التوصيات الأخيرة لمجلس وزراء النقل العرب الذي اختتم أعماله في الأكاديمية البحرية بالإسكندرية مؤخرا تم رفعها أمس الثلاثاء إلي الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسي من أجل عرضها علي القمة الاقتصادية المقرر عقدها بشرم الشيخ في يناير المقبل، تمهيدا لدراستها وتنفيذها. صرح بذلك محمد التويجري الأمين العام المساعد للشئون الاقتصادية بالجامعة العربية. ومن أهم تلك التوصيات تحرير النقل الجوي العربي، وإنشاء دوائر اقتصادية بحرية متخصصة، والسعي إلي إنشاء منظومة نقل متكاملة من أجل الإسراع في إنشاء السوق العربية المشتركة. والمعروف أن عدم وجود شبكة طرق -خاصة البرية والبحرية- قد ساعد علي تمزيق أواصر الوطن العربي اقتصاديا، كما أن غياب المنظومة المتكاملة للنقل في العالم العربي أدي إلي تأخر التكامل الاقتصادي والوحدة الاقتصادية، وأصبح حلم السوق العربية المشتركة بعيد المنال. وقد تأكد ذلك بعد عقد مؤتمر وزراء النقل العرب باكاديمية البحرية بالإسكندرية مؤخرا والذي حضره كل وزراء النقل العرب ومنظمات النقل والسياحة والتجارة في العالم العربي. وعلي مدي ثلاثة أيام أكدت مناقشات المؤتمر الحاجة إلي وجود منظومة نقل متكاملة وأمنة بين الدول العربية من أجل تيسير حركة التجارة وخفض تكاليف النقل وتقصير المدة الزمنية لنقل البضائع بين تلك الدول، من أجل تشجيع التبادل التجاري وتدفق السياحة العربية-العربية، وأيضا زيادة التبادل التجاري مع الخارج بشكل متكافيء، مع تسهيل نقل البضائع المصدرة للخارج، من أجل سرعة نفاذها للأسواق الخارجية مما يعزز القدرة التنافسية للصادرات العربية في الأسواق الخارجية. وأوصي وزراء النقل العرب في ختام أعمال الدورة الثالثة والعشرين لمجلسهم بسرعة تحرير النقل الجوي العربي، وتفويض اللجنة العربية لتسهيل النقل والتجارة، وهي لجنة مشكلة من الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية معنية بدراسة وتسهيل إجراءات حركة البضائع والأشخاص بين الدول العربية، بإحالة مشروع الربط البحري العربي إلي القمة الاقتصادية القادمة بشرم الشيخ في يناير المقبل، تمهيدا لإقراره وبدء العمل به من أجل زيادة حركة النقل البحري بين الدول العربية، وبالتالي زيادة ومضاعفة التبادل التجاري. ويعتمد مشروع الربط البحري علي أربعة محاور أساسية أولها تحديد الموانيء العربية المحورية، ووضع سياسات لدعم الحكومات العربية للخطوط الملاحية الجديدة، وإنشاء شبكة للمعلومات، وتعديل التشريعات لتسمح بتشغيل شركات النقل متعدد الوسائط. وطالب المجتمعون بالاستفادة من تجربة الدول المغاربية في النقل البري والبحري، وفي الربط بين السكك الحديدية في تلك الدول. ووعد الوزراء العرب بالحد من العوائق التي تعترض حركة التجارة بين الدول العربية، دون الإخلال بالاعتبارات الأمنية. وتكمن أهمية دور قطاع النقل العربي في ضوء ما تتطلبه عملية التكامل الاقتصادي العربي من ضرورة وجود شبكات نقل متكاملة ومتطورة، كفيلة بتحقيق الترابط العضوي بين الدول العربية نظرا لأن المدخل الأساسي لمشروعات التكامل مهما كانت درجتها، تبدأ عادة بتيسير انتقال الأفراد والبضائع، ويمكن القول إن قطاع النقل العربي يعاني من العديد من المشاكل والمعوقات التي تحول دون قيامه بوظائفه التنموية والتكاملية علي أكمل وجه، بالإضافة إلي العديد من التحديات الدولية والإقليمية، الأمر الذي يتطلب قيام الدول العربية بإزالة جميع المشاكل والمعوقات التي تقف حجر عثرة أمام تطور قطاع النقل بمختلف أنواعه لدفع عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ودعم التكامل الاقتصادي وتفعيله. وتوافر منظومة نقل متكاملة ومتطورة لتسهيل انتقال الأفراد والبضائع بين الدول العربية لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبارها كافية لإقامة التكتل الاقتصادي العربي، أو السوق العربية المشتركة ما لم يصاحبها العديد من الإجراءات والترتيبات التشريعية والمؤسسية في مختلف المجالات، وفي مقدمتها توفر الإرادة السياسية الواعية والصادقة لانتشال الاقتصاد العربي من حالة التشرذم الذي يعيشه.