صدر يوم الاثنين الماضي كتاب بول بريمر، الحاكم الأمريكي السابق للعراق، تحت عنوان: "عامي في العراق: النضال من أجل بناء مستقبل الأمل"، وأحدث فور صدوره ضجة عالمية بدأت منذ إدلاء بريمر بتصريحات مثيرة لشبكة "إن. بي. سي" الأمريكية ليلة صدور الكتاب. وقد اهتمت وسائل الإعلام والصحف العالمية بالكتاب وأفردت له صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية صفحة كاملة نشرت فيها الفصل المتعلق بالقبض علي صدام حسين في الكتاب، حيث روي بريمر كيف سقط صدام وكيف أبلغه رجاله بالخبر وكيف أبلغه هو لكوندوليزا رايس، مستشارة الأمن القومي الأمريكي وقتها، والتي أبلغته بدورها للرئيس الأمريكي جورج بوش. وفيما يلي أول مقتطفات من كتاب بريمر: رن جرس التليفون بجانب سريري في الواحدة والنصف من صباح يوم الأحد 14 ديسمبر 2003، كان المتحدث الميجور بات كارول، مساعدي العسكري. - آسف لإيقاظك سيدي.. لكن الجنرال جون أبي زيد يريد التحدث إليك فوراً عبر خط سري. كان الخط السري عطلان، فارتديت ملابسي مسرعاً وذهبت إلي مكتبي في قصر صدام السابق. أوصلوني فوراً بالجنرال أبي زيد. - جون.. ما الحكاية؟ - أعتقد أننا أمسكنا صدام حسين.. القوات الخاصة وجدت رجلاً ملتحياً قذراً في ثقب عنكبوت خارج تكريت. - وكيف عرفت أنه صدام؟ - عندما أخرجه رجالنا من الحفرة، قال: أنا صدام حسين رئيس العراق وأريد أن أتفاوض، فحصوه فوجدوا الندبات والوشم الذي نعرف انه في جسد صدام. - كيف نتأكد أنه هو؟ - لقد نقلناه إلي بغداد، نظفناه وأريناه لكبار مساعديه الذين قبضنا عليهم. سنبعث أيضاً بعينة DNA إلي ألمانيا للتأكد. - جون.. يجب أن نكون متأكدين 100%، سنكون أضحوكة العالم إذا اتضح أنه أحد "دوبليرات" صدام الملعونين. عدت إلي السرير لكني لم أتمكن من النوم. في التاسعة صباحاً بتوقيت بغداد، الواحدة صباحاً بتوقيت واشنطن، قررت إيقاظ كوندوليزا رايس، مستشارة الأمن القومي. أوصلوني فوراً بها. - أمسكنا صدام ياكوندي، ويبدو أنه لا شك في ذلك. - سأوقظ الرئيس فوراً، فهو يريد أن يعرف. هكذا روي بريمر كيف سقط صدام، لكنه لم يستطع إخفاء حجم الفشل الذي صاحب الحرب ذاتها في العراق. فقد قالت شبكة التليفزيون الأمريكية إن بي سي إن بول بريمر الذي تولي منصب الحاكم الأمريكي في العراق بعد غزوه عام 2003، اعترف بأن الولاياتالمتحدة لم تكن تتوقع التمرد في هذا البلد. وفي مقابلة مع الشبكة بشأن نشر كتاب عن العراق, سرد بريمر تفاصيل قرار حل الجيش العراقي بسرعة بعد الوصول إلي بغداد, وهي خطوة كانت محل انتقاد كثير من الخبراء. ونقلت الشبكة في نشرة إخبارية أن بريمر رد في سؤال عن الملام في هذا التمرد الذي تلا حل الجيش بالقول "لم نتوقع حقيقة حدوث التمرد". وأضافت الشبكة التي بثت المقابلة مساء يوم الأحد أن تصريحات بريمر أشارت إلي أن "تركيز الحرب كان في المكان الخطأ". وقال بريمر أيضا إنه كان يشعر بقلق عميق بشأن قتال المسلحين وأصبح قلقا علي نحو متزايد بشأن حملة البنتاجون (وزارة الدفاع الأمريكية) لتقليل عدد القوات الأمريكية في العراق بحلول ربيع 2004. وتابع بريمر أنه أثار قلقه بشأن الاعداد ونوعية القوات الأمريكية مع الرئيس الأمريكي جورج بوش ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد وكبار المسئولين العسكريين. وأبلغ بريمر شبكة إن بي سي أنه كان هناك اتجاه من جانب أشخاص في البنتاجون لتضخيم قدرة القوات العراقية حاليا وقال "شعرت بأنه من غير المحتمل أن يكون لدينا قوات عراقية مدربة بشكل احترافي للسماح لنا بسحب القوات الأمريكية في ربيع 2004". وسئل عما إذا كان يعتقد أنه فعل كل شيء يمكن أن يفعله في العراق فقال بريمر "أعتقد أنني فعلت كل شيء أستطيع فعله. الرئيس في النهاية مسئول عن اتخاذ القرارات". وقد نشر كتاب بريمر عن العراق بعنوان "عامي في العراق.. النضال لبناء مستقبل الأمل" يوم الاثنين الماضي. وقد أقرت وزارة الدفاع الأمريكية أن حاكم العراق الأمريكي السابق بول بريمر طلب في مذكرة رسمية قبل مغادرة منصبه رفع عدد القوات الأمريكية لنصف مليون لمواجهة العمليات المسلحة. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع لورنس دي ريتا إن بريمر رفع مذكرة في مايو 2004 -أي قبل شهر علي انتهاء ولايته- للمطالبة بتعزيزات عسكرية مهمة, لكنه اعتبر أنها كانت المرة الوحيدة التي طالب فيها حاكم العراق الأمريكي السابق بمزيد من القوات. وأضاف دي ريتا أن تحليل بريمر "كان موضع درس من رئيس أركان الجيوش الأمريكية والقادة العسكريين الآخرين الذين اعتبروا أن عدد القوات المنتشرة كاف وأبلغوا وزير الدفاع بذلك". وكان بريمر ذكر أول أمس في لقاء مع شبكة NBC التليفزيونية بمناسبة إصدار كتابه "عامي في العراق: الكفاح من أجل مستقبل الأمل" أنه طلب في مذكرة رسمية إلي وزير الدفاع دونالد رامسفيلد رفع عدد القوات الأمريكية إلي نصف مليون، لكنه "لم يتلق أي رد". كما قال بريمر إنه "أبدي منذ البداية انشغاله بعدد ونوعية القوات العراقية", ودافع عن عدم جهره بآرائه في حينها بقوله إن التزاماته هي "إخبار الرئيس بما أفكر فيه سرا وعبر القنوات المناسبة". كما اعتبر بريمر أنه ليس من العدل توجيه اللوم إليه في حل الجيش العراقي لأنه ليس هو من أمر بذلك, قائلا "لقد ناقشت القرار مع مستشاري وكبار المسئولين المدنيين في البنتاجون قبل أن أقدم توصيات تمت عليها الموافقة في واشنطن".