مازالت المنظمات الحقوقية تسعي وبعد أكثر من عشرين عاما لخدمة القضايا الوطنية والتصدي لمشكلات المواطن المصري من أجل الدفاع عنه وعن حقوقه، وعلي الرغم من التباين في وجهات النظر وتنوع الأساليب واختلاف الأنشطة إلا أن التوافق الضمني فيما بين هذه المنظمات هو السعي لتطوير وتحسين حالة حقوق الإنسان في مصر ليحصد ثمارها المواطن البسيط، ولاشك أن القوي المدنية عانت وقدمت الكثير في سبيلها لتحقيق هدفها المنشود، وبذلت الأجيال المتعاقبة في الحركة الحقوقية جهدا لا ينكر في التأكيد علي مصداقية أداء تلك المنظمات والدفاع عن استقلالها، كما سعت الأجيال المتعاقبة في تجاوز الأطر التقليدية التي كانت قاصرة علي الندوات والمؤتمرات لتخطو خطوتها الواسعة في نهايات عام 2005 بتصديها لقيادة المجتمع المصري ومؤسساته لمراقبة سلامة الانتخابات الرئاسية والتشريعية. وفي رأيي أن عام 2006 سيشهد تطورا ملحوظا لأداء المؤسسات الحقوقية فيما يتعلق بإعادة صياغة العلاقة بين تلك المنظمات من ناحية والدولة من ناحية أخري بما يسمح بتوفير مناخ تشريعي وإداري يتسم بقدر أكبر من التسامح تجاه أنشطة وأداء المنظمات الحقوقية في مصر. وهو ما سيتطلب ضرورة تطوير تلك المنظمات وبحثها عن آليات مناسبة وتأهيل كوادر جديدة تواصل الدور الذي بدأه الجيل الأول، كما اعتقد أن المنظمات الحقوقية خلال عام 2006 ستكون علي رأس أولوياتها العمل علي تحقيق مبدأ سيادة القانون ودولة المؤسسات، واحترام التعددية السياسية والثقافية في المجتمع وكذلك الدفاع عن ديمقراطية وسائل الإعلام بما يسمح بتوفير الدعم والحماية للإعلاميين وحرية تداول المعلومات، وستكون هذه القضايا الثلاث بمثابة أركان ثلاثة لعملية الإصلاح التي ننشدها، وعلي الجانب الآخر سيكون مطلوبا من تلك المنظمات العمل بجدية لإزالة اللبس فيما يتعلق بالجدل الفلسفي حول أهم ثلاثة إشكاليات تواجهها المنظمات الحقوقية وهي الاستقلال عن المنظمات الأجنبية والتمويل والانحياز السياسي، ليس باعتبار هذه القضايا سهام توجهها الدولة والمعارضون لعمل تلك المنظمات ولكن إثارتها من قبل أنفسنا يعني أننا نقدم النموذج لمبدئي النزاهة والشفافية وهي الشروط الواجبة لمصداقية تلك المنظمات التي تسعي وبصدق لتكون الوسيط الأمين والشريف بين المواطن الأعزل والدولة بكل ما تملكه من سلطات. سعيد عبدالحافظ رئيس ملقتي الحوار للتنمية وحقوق الإنسان