النقل هو عصب الاقتصاد في أي دولة ، بل إن شبكات الطرق بمختلف انواعها - برية أو بحرية أو جوية - هي شرايين الحياة لهذا الاقتصاد ،ولاسيما إذا كانت شبكة الطرق تلك متكاملة ومتطورة ، لأنها الأساس في حركة التجارة ،وتساهم في النقل الآمن للسلع والمعدات والبشر.بل إن عدم وجود شبكة طرق - خاصة البرية والبحرية - قد ساعد علي تمزيق أوصال الوطن العربي اقتصاديا، كما أن غياب المنظومة المتكاملة للنقل في العالم العربي أدي إلي تأخرالتكامل الاقتصادي والوحدة الاقتصادية ، وأ صبح حلم السوق العربية المشتركة بعيد المنال وقد تأكد لي ذلك بعد حضوري مؤتمر وزراء النقل العرب في الأكاديمية البحرية بالإسكندرية بدعوة كريمة من إدارة الإعلام بجامعة الدول العربية الاسبوع الماضي والذي حضره كل وزراء النقل العرب ومنظمات النقل والسياحة والتجارة في العالم العربي . وعلي مدي ثلاثة أيام أكدت مناقشات المؤتمر الحاجة إلي وجود منظومة نقل متكاملة وآمنة بين الدول العربية من أجل تيسير حركة التجارة وخفض تكاليف النقل وتقصير المدة الزمنية لنقل البضائع بين تلك الدول ، من أجل تشجيع التبادل التجاري وتدفق السياحة العربية - العربية ، وأيضا زيادة التبادل التجاري مع الخارج بشكل متكافئ ، مع تسهيل نقل البضائع المصدرة للخارج ،من أجل سرعة نفاذها للأسواق الخارجية مما يعزز القدرة التنافسية للصادرات العربية في الاسواق الخارجية . وأوصي وزراء النقل العرب في ختام أعمال الدورة الثالثة والعشرين لمجلسهم بسرعة تحرير النقل الجوي العربي ، وتفويض اللجنة العربية لتسهيل النقل والتجارة ،وهي لجنة مشكلة من الدول الاعضاء في جامعة الدول العربية معنية بدراسة وتسهيل إجراءات حركة البضائع والاشخاص بين الدول العربية ،بإحالة مشروع الربط البحري العربي إلي القمة الاقتصادية القادمة بشرم الشيخ في يناير المقبل ، تمهيدا لإقراره وبدء العمل به من أجل زيادة حركة النقل البحري بين الدول العربية ، وبالتالي زيادة بل ومضاعفة التبادل التجاري. ويعتمد مشروع الربط البحري علي أربعة محاور اساسية.. أولها تحديد الموانئ العربية المحورية ، ووضع سياسات لدعم الحكومات العربية للخطوط الملاحية الجديدة ، وإنشاء شبكة للمعلومات ، وتعديل التشريعات لتسمح بتشغيل شركات النقل متعدد الوسائط . وطالب المجتمعون بالاستفادة من تجربة الدول المغاربية في النقل البري والبحري ، وفي الربط بين السكك الحديدية في تلك الدول. ووعد الوزراء العرب بالحد من العوائق التي تعترض حركة التجارة بين الدول العربية ، دون الإخلال بالاعتبارات الأمنية . وتكمن أهمية دور قطاع النقل العربي في ضوء ما تتطلبه عملية التكامل الاقتصادي العربي من ضرورة وجود شبكات نقل متكاملة ومتطورة، كفيلة بتحقيق الترابط العضوي بين الدول العربية؛ نظراً لأن المدخل الأساسي لمشروعات التكامل مهما كانت درجتها، تبدأ عادة بتيسير انتقال الأفراد والبضائع، ويمكن القول إن قطاع النقل العربي يعاني من العديد من المشاكل والمعوقات التي تحول دون قيامه بوظائفه التنموية والتكاملية علي أكمل وجه، بالإضافة إلي العديد من التحديات الدولية والإقليمية، الأمر الذي يتطلب قيام الدول العربية بإزالة جميع المشاكل والمعوقات التي تقف حجر عثرة أمام تطور قطاع النقل بمختلف أنواعه لدفع عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ودعم التكامل الاقتصادي وتفعيله . و سيصبح من الصعب علي الدول العربية أن يكون لها دور في هذا النظام الاقتصادي العالمي الجديد، إلا من خلال قيامها بتكوين تكتل اقتصادي عربي لمواجهة التكتلات الاقتصادية العالمية، والتكتلات الإقليمية البديلة المطروحة في المنطقة العربية.. ويعتبر وجود شبكات نقل متكاملة ومتطورة من الشروط المهمة والضرورية لإقامة أي صورة من صور التكامل الاقتصادي، نظراً لأن توافر طرق نقل ومواصلات بأنواعها المختلفة تضمن سهولة انتقال الأفراد والبضائع براً، وبحراً، وجواً بين الدول الأعضاء في المشروع التكاملي. حيث أثبتت التجارب المعاصرة أن فرص تحقيق أية نجاحات في جهود تفعيل المناطق الحرة العربية والتكامل الاقتصادي لابد أن تعتمد بشكل أساسي علي توافر بني أساسية علي درجة عالية من الكفاءة، وبالتالي فإن البني الأساسية للنقل تعتبر بمثابة القاعدة التي يمكن أن يقوم عليها أي تكتل اقتصادي، نتيجة للمكانة المهمة التي يحتلها قطاع النقل في هذا المجال . وخلصت دراسة أعدها د. عدنان إبراهيم أبو حسين أستاذ الاقتصاد المساعد بجامعة القدس المفتوحة في غزة ، أن قطاع النقل العربي لم يقم بدوره الأساسي والفعال كعامل مؤثر في نمو التجارة العربية البينية، والتي هي أساس التكامل ومحركه، وهي ما تدلله نسبة التجارة العربية البينية التي لم تتجاوز في أفضل أحوالها 10 % من إجمالي التجارة العربية الدولية، وهي نسبة متدنية جداً مقارنة بنسبة 65% بين دول الاتحاد الأوروبي؛ نتيجة لارتفاع أسعار السلع المتبادلة؛ بسبب تأثير مشاكل النقل علي كفاءة المبادلات التجارية العربية البينية، مما أدي في نهاية المطاف إلي فقد السلع العربية قدرتها علي منافسة السلع الأجنبية، وبالتالي أضعف دور التبادل التجاري البيني كأداة من أدوات التكامل الاقتصادي.. وأهم المشاكل والعقبات التي تحد من قيام قطاع النقل العربي بمختلف فروعه بوظائفه التنموية والتكاملية تتمثل في عدم وجود خطوط بحرية منتظمة تربط الموانئ البحرية العربية في المشرق العربي والمغرب العربي، والمشاكل الإجرائية في منافذ العبور العربية، وقلة أطوال الطرق البرية المسفلتة، ومحدودية انتشار شبكات السكك الحديدية، وتباين عروضها فيما بين الدول العربية، وتدني مستوي المساعدات الملاحية، وطرق الوصول، والخروج، والعبور لمطارات العديد من الدول العربية، وهيمنة الحكومات العربية علي معظم شركات الطيران المدني، ورداءة نوعية بعض الطرق البرية العربية، وعدم كفاءة أنظمة وآليات التحميل، والتفريغ، والتخزين في العديد من الموانئ البحرية العربية، وأيضا تدني مساهمة الأسطول البحري التجاري العربي في نقل التجارة الخارجية العربية، وعدم امتلاك معظم الدول العربية أساطيل من طائرات شحن البضائع، وتدني معدلات حركة الشحن الجوي للبضائع وللركاب، وتراجع مستوي الوسائل البرية العربية، وتعدد القوانين والأنظمة المطبقة في مجال النقل في الدول العربية من ناحية، واختلافها وعدم تجانسها من ناحية أخري، وجهل العديد من الدول العربية لمزايا النقل السككي، وقلة عدد شركات الملاحة البحرية العربية، وضآلة حجم الأسطول البحري العربي، ونقص الكوادر البشرية العربية ذات الكفاءة العالية والمتواجدة في المنافذ الجمركية العربية، وضآلة عدد وحدات أساطيل شركات الطيران المدني العربي ، وعدم تنظيم أسلوب إصدار البيانات الإحصائية المتكاملة والمتسلسلة عن قطاع النقل العربي، بالإضافة إلي العديد من التحديات الخارجية سواء كانت علي المستوي العالمي، أو علي المستوي الإقليمي وهي: تحديات الاتفاقية العامة للتجارة في الخدمات (الجاتس)، وتحديات الاندماجات والتحالفات الإستراتيجية بين شركات النقل الكبري، وتحديات السوق الشرق أوسطية. Elbasser2*yahoo.com