن الطيور هي صاحبة هذا المرض فمن الممكن ان تكون الطيور نفسها أخذت العدوي من رفات الحيوانات الأخري التي يطعمونها هم كالسمك مثلا أو لحم الخرفان؟! فابحثوا بين الحيوانات الأخري فربما تجدون أمراضاً أخري. فلماذا نتذمر ونغير خلق الله. أليس الله بأحسن الخالقين وأحكم الحاكمين؟! اتقوا الله يا طماعين!!