بداية لسنا بصدد تحليل أسباب اكتساح أعضاء الحزب الوطني لانتخابات مجلس الشعب الأخيرة إنما تنصب كلمات المقال علي ما شهدناه من أعمال العنف بالعملية الانتخابية ورغبة البعض من المرشحين وأنصارهم في فرض أنفسهم علي الناخبين بجميع الوسائل والطرق الشرعية وغير الشرعية للفوز بعضوية مجلس الشعب.. ولعله من الضروري البحث من الآن عن أسباب تفشي أعمال العنف والبلطجة التي انتابت العملية الانتخابية بكثير من الدوائر حتي أن غالبية الأفراد علي اختلاف انتماءاتها سواء ذكوراً أو إناثاً أو مهنيين أو حرفيين أو عمالاً وفلاحين وغيرهم آثروا وفضلوا العزوف عن المشاركة بالانتخابات مخافة وخشية إصابتهم أو إصابة ممتلكاتهم بسوء وأقصد بالممتلكات هنا السيارات الخاصة بالمواطنين كمثال لأن سيارتي الصغيرة المتواضعة أصابها ما أصابها من طوب وحجارة المتعصبين أثناء تركها بالشارع وقت الانتخابات، بمعني أن نصارح أنفسنا ونتساءل: لماذا يلجأ البعض منا لتلك الأفعال والأعمال غير الشرعية والخارجة علي القانون والسلوك المستقيم.. هل للأنانية وحب الذات وتفضيل مصلحة الأفراد والمصلحة الشخصية علي مصلحة الأمة? أم أن العنوان الرئيسي لنا أصبح هو استخدام ما أوتي البعض من قوة ونفوذ ورأس مال في جميع المجالات حتي الفوز بعضوية مجالس انتخابية يفترض فيها احترام إرادة ورغبة الشعب? أم أن البعض قد اعتاد طوال حياتهم علي مخالفة الشرعية طالما أن النظام القائم لا يقوم بالردع والزجر كما ينبغي للمخالفين? أم أن العصبية للحزب الحاكم والاحتماء به السبب الرئيسي لاستخدام العنف والقوة وأعمال البلطجة? أم أن مساوئ الاستعمار وحمله علي نبذ الديمقراطية مازالت سارية بالرغم من أننا اقتربنا من نصف القرن علي التحرر منه? أم أن الأمية السياسية قد غلبت وفازت علي أصحاب الشهادات العلمية ولم يفلح التعليم بالرقي بحالة مباشرتنا للحقوق السياسية وأدناها التصويت بصناديق الانتخابات? أم أن الرغبة عند البعض في التمتع بامتيازات عضوية مجلس الشعب والاستثناءات التي تمنحها الحكومة لهم? أم أن العدالة الاجتماعية الغائبة سبب في لجوء البعض إلي المخالفة، خاصة أن الظروف الاقتصادية الملحة تحمل البعض علي موافقتهم باستخدامهم في أية أعمال? أم أن الأحزاب السياسية الشرعية المعارضة القائمة فشلت في وجودها بالشارع السياسي وعمل التوازن اللازم بين الحكومة والمعارضة? أم أن الحكومة التي تحكم لا تحب تداول السلطة وتفضل سيطرتها علي مقاليد الحكم والأمور دون مشاركة الأحزاب الأخري لها? أم أن أصحاب الشعارات الدينية قد ألهبوا الحماس عند الناخبين إلي أن وصل الأمر إلي استخدام القوة والعنف بالانتخابات? أم أن ترشيح الحزب الواحد لأكثر من مواطن علي مقعد واحد سبب لأعمال العنف مخافة الرسوب والفشل وعار علي البعض أن يناله هذا الفشل? أم أن غياب الإشراف القضائي الكامل علي الانتخابات سبب للأحداث التي حدثت?. خلاصة القول إنه ينبغي علينا جميعاً مهما كانت أسباب العنف أن نتكاتف معاً حكومة وشعباً علي السواء لنبذ ومحاربة أهل التعصب الراغبين في فرض أنفسهم بالقوة والعنف رغبة منهم في تزوير إرادة الأمة والضرب علي أيدي هؤلاء بكل ما أوتينا من قوة والعمل علي فرض الشرعية علي الجميع دون تفرقة بين فئة وأخري مهما كان وزنها أو ثقلها لأنه وبحق نحن شعب عظيم وعريق وصاحب حضارات قديمة ولا ينبغي ولا يستقيم استخدام العنف مع هذه الحضارة ومع الديمقراطية والحرية الممنوحة لنا ونتدبر قول نبينا العظيم صلي الله عليه وسلم .إذا أسند الأمر لغير أهله فانتظر الساعة..