الإقبال الكبير من المطربين علي غناء المقدمة والنهاية للمسلسلات الدرامية تحول إلي ظاهرة تستعصي علي الفهم، ففي الوقت الذي يعتذر فيه الغالبية منهم عن إحياء الحفلات الفنية، يتسابقون جميعاً علي دخول الاستديوهات الصوتية لتسجيل المقدمات الغنائية، وسرعان ما تحولت الساحة الدرامية إلي حلبة "للصراع" والتنافس بين الحجار ومنير والحلو وأنغام، وأخيراً دخل خالد عجاج "علي الخط" كما فعل محمد فؤاد من قبله ثم أنغام وغادة رجب. فهل المسألة استثمار لدعم "الألبومات" بأغنيات أم إفلاس أم صراع لإثبات الأفضل أو محاولة للوصول للجمهور في عقر داره؟! في البداية يحاول المطرب خالد عجاج تبرير الظاهرة بقوله: - لقد شاركت بالغناء في المقدمة والنهاية لمسلسل "ريا وسكينة" وكانت التجربة ممتعة للغاية، خصوصاً بعد النجاح الكبير الذي حققه المسلسل، وأضاف الكثير لرصيدي لأن الأغنيتين كانتا تذاعان يومياً، فتعلقتا بالآذان، وهذا أهم ما ينشده المطرب من وراء أي عمل يقدم، ومسألة أن يختار المطرب المسلسل الذي يغني له تختلف من مطرب لآخر، فهناك مطربون معروفون في هذا المجال منهم "محمد الحلو" و"علي الحجار" وهؤلاء ربما يستطيعون قبول أو رفض أغنية "تتر" حين تعرض عليهما، لكن بالنسبة لي فالأمر مختلف لأنني لم أشارك في تجربة كهذه من قبل وحينما عرض علي الأمر من قبل الشركة المنتجة للمسلسل فرحت كثيراً لأنني كنت متأكداً أن التجربة ستضيف إلي رصيدي فيما بعد، وربما مع مرور الزمن وإذا أتيحت أكثر من فرصة لتقديم أغنيات "تتر" كهذه ووقتها سوف يكون لي الخيار ولا أنكر هنا أن المسلسل نفسه أعجبني وكنت واثقاً من نجاحه ونجاحي معه، فالمطرب، ربما يملك الاعتراض علي شيء ما في الأغنية حسب إحساسه بمعني أن ألا يشعر بكلمة معينة أو نغمة ما فيتدخل لكن في حدود بعكس بعض المطربين الذين يدخلون تغييرات جوهرية في الأغنية لأن خبراتهم كبيرة في هذا المجال، أما الناحية المادية فهي مهمة جداً لكنها لن تكون الدافع وراء عمل كهذا، فالهدف مثلما قلت هو الانتشار الذي يلاقيه المطرب في حالة تكرار الأغنية يومياً ونجاحها بعد نجاح المسلسل، وأنا شخصياً كنت في حاجة إلي ذلك خاصة بعدما قرأت الكلمات واستمعت إلي اللحن ووجدتهما مناسبين لصوتي تماماً، فهناك أغنيات "تتر" تعتبر فرصة كبيرة للاستمرار حيث توضع في ألبومات النجوم فيما بعد، وهذا لا يتأتي مع نجاح الأغنية وهذا مالا يعرفه المطرب قبل الإقدام علي التجربة، أما مسألة المنافسة بين المطربين في جودة أغنيات "التتر" فلا أعتقد أنها واردة والمنافسة تكون في الألبومات وفي الحفلات، خاصة أن كل مطرب يعمل في صمت وتظهر الأغنية مع بداية عرض المسلسل فقط. أما المطربة الشابة "نهال نبيل" والتي سمعها الجمهور لأول مرة مع بداية عرض حلقات مسلسل "سارة" فتقول: اختارني الملحن "ياسر عبدالرحمن" لغناء مقدمة المسلسل وكانت هذه هي التجربة الأولي لي في الغناء في التليفزيون لهذا لم أتردد لحظة واحدة في الموافقة لأنني أعي تماماً أنها ستكون فرصة كبيرة لتقديمي للجمهور مع كل حلقة من المسلسل ولكنني قد شاركت من قبل في مسابقة "ستديو الفن" ولذلك فإنني سارعت بالموافقة علي هذه التجربة وعادة ما يختار الملحن اسم المطرب الذي يقوم بالأغنية، أما مسألة الاعتراض علي كلمة فأحياناً ما تكون هناك نغمات أشعر أنها غير متلائمة معي فأطلب بتعديلها فقط، لكن ليس من حق المطرب الاعتراض أو التغيير كما انه يجب أن يستمع المخرج إلي المطرب قبل بدء التسجيل كما فعلت المخرجة شيرين عادل التي استمعت إلي ثم أجازتني، وأنا لم أختر المسلسل لكنه الذي اختارني فهي التجربة الأولي لي في الغناء وأتمني أن تتكرر فيما بعد وبنفس المستوي خاصة بعد حصولي علي أحسن أغنية "تتر" في عام 2005 في استفتاء أجرته إذاعة "نجوم F.M" مما شجعني كثيراً، وعموماً المطرب ليس من حقه أن يقرأ السيناريو لكن عليه أن يكون علي علم بقصة المسلسل وأحداثه ولو لم تعجبني القصة لما قبلت العمل لأنه يضيف للفنان وليس الأغنية وحدها ونجاح مسلسل "سارة" عزز من نجاح أغنية المقدمة التي قدمتها، وقد تكون التجربة فرصة للاستثمار وخاصة في الحفلات، فأنا شخصياً كثيراً ما يطلب مني غناء هذه المقدمة والنهاية في الحفلات ومسألة صدورها في ألبوم يحتاج إلي موافقات كثيرة وربما يحدث هذا في المستقبل، والمطرب يجب أن يخوض المنافسة تماماً مثلما يحدث مع المؤلف والملحن والمسلسل نفسه. أما المطرب محمد الحلو الذي له باع طويل في غناء مقدمات الأعمال التليفزيونية فيقول: غناء مقدمة المسلسل تمثل مسئولية كبيرة بالنسبة لأي مطرب، ولا يمكن أن ينظر إليها علي أنها فرصة للظهور فقط ولكنها نقطة البداية لنجاح أو فشل أي مسلسل، فهناك مسلسلات نجحت بسبب أغنيتي المقدمة والنهاية ولو كانت المقدمة غير مناسبة للموضوع أو صوت المطرب غير مناسب للكلمات واللحن لأغلق الجمهور جهاز التليفزيون قبل بدء المسلسل والدليل علي هذا أن الناس تتذكر مقدمة ونهاية مسلسل "ليالي الحلمية" بكل ما فيها من شجن وعذوبة، وكذلك مسلسل "بوابة الحلواني" بصوت علي الحجار الرائع وغيرها الكثير، فالمقدمة جزء أساسي من بناء المسلسل مثلها مثل السيناريو والمخرج والأبطال، وأنا شخصياً كنت قد قررت اعتزال المشاركة في غناء مقدمات المسلسلات بسبب حذف الأغنية في بداية المسلسل ونهايته في التليفزيون المصري، لأن المسلسل عادة ما يبدأ متأخراً بسبب الإعلانات دون أغنية المقدمة وفي النهاية يكون ميعاد نشرة الأخبار قد اقترب، فتحذف النهاية، ولكنني عدت وقبلت لأن هناك أعمالاً أعجبتني كثيراً ووجدتني أتمني أن أشارك فيها، وأنا شخصياً أشارك في اختيار ملحن الأغنية وأختار الكلمات بنفسي ولو لم تعجبني أغيرها، لأنني لا أخوض التجربة جرياً وراء المكسب المادي، بل لإثراء المسلسل والحفاظ علي تاريخي في الغناء، كما أنني أقرأ السيناريو قبل البدء في أي أغنية لأري إن كانت القصة تستحق أن أقدم أغنيتها أم أنها سوف تسيء إلي تاريخي، لهذا رفضت كثيراً من الأعمال لأن السيناريو لم يعجبني ولأنني سوف أضار من المشاركة في هذا العمل، ومنذ زمن طويل تمثل أغنيات المقدمات فرصة للاستثمار في حالة نجاحها، فهناك أغنيات تسعي إليها شركات الإنتاج لوضعها داخل الألبوم وهذا شيء لا يسيء إلي العمل أو الفنان، أما مسألة المنافسة فكل فنان له طبعه في الغناء، وكل له جمهوره الذي ينتظره، وأنا شخصياً وقبل أن أقرر اعتزال الغناء والحياة الفنية قدمت عدداً غير قليل من الأغنيات التي مازال الجميع يغنيها. أما المطرب هاني شاكر والذي كانت له تجارب قليلة في غناء مقدمات المسلسلات فله رأي خاص يوجزه بقوله : لا أميل كثيراً إلي غناء المقدمات والنهاية ولكن هناك أعمالاً شدتني مثل مسلسل "دواعي أمنية" لوجود الفنان الكبير "كمال الشناوي" الذي قام بالاتصال بي وطلب مني أن أغني معه في المسلسل وحينما قرأت قصة المسلسل أعجبتني كثيراً واخترت اللحن بنفسي خاصة أن الكلمات كانت جاهزة وأعجبتني بعدما شعرت أنها ليست أغنية سوف يبدأ بها مسلسل ولكنني شعرت أنها "فيديو كليب" هادئ وبسيط يعكس حالة عدم الأمان التي تقوم عليها أحداث العمل خصوصا أنها كانت أغنية واحدة في المقدمة والنهاية وتتميز بموسيقاها وهو ما طلبته بنفسي، لأن جمال الأغنية في قلة كلماتها وتعبيراتها الرائعة وهذا ما قدمته في تلك الأغنية وقدمت أيضاً أغنية مسلسل "السوق" منذ أكثر من خمسة عشر عاماً وكانت لها ظروف خاصة جداً، حيث استمعت للكلمات وطلبت أن أغنيها وحينما علمت أنها مقدمة مسلسل لم أتردد في المشاركة لأن الكلمات جذبتني كثيراً. والمسألة بالنسبة لي ليست مادية بل عملاً جيداً أحبه وأقدمه للجمهور من خلال أي نافذة، وأغنية مسلسل "لدواعي أمنية" طرحت في ألبوم خاص بي مع مجموعة من الأغنيات القديمة التي قدمتها وهو ما يعني أن هناك جانباً استثمارياً لا أتغافل عنه، أما مسألة المنافسة فقد تكون متعلقة بآخرين، أما أنا فبعيد عن ذلك تماماً لأن الموضوع بالنسبة لي ليس رئيسياً.