القانون الذي لوح به زقزوق منذ أكثر من عامين ورفض الأعضاء مناقشته أصبح اليوم طوق نجاة علينا التعلق به من خلال مناقشة موضوعية للأمور تضع المصلحة العليا للوطن فوق كل شيء. منذ ألف عام اتخذ المصريون الجامع الأزهر نقطة انطلاق للحركات الوطنية والثورات الشعبية.. فكانت ساحة المسجد شرارة البدء لثورة القاهرة الأولي ضد الاستعمار الفرنسي وتلاه البريطاني.. ذهب الناس للأزهر عندما احتل العراق وضرب لبنان وأنتهك المسجد الأقصي.. أوجاع وآلام وانتصارات ومحطات عديدة في تاريخ الوطن كان الأزهر الشريف وزملائه من مساجد مصر الكبري قاسماً مشتركاً فيها ودليلاً علي صحوة المصريين ودفاعهم عن وطنهم لا فرق في هذا بين مسلم ومسيحي، ولكن بعد تدهور الأحوال بين طرفي الأمة وغياب القضايا القومية تغيرت خريطة دور العبادة لتتحول الكنائس والمساجد إلي مواقع لتأجيج وإشعال الفتن الطائفية وزرع بذور الكراهية وتصيد الأخطاء وتحين الفرص للانقضاض علي الآخر الذي هو في نهاية الأمر جار وصديق وأخ ومصري أيضاً. شهدت الكاتدرائية المصرية في السنوات العشر الأخيرة وعلي غير عادتها 31 مظاهرة ضد مسلمين بدأت أولي هذه المظاهرات بنشر احدي الصحف قصة الراهب المشلوح وكان آخرها مظاهرات المطالبة بعودة كاميليا شحاتة زوجة كاهن المنيا وإعلان فتاة الإسماعيلية القبطية اسلامها.. وكانت ردود أفعال المسلمين متوقعة حين تظاهروا في مساجدهم الكبري احتجاجاً علي استمرار احتجاز كاميليا وتصريحات الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس والرجل الثاني في الكنيسة ضد العقيدة الاسلامية.. ولكن تظاهراتهم جاءت تلك المرة قوية ولأول مرة في التاريخ المصري تطالب بعزل البابا شنودة ومحاكمته، فضلاً عن التنديد بموقفه من قضية كاميليا. كل هذا دفع أكثر من عشرين عضواً من مجلس الشوري علي رأسهم النائب نبيل لوقا بباوي وكيل لجنة الثقافة والاعلام كمفوض من النواب إلي تقديم طلب عاجل إلي وزير العدل المستشار ممدوح مرعي لاستيضاح رأي الوزارة بشأن قانون يحظر استخدام دور العبادة في المظاهرات والاعتصامات وتفعيل المادة 46 من الدستور باقتصار دور العبادة علي ممارسة العقائد بحرية مطلقة وحظر استخدامها في أي غرض آخر.. وفي نفس الوقت طالب بباوي باللجوء إلي القانون والأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني لتنظيم الاضرابات والمظاهرات السلمية، أسوة بباقي دول العالم التي لا تعرف التظاهر بدور العبادة. القانون الذي يقترحه النائب القبطي ليس بجديد، فقد عرضه الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف علي البرلمان في أبريل 2008 لكنه قوبل برفض أكثر من مائة نائب بين إخوان ومستقلين ومعارضة، قانون زقزوق الذي حمل عنوان (الحفاظ علي حرمة أماكن العبادة) وصاغه الوزير بعد مشاورات مع القيادات الأزهرية وقتها وتأكيدات بعدم مخالفته لأحكام الشريعة الإسلامية، كما قال علماء الأزهر الشريف لم يحظ بالقبول وضاع في غياهب المجلس الموقر.. تعطل الأعضاء وقتها بهذا الدور التاريخي المعروف للأزهر الشريف ومساجد مصر الكبري ولكنهم تناسوا استغلال المساجد والكنائس اليوم في مخطط مشبوه للانقضاض علي كيان الأمة.. وهو مخطط لو قدر له النجاح لن يبقي علي مسجد أو كنيسة أو حتي بيت.. القانون الذي لوح به زقزوق منذ أكثر من عامين ورفض الأعضاء مناقشته أصبح اليوم طوق نجاة علينا التعلق به من خلال مناقشة موضوعية للأمور تضع المصلحة العليا للوطن فوق كل شيء.