في الثامن عشر من هذا الشهر توجه الرئيس مبارك إلي أشبيلية لحضور احتفالية معرض ومتحف ابن خلدون والذي يقام في القصر الملكي اعتزازا بعالمنا المفكر الكبير. وتخللت هذه الزيارة مشاورات ومباحثات مهمة بين مبارك والملك الأسباني خوان كارلوس تخص الجانبين والقضايا العربية والمشتركة وبصفة خاصة قضية فلسطين والخطر الأوروبي. كذلك قضية شبح الإرهاب. وكان أيضا هناك نصيب لمناقشة حوار الحضارات والتوافق بين شعوب المتوسط. أما معرض ابن خلدون الذي تستغرق إقامته الفترة من 18 مايو حتي 30 سبتمبر. فقد شارك في افتتاحه ممثلو 37 دولة عربية وأوروبية. وكان للكلمة الجميلة التي ألقاها كارلوس عن ابن خلدون ومدي تأثيره في الحضارة الإسلامية وزاده الثقافي. كان لهذه الكلمة أثر جميل معبر عن المحبة والسلام بين مصر وأسبانيا بل والعرب جميعا. وهذا الاحتفال الرائع هو أبلغ رد علي الذين يغذون ما يسمي بصراع الحضارات بدلا حوار الحضارات. ومن الجميل واللافت اهتمام أسبانيا باقامة هذه الاحتفالية بعد مرور ستة قرون علي رحيل العالم العربي الكبير. والمعرض يحمل لنا الإشعاعات الفكرية لثقافة ابن خلدون، كما أن هناك دورا مهما لأشبيلية أدته في القرن الرابع عشر. بحق أن قيام المعرض جمع عددا كبيرا من القادة علي اختلاف مبادئهم ليعرفوا ماذا قال وماذا قدم هذا المفكر العظيم الذي استطاع بفكره وعلمه أن يجمع هذا الحشد بعد رحيله منذ ستمائة عام تقريبا وتيجيء إقامة هذا المعرض في الوقت الذي اشتغلت فيه فكرة صراع الحضارات. لنقول للعالم أجمع إن الحضارات التقاء لا صراع ومودة لا احتدام. وهذا المعرض تعقبه خطوة تخدم قضايا الشرق الأوسط والعرب جميعا. كما أن هذه الاحتفالية هي دعم للعلاقات بين أسبانيا والعرب ومن حولهم ولأسبانيا علاقات ومصالح متميزة مع مصر تنميها مثل هذه المناسبة. وفي هذا السياق فإن هناك شركة أسبانية تقوم بتنفيذ مشروع هائل في مدينة دمياط لإقامة محطتين لتسييل الغاز الطبيعي، كما أن أسبانيا تساهم بتقديم بعض المنح الدراسية لطلاب الدراسات العليا في مصر. ولا ننسي أيضا مساهما أسبانيا إبان إقامة مكتبة الإسكندرية، وعندما نقترب من شخصية ابن خلدون فهو مؤرخ مسلم ولد في تونس عام 1332 وانتقل إلي خالته في مصر عام 1406 وعام 2006 هو المئوية السادسة لرحيله، ويتفوق ابن خلدون علي كثيرين، فهو قد قدم تاريخ المجتمع الإنساني الإسلامي وخصائصه من خلال شرح التوافق الاجتماعي ومعيشة البشر ماديا واجتماعيا شارحا أيضا المؤثرات الطبيعية التي تأثر بها الناس وليس من خلال الخطاب الديني. مبتعدا عن أي أحداث ترتبط بالصراع بين الغرب والشرق. ويبقي السؤال ما الذي سنقدمه لهذا الرجل بعد أن كرمته أسبانيا بتقدير عظيم لمجده وعلمه. إثر تقدير عظيم من هذه الدولة الصديقة لهذا المفكر القدير. إن اهتمامنا بنشر فكر ابن خلدون مترجما للغات العالم شارحين