كيف يصبح غلاف الكتاب نصا موازيا لما يحتويه الكتاب نفسه علي مستوي الدلالة والتشكيل والرؤية؟ وما هي الأسس والمقومات الجمالية والأيدلوجية التي يتم علي أساسها اختيار غلاف الكتاب؟ وفي المقابل ما الذي يعوق تحقيق هذا الهدف؟ خاصة أن صناعة الأغلفة اصبحت تجارة رابحة في ظل تعدد دور النشر في عالمنا العربي وتسابقها علي نشر الكتاب ومحاولة كل منها أن يكون له خصوصية في مجال الطباعة والنشر. إن المثل الشعبي يقول .الكتاب يقرأ من عنوانه. مشكلا دلالة مهمة علي عمق ما يحتويه النص وعلي الرغم من تطور صناعة الكتب والتقدم الهائل في علوم الكومبيوتر وتنامي ذوق القراء، فإن أغلفة الكتب في عالمنا العربي، لاتزال في الاغلب تحتاج الي مجهود تفتقر لعناصر الجذب والتشويق، ولاتشير الاغلفة الي التميز الذي تفرضه طبيعة النواحي الأدبية واختلافها ما بين الاجناس الادبية، واختلافها مابين قصة ورواية ومسرحية، وشعر وأدب أطفال وكتب في الفن والتاريخ والجغرافيا والعلم ودراسات التراث والمعاجم وغيرها من صنوف المعرفة. السمات الفنية لأوائل الكتب المطبوعة في أوربا من القرن الرابع عشر إلي القرن السادس عشر تعد هذه الفترة من أكثر الفترات خصوبة وثراء في فنون صناعة الكتاب، حيث عمل خلالها كبار الفنانين لاستحداث الجديد واستخدموا الكثير من التقنيات الموجودة في تلك الفترة باحثين عن التفرد والتميز. كما ظهر في تلك الفترة الكثير من الطباعين المتميزين الذين اصدروا كتبا اعتبرت علامة مميزة مما كان له الأثر البالغ في الارتقاء بمستوي الكتاب، لكن في السنوات القليلة الماضية اصبحت السمة الرئيسية للأغلفة هي الاستسهال والسطحية بجميع عناصر من شبكة الانترنت ووضع أي شيء علي الغلاف، واصبحت دور النشر لاتدفع ثمنا مقابل تصميم غلاف الكتاب وتأخذه مجانا من صفحات الانترنت. إن دور النشر التي توفر نقودها بعدم اعطاء الغلاف حقه هي الخاسر الأول، كما أن الشباب الجديد العامل في هذا المجال الذي يبحث عن قطعة من هنا وأخري من هناك هو ايضا خاسر عندما لايقدم تميزا لنفسه. إن الغلاف الجيد يجب ان تتوازي فكرته وأبعاده الفنية مع مضمون الكتاب وليس من الضروري ان تتطابق معه، هي تشير من بعيد وكأنها بمثابة مفتاح أو مدخل للدخول الي عالم الكتاب، ومن ثم هناك رسالة في الغلاف ورسالة في المضمون ان اهمية الاهتمام بدراسة الخطوط العربية والاسلامية والبحث المستمر فيها والاهتمام بتقديم دراسات لفناني الجرافيك وفنون الكتاب وايضا لابد من دراسة اعمال فناني الجرافيك المتميزين وإلقاء الضوء عليهم، والحرص علي تقديم بعض الكتب التي تحمل الطابع الفني الاصيل دون الاعتماد علي تكنولوجيا الطباعة. إن الاعتماد علي الكمبيوتر بصورة كبيرة ينتج أغلفة مكتظة بالكلمات والصور دون تناسق. يجب علي مصمم الغلاف ان يفهم فنيات وجماليات الخط العربي من اجل ان يتمكن من توظيف الحرف جيدا في الغلاف لأن خطوط الكمبيوتر المستخدمة الآن هي مجرد قوالب جامدة يعمل عليها الجميع واصبح الغلاف مزدحما بلا داع وبشكل مربك. إن أهمية وجود دراسة متخصصة عن صناعة الكتاب وليس عن فن الكتاب وهي الدراسة التي يتم تدريسها في كلية الفنون الجميلة حاليا ضرورية جدا لانها تحقق بشكل متعمق من تصميم الصفحة وشخصية الكتاب وشخصية دور النشر وشكل الكتاب الحديث ونوعية الورق وورق الغلاف وأنواع القطع. كما أن الطباعة في مصر تعاني الكثير من المشكلات فإن العامل في سورية ولبنان لديه احساس بالطباعة، والمصمم كذلك عنده فكرة عن الطباعة لذا كثيرا مايفسد العمل بعد الطباعة ويتهم المصمم المطبعة لكن الخطأ يكون منه فهو لايعرف شيئا عن الطباعة وعن برامج الكمبيوتر. لابد من اقامة مسابقة سنوية عن أجمل غلاف ويتم مساهمة دور النشر بمبلغ بسيط في حدود ثلثمائة جنيه ويدعم المجلس الاعلي للثقافة والهيئة العامة للكتاب والمجلس القومي للترجمة جوائز هذه المسابقة فإن هذه المسابقة ستشجع الكثيرين علي التميز. إن الغلاف عامل جذب للكتاب أو عامل نفور فمصمم الغلاف شريك للمؤلف.