تجدد المظاهرات ضد الغلاء في الجزائر وإصابة العشرات تجددت الاحتجاجات ضد ارتفاع الأسعار في الجزائر بعد أن 18 مصابا من رجال الشرطة و82 من المواطنين في وقت تم اعتقال 20 آخرين وانتشرت الاضطرابات في مدن الشلفووهران والولايات الامازيغية. وذكر بيان للمديرية العامة للحماية المدنية في الجزائر أن أكبر عدد في الجرحي وقع بمنطقة باب الوادي بقلب العاصمة حيث أصيب 43 متظاهرا خلال المواجهات مع رجال الأمن. وعاد الهدوء إلي بعض أحياء العاصمة ومدن أخري كوهران وعنابة وبجاية وقسنطينة بالتزامن مع إلغاء وزارة التجارة الجزائرية شروطا كانت قد فرضتها علي تجار الجملة تسببت في ارتفاع أسعار مواد أساسية. وقال أستاذ علم الاجتماع بجامعة الجزائر عبدالناصر جابي إن هناك تخوفا من تجدد الاحتجاجات الشعبية في بعض الأحياء، مشيرا إلي أن ما ينتظره الجزائريون هو أن تتخذ السلطات إجراءات تركز علي الأسباب العميقة التي تسببت في الاحتجاجات. ويري جابي أن الجزائريين لم يستفيدوا مما سماها التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها البلاد خلال العشر سنوات الأخيرة، مؤكدا تسجيل سيولة نقدية كبيرة جدا في مقابل وقوع تفاوت اجتماعي. ويؤكد أن هناك أسبابا أعمق للاحتجاجات التي شهدتها بعض الأحياء الجزائرية، مشيرا إلي أن الاحتجاج علي زيادة الأسعار كان مجرد شرارة أولي. ومن جهته، دعا زعيم الجبهة الإسلامية للإنقاذ عباسي مدني في حديث للجزيرة إلي تعاون ووحدة الجزائريين لتغيير ما سماه الواقع الأليم. ومن جهة أخري، قررت الرابطة الوطنية لكرة القدم التي تشرف علي دوري المحترفين الجزائري تأجيل مباراتين في المرحلة ال14 من المسابقة بسبب الاحتجاجات. وذكرت وسائل الإعلام الجزائرية الرسمية أنه جري تأجيل مباراتي جمعية الشلف المتصدر مع مضيفه اتحاد الجزائري صاحب المركز العاشر، واتحاد الحراش مع مولودية وهران، إلي الثلاثاء القادم بدلا من إقامتهما غدا وبعد غد. وسارعت السلطات الجزائرية إلي احتواء الوضع من خلال إلغاء الإجراءات التي تسببت فيها، مرجعة ارتفاع الأسعار إلي ما سمته اختلالا في آليات توزيع المواد الغذائية، وبدرجة أقل إلي التهاب أسعارها في السوق الدولية. وعرض التليفزيون الحكومي تقريرا تطرق فيه إلي توقعات لمنظمة الغذاء العالمية بأن ترتفع أسعار مواد غذائية أساسية في العالم بشكل كبير في شهر ديسمبر الماضي. ووصف التليفزيون تلك الأحداث بأنها أعمال تخريب وتساءل من المستفيد منها؟، في إشارة إلي أن هناك جهات لم تسمها السلطات تحركها، موضحا أن أعمار من شارك فيها تتراوح بين 16 و18 عاما. وكان وزير التجارة مصطفي بن بادة قد أكد في ندوة صحفية عقدها أول أمس أنه سيتم اتخاذ إجراءات ردعية في حق من تسبب في ارتفاع الأسعار، مشيرا إلي خفضها ابتداء من الأسبوع القادم. واعتبر أن ارتفاع الأسعار في الأسواق الدولية يفسر الزيادة في السوق الداخلية، معتبرا أنه ليس التفسير الوحيد للارتفاع الذي عرفته مادتا الزيت والسكر. واتهم التاجر المتحكم في سوق السكر والزيت أسعد ربراب بالتسبب في ارتفاع الأسعار، حيث كشف بن بادة أن هذا التاجر رفع سعر السكر في أقل من يومين ب20 دينارا جزائريا 0.26 دولار أمريكي للمؤسسات العاملة في صناعة الحلويات والبسكويت، حيث ارتفع السعر من 70 إلي 90 دينارا جزائريا من 0.94 إلي 1.21 دولار أمريكي في أقل من يومين. وجاءت تلك الأحداث بعد أيام فقط من تأكيد رئيس الوزراء أحمد أويحيي أمام الغرفة العليا للبرلمان أن الاقتصاد الجزائري بخير، وتحدث عن تقلص كبير في البطالة. وكانت الاحتجاجات قد اندلعت في أحياء بالعاصمة مثل باب الوادي والشراقة وعين البنيان وساحة الشهداء وحي بلكور وساحة أول ماي ومعالمة وسطاوالي والبريجة وباش جراح، استخدمت فيها قوات الأمن الغازات المدمعة لتفريق المحتجين. كما أحرق متظاهرون ثلاث سيارات تابعة للشرطة، واقتحموا أحد مراكز الأمن. وبالإضافة إلي العاصمة، شهدت أحياء بولايات أخري احتجاجات وصدامات مماثلة، منها وهران 500 كم غرب العاصمة والجلفة 400 كم جنوبا وتيبازة 50 كم غربا. وذكرت وكالة أسوشيتد برس أن السفارة الأمريكية دعت مواطنيها في الجزائر إلي توخي الحيطة والحذر وتجنب الأماكن التي تشهد تجمعات. ومن جهة أخري، أشارت الصحف الجزائرية إلي أن السلطات الأمنية قامت بوقف نظام الرسائل القصيرة بعد أن كشفت تقارير أجهزة الأمن أن المتظاهرين يقومون بالاتصال عبر ‘‘أس أم أس‘‘ لتحديد المواقع التي يتم الالتقاء فيها لقطع الطرقات فضلا عن رسائل قصيرة تحريضية لشن احتجاجات وغلق الطرق. ويذكر أن هذه الأحداث ليست جديدة في الجزائر، فالصدامات مع قوي الأمن باتت دورية خاصة فيما يتعلق بقضية السكن أحدثها في العاصمة مطلع هذا العام بسبب الاحتجاج علي نوعية سكن جديد نقل إليه سكان أحياء مهمشة، لكن الجديد هذه المرة هو اتساع رقعتها. وكانت أعنف أحداث علي غلاء المعيشة شهدتها الجزائر في أكتوبر 1988، سقط فيها 150 قتيلا حسب الإحصاءات الرسمية أو 500 قتيل حسب تقديرات غير رسمية، وتبعها مباشرة تعديل الدستور وإعلان السماح بالتعدد الحزبي في البلاد بعد 26 عاما من حكم الحزب الواحد. وفي 2001 وقعت صدامات دموية أيضا كانت خلفيتها ثقافية تتعلق بالهوية الأمازيغية أساسا لكن كان لها بعد اجتماعي أيضا في منطقة القبائل جزء من أمازيغ شمال الجزائر، قتل فيها 126 شخصا علي الأقل، إضافة إلي وقوع مئات الجرحي. وانتهت تلك الأحداث بأن خضعت السلطة لمطالب المحتجين وبينها إخراج قوات الدرك التابعة للجيش نهائيا من منطقة القبائل، ثم لاحقا الاعتراف لأول مرة بأن الأمازيغية لغة وطنية.