لا تحكم علي الكتاب من عنوانه، نصيحة وجهها أحد أشهر مصممي أغلفة الكتب في إنجلترا وفرنسا، مؤكدا أن أغلفة الكتب في الوقت الحالي توضع لها أغلفة بطريقة روتينية لا تعبر عن محتواها من قريب أو بعيد. في استطلاع للرأي أجرته صحيفة "الجارديان" البريطانية بين أشهر الفنانين المتخصصين في تصميم أغلفة الكتب، أيد معظمهم رأي "جوناثان سافران" الذي أكد رأيه بقوله: "حتي أفيشات الأفلام العظيمة يتم تصميمها بأسلوب واحد، أما بالنسبة للروايات فلا يوجد مسئول في صناعة النشر، يمكنه تفسير لماذا يتوجب إعادة تصميم غلافها عند نقل نشرها من بلد إلي آخر؟! فنجد غلاف رواية واحدة يوحي بجميع أصناف جنون أساليب التصميم، ويحول مسألة البحث عن رواية علي أرفف الكتب الأجنبية إلي تجربة محيرة في أغلب الأحيان"... بينما نجد ألبومات "الأوبزرفر" تباع عبر دول العالم في قوالب عالمية، والأفلام العظيمة لها أسلوب موحد في شكل البوستر بجميع أنحاء العالم، عدا الروايات التي تختلف عن ذلك طبقا لاتفاقية نشر أتحدي وجود أحد في صناعة النشر قادر علي تفسير بنودها، ويجب إعادة صياغتها من الألف للياء، فهي توحي بكل أنوع إحتمالات التفسير، ويصبح من خلالها البحث عن الكتب نوعا من التنجيم، علي سبيل المثال في "المانيا" دارت مناقشات طويلة عندما تسلم الناشرين النص المكتوب لرواية مارتين إيمز"بيت الإجتماعات"، التي وصف فيها بؤس الحياة في معسكرات العمل الروسية، ما الذي دفعهم للإستقرار علي غلاف تظهر عليه ستة أجساد من خلال نوافذ بناية حديثة؟، وما الذي دفع مصممي الأغلفة الإيطاليين لمنح الساحر الصغير هاري بوتر قبعة علي شكل فأر؟ ولماذا عمد المصممين الفرنسيين إلي إختيار مغاير للتصميم الموحد لكتاب جوناثان سافران "كل شئ مضئ في بريطانيا وأمريكا"، واستبداله برسم بالألوان المائية لرجل يداعب صدر إمرأة؟ المصمم الإنجليزي ناثان بيرتون، مبتكر غلاف كتاب آلي سميث "العرضي" الذي رسم عليه إمرأة ميتة يقول:" ما نحاول عمله أن يعبر الغلاف عن جوهر الكتاب، وذلك شئ غامض تماما، المصممون علي إختلاف بلدانهم، يقرأون ثم يفسرون الرواية بطرق متباينة، لكن لم يتضح تماما كيف توصل الألمان إلي رسم أشكال مظللة لراقصات علي غلاف" بيت الإجتماعات"، إلا أن منبع الوحي يمكن أن يأتي من أي مكان".. هناك أسباب أخري دفعت المصممين لابتكار أغلفة مختلفة للروايات عند نشرها في أماكن أخري، يوضح ذلك جوليان هامفير رئيس مصممي أغلفة "فورث استيت"للنشر بقوله: "قنوات التوزيع المختلفة لكل منها حساسية مختلفة تجاة نشر شئ ما"، قد يكون من الصعب تحديد ماهية تلك الحساسية، إلا أنها شئ مرتبط بالثقافة، يحركه الذوق العام، مثلما يأكل الناس في دول مختلفة، طعام إفطار مختلف". إلا أن النص الأدبي الذي يعبر عن الناس بشكل واسع، يصبح بيعه أسهل في "أوروبا" عنه في "أمريكا" و"إنجلترا"، وبالتالي تصبح محاولات دور النشر في لفت الإنتباه إليه أقل إلحاحا، و بالتالي تتطلب مجهودا أقل، يقول بيرتون الذي جاء تصميمه لغلاف"جزء من الكل" لستيف تولز بالألوان الصارخة، بالمقارنه بالطبعة الألمانية بالأبيض و الأسود: "في أوروبا تحوي أغلفة الكتب في كثير من الأحيان صور بسيطة، تبدو عادية، وهو ما يؤدي لبيع الكتب، أما سوق الكتب الإنجليزية فهي أشد منافسة، كل الأغلفة علي أرفف المكتبات تكاد تصيح، اشتريني، وعلينا إضافة بعض عوامل الجذب". ويعلق هامفير علي ذلك بقوله:"يميل الناس في الولاياتالمتحدةالأمريكية إلي الخيال في صورة أدبية أكثر مما هو في إنجلترا، علي سبيل المثال نجدهم في الطبعة الأمريكية من"وولف هول"، ركزوا علي إختيار تصميم يتميز بالنزعة التاريخية، فجاء غلافهم عظيما،وفاز بالجوائز في كل مكان". لماذا لا يكرر الناشرين الأغلفة التي نجحت بالخارج؟ أجاب هامفير: "ذلك يحدث، لكن نادرا"، أما ميجا ويلسون المدير الفني في دار نشر"نوف جوبلاي" بنيويورك فيقول:"أن المصممين الأمريكيين يطلبون أحيانا رؤية الغلاف الإنجليزي، كنموذج قد يجدي أو لا يجدي، لكننا نادرا ما نستعين به مباشرة"، وبيرتون يحاول تجنب رؤية الأغلفة البديلة إذا كان يعمل علي تصميم كتاب سبق نشره فيقول:"إنه قد يجذبك نحو تصاميم شاذة و غريبة، من الأفضل أن تبدأ من جديد". بالنسبة للعمل في كلا من "الولاياتالمتحدة " و"إنجلترا" يتشكك ويلسون حول فكرة أن المشتري يختلف باختلاف البلدان ولذلك تختلف الأغلفة قائلا: "لماذا هناك حاجة لتصميم غلاف جديد في كل دولة ؟" لا أعتقد بوجود سبب، قال أندرو سميث مصمم أغلفة في"بنجوين": "عندما انتقلت من"انجلترا"إلي"نيويورك"، لم أغير من أسلوبي، ولا أعرف إذا كان ذلك يعود إلي عقلية لعينة تقول أن علينا دائما أن نبدأ من الصفر".