تعرف على أسعار الذهب اليوم الخميس 2 مايو.. عيار 21 ب3080    الثاني خلال ساعات، زلزال جديد يضرب سعر الذهب بعد تثبيت المركزي الأمريكي للفائدة    تأهب في صفوف الشرطة الأمريكية استعدادا لفض اعتصام جامعة كاليفورنيا (فيديو)    فلسطين.. قوات الاحتلال تقتحم مخيم قلنديا شمال شرق القدس المحتلة    هاني حتحوت: مصطفى شوبير اتظلم مع المنتخب.. وهذه حقيقة رحيل الشناوي    هل يستمر؟.. تحرك مفاجئ لحسم مستقبل سامسون مع الزمالك    خبير تحكيمي يكشف مدى صحة ركلة جزاء الإسماعيلي أمام الأهلي    بتهمة التحريض على الفسق والفجور.. القبض على الإعلامية "حليمة بولند" في الكويت    التحضيرات الأخيرة لحفل آمال ماهر في جدة (فيديو)    ما الفرق بين البيض الأبيض والأحمر؟    «الأرصاد» تكشف موعد انتهاء رياح الخماسين.. احذر مخاطرها    متى تصبح العمليات العسكرية جرائم حرب؟.. خبير قانوني يجيب    أول ظهور ل أحمد السقا وزوجته مها الصغير بعد شائعة انفصالهما    بتهمة التحريض على الفسق والفجور.. القبض على حليمة بولند وترحيلها للسجن    «البنتاجون»: أوستن أكد لنظيره الإسرائيلي ضرورة ضمان تدفق المساعدات إلى غزة    طريقة عمل الآيس كريم بالبسكويت والموز.. «خلي أولادك يفرحوا»    مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني يواصل تصدره التريند بعد عرض الحلقة ال 3 و4    أمطار تاريخية وسيول تضرب القصيم والأرصاد السعودية تحذر (فيديو)    حسن مصطفى: كولر يظلم بعض لاعبي الأهلي لحساب آخرين..والإسماعيلي يعاني من نقص الخبرات    واشنطن: العقوبات الأمريكية الجديدة ضد روسيا تهدف إلى تقويض إنتاج الطاقة لديها    بشروط ميسرة.. دون اعتماد جهة عملك ودون تحويل راتبك استلم تمويلك فورى    عاطل ينهي حياته شنقًا لمروره بأزمة نفسية في المنيرة الغربية    سعر الموز والخوخ والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 2 مايو 2024    مُهلة جديدة لسيارات المصريين بالخارج.. ما هي الفئات المستحقة؟    كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية؟    لاعب الزمالك السابق: إمام عاشور يشبه حازم إمام ويستطيع أن يصبح الأفضل في إفريقيا    هاجر الشرنوبي تُحيي ذكرى ميلاد والدها وتوجه له رسالة مؤثرة.. ماذا قالت؟    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    وليد صلاح الدين يرشح لاعبًا مفاجأة ل الأهلي    احذر الغرامة.. آخر موعد لسداد فاتورة أبريل 2024 للتليفون الأرضي    هذه وصفات طريقة عمل كيكة البراوني    أهمية ممارسة الرياضة في فصل الصيف وخلال الأجواء الحارة    صندوق مكافحة الإدمان: 14 % من دراما 2024 عرضت أضرار التعاطي وأثره على الفرد والمجتمع    ترابط بين اللغتين البلوشية والعربية.. ندوة حول «جسر الخطاب الحضاري والحوار الفكري»    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 2 مايو في محافظات مصر    بسام الشماع: لا توجد لعنة للفراعنة ولا قوى خارقة تحمي المقابر الفرعونية    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    أخبار التوك شو|"القبائل العربية" يختار السيسي رئيسًا فخريًا للاتحاد.. مصطفى بكري للرئيس السيسي: دمت لنا قائدا جسورا مدافعا عن الوطن والأمة    الأنبا باخوم يترأس صلاة ليلة خميس العهد من البصخة المقدسه بالعبور    يوسف الحسيني : الرئيس السيسي وضع سيناء على خريطة التنمية    النصر يطيح بالخليج من نصف نهائي كأس الملك بالسعودية    حيثيات الحكم بالسجن المشدد 5 سنوات على فرد أمن شرع فى قتل مديره: اعتقد أنه سبب فى فصله من العمل    برج الميزان .. حظك اليوم الخميس 2 مايو 2024 : تجاهل السلبيات    اشتري بسرعة .. مفاجأة في أسعار الحديد    أول تعليق من الصحة على كارثة "أسترازينيكا"    بعد أيام قليلة.. موعد إجازة شم النسيم لعام 2024 وأصل الاحتفال به    لبنان.. الطيران الإسرائيلي يشن غارتين بالصواريخ على أطراف بلدة شبعا    مفاجأة للموظفين.. عدد أيام إجازة شم النسيم في مصر بعد قرار ترحيل موعد عيد العمال    مسؤول أمريكي: قد يبدأ الرصيف البحري الجمعة المقبلة العمل لنقل المساعدات لغزة    القوات الأوكرانية تصد 89 هجومًا روسيًا خلال ال24 ساعة الماضية    الوطنية للتدريب في ضيافة القومي للطفولة والأمومة    أكاديمية الأزهر وكلية الدعوة بالقاهرة تخرجان دفعة جديدة من دورة "إعداد الداعية المعاصر"    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    حمالات تموينية للرقابة على الأسواق وضبط المخالفين بالإسكندرية    النيابة تستعجل تحريات واقعة إشعال شخص النيران بنفسه بسبب الميراث في الإسكندرية    بقرار جمهوري.. تعيين الدكتورة نجلاء الأشرف عميدا لكلية التربية النوعية    وزير الأوقاف: تحية إعزاز وتقدير لعمال مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لو منحه عبد الناصر كرسي وزارة المعارف لتغير وجه العالم !
نشر في المسائية يوم 06 - 07 - 2014


تفجيرات الأخوان بتوقيع سيد قطب
كان كارها لحسن البنا ويدعو الأخوان بجماعة الحشاشين
قاتل بشراسة ضد الأخوان لحساب ثورة يوليو ..وحين زج به في السجن عقب محاولة اغتيال عبد الناصر كتب " معالم في الطريق " مكفرا الناس وحكامهم .
الكثير من شباب وقيادات الجماعة يعتبرون سيد قطب الشخصية الأهم ..حتى من حسن البنا !
المباحث العامة نبهت عبد الناصر إلى خطورة كتاب معالم في الطريق لكنه رفض مصادرته .
المستشار العقالي :قطب عقد حلفا عبر كتابه "الإسلام والرأسمالية " بين الإسلام والشيوعية !

خلال ندوة المسائية يوم 23 أبريل الماضي توقع الخبير الأمني العميد سمير راغب بأنه في حالة فوز المشير عبد الفتاح السيسي في انتخابات الرئاسة سيطيح صقور الأخوان من القطبيين بحمائم الجماعة لينفردوا بقراراتها ..وقرارتها ستكون مزيدا من العنف والتطرف في مواجهة الدولة المصرية ..
وهذا مالاحظناه خلال أحداث الأسبوع الماضي ..مع الذكرى الأولى لثورة 30يونيو ..ومرور عام على عزل الرئيس محمد مرسي .. انفجارات قنابل في الشوارع والقطارات وعربات المترو والمولات ..
والمستهدف ..أي مصري ..ضابط ..بائع ..موظف..رجل ..إمرأة ..طفل ..مسن ..فكل المصريين ينتمون للجاهلية الأولى ..كما أنهم لايجاهدون ضد نظام 30يونيو الكافر..وبالتالي قتلهم يتفق وشرع الله طبقا للفكر القطبي !
فكيف كان تأثير الفكر التكفيري لسيد قطب على جماعة الأخوان ؟
في عام 1964، تكونت مجموعة من قادة شباب الإخوان، تسعى لنشر فكر الإسلام الجهادي الذي تبناه سيد قطب..وربما أسهم إعدام الرجل في انتشار الفكر القطبي..وشهدت جماعة الأخوان نوعا من التلاقي والتناغم بين جيلين من السريين .. أعضاء التنظيم الخاص.. ومن أبرزهم مصطفى مشهور المرشد السادس للجماعة ..والقطبيين وأبرزهم المرشد الحالي محمد بديع .. ورشاد بيومي ومحمود عزت .. وكان لهؤلاءالسريين من الجيلين الكلمة العليا في إدارة شئون الجماعة .
المسلم الأخواني أفضل
و القطبيون الآن لايذهبون صراحة إلى ما ذهب إليه رائدهم في كتابه "معالم في الطريق" من جاهلية المجتمع ..وإنما يقولون إنه يعاني من قصور في الإيمان
..لكنهم في نفس الوقت ينشئون شبابهم على فكرة أن المسلمين من غير الإخوان أقل فى درجة الإيمان وأن المسلم الإخوانى أفضل من أى مسلم آخر وأن مصلحة الجماعة فوق مصلحة المجتمع ..وتبدو أفكارهم المتشددة في تصريحات المرشد محمد بديع الذي قال عام2010، أن المجتمع "ملىء بالنجاسة" وإن الإخوان يحملون ماء "السماء الطهور" الذى سيطهر المجتمع، واصفا الأب الروحى للتكفير"سيد قطب" بأنه مصلح عظيم..الأمر الذي أثار غضب الأخواني المنشق أبو العلا ماضي فصاح إن أعضاء الجماعة الذين يربيهم القطبيون الآن سيتحولون إلى قنابل موقوتة تنفجر فى وجه المجتمع خلال سنوات.
ولقد تحققت نبوءة ماضي .. حيث تحصد قنابل الأخوان والمنظمات الارهابية التي ترتبط معها بصلة رحم قوية أرواح الأبرياء في مصر وسوريا وليبيا والعراق وأفغانستان ..وفي الكثير من بقاع العالم ...فإن وجد إرهابي الآن يدعي أنه يجاهد في سبيل الله ..فتش في جذوره ..ستجدأنها تمتد في تربة الفكر القطبي .
ومنذ عدة شهور قال القيادي المنشق عن الجماعة مختار نوح أن التيار القطبى بجماعة الإخوان أدار الجماعة وحولها إلى تنظيم تكفير وهجرة ..
الهلباوي يفرق
خلال ندوة المسائية يوم 26 فبراير الماضي حول محاولات الأخوان لاقحام الأجنبي في المشهد المصري تحدث القيادي السابق بالجماعة الدكتور كمال الهلباوي بشكل إيجابي عن الشيخ حسن البنا..ولا يرى الهلباوي ثمة ما يعيب مسيرة الجماعة حتى النصف الثاني من أربعينيات القرن الماضي ..إلى أن بدأ بعض أفرادها يسلك منهج العنف ..ليتزايد ..تغلغل هذا النهج في عقيدة بعضهم ..وسألت الهلباوي :هل القطبية لعبت دورا في هذا ؟ فأجاب بغير تردد :نعم .
ولاأظن أن الهلباوي يجور على سيد قطب بإجابته تلك ..فكل قطرة دم سالت برصاصةمتطرف إسلامي خلال نصف القرن الماضي ..ليس في مصر وحدها ..بل في العالم كله تفوح برائحة تنظيراته شديدة التطرف ..خاصة تلك التي وردت في كتابه "معالم في الطريق " ..وما ولد سيد قطب أخوانيا .. وما نشأ وماترعرع على فكر الجماعة ..وما أكثر التناقضات في حياة هذا الرجل الذي بدأ كارها للجماعة .. ليصبح بعد ذلك في نظر الكثير من شبابها وقياداتها الشخصية الأهم من مؤسسها حسن البنا .
الحسنان !
كان سيد قطب في مقتبل شبابه نافرا من الأخوان وتنظيمهم وفكرهم ..وربما أبلغ برهان على هذا ما أورده المستشار الدمرداش العقالي في مذكراته عن تلك الفترة من حياة سيد قطب ..حيث يقول :
"كان سيد قطب خال زوجتي آمنة نصير، وهو من قرية موشى التابعة لأحد مراكز محافظة أسيوط، وكان أحمد محمد موسى ابن شقيقته وشقيق زوجتي من أتباع حسن البنا وأحد المنخرطين في صفوف الاخوان المسلمين، وكان سيد قطب اذا جاء الى قريته والتقى مع ابن شقيقته الاخواني ومعه عدد كبير من رفاقه أتباع حسن البنا، كان يكثر من سباب البنا أمامهم، وفي بعض المرات سمعته يسأل ابن اخته هذا: «ماذا فعل بك حسن الصباح وجماعة الحشاشين»؟! كان سيد قطب كثيراً ما يعقد مقارنات بين جماعة الاخوان المسلمين، وجماعة «الحشاشين» الشهيرة والتي ظهرت في بلاد فارس مابين القرنين ال11و13 و مؤسسها«حسن الصباح» والذي كان سيد قطب يرى- في ذلك الوقت من أواسط الأربعينيات- شبهاً كبيراً بينه وبين حسن البنا زعيم الاخوان المسلمين، فكان ابن اخته حين يسمع خاله سيد قطب يقول ذلك عن جماعته وزعيمها، يدخل في شجار عنيف معه، لم يكن ينتهي الا بتدخلنا لانهائه).
وما كانت سخرية سيد قطب من الأخوان تنبع من فراغ ..فثمة تشابه كبير بين الجماعتين ..جماعة "الدعوة " التي عرفت تاريخيا باسم الحشاشين وقد شكل مؤسسها وهو الشيعي الاسماعيلي «حسن بن علي بن محمد الصباح» فرقة لاغتيالات خصومه.. منهم كبير الوزراء نظام الملك السلجوقي الذي كان بمنزلة «رئيس وزراء"
..وجماعة الأخوان التي أسسها حسن البنا عام 1928.. وأنشأ لها تنظيما سريا قام باغتيال الكثير من خصوم الجماعة من بينهم "كبير الوزراء " محمود النقراشي باشا..
وكان فكر الجماعتين يتكيء على نفس المبدأ ..الثقة العمياء في القائد وبالتالي الولاء التام له ..إلى حد قول أحد قيادات جماعة الأخوان أن الإيمان بما يقوله المرشد هو جزء من الإيمان بالله .. وأوجز تنظيم الحسنيين .. حسن الصباح وحسن البنا تلك الثقة وهذا الولاء في كلمتين على التابع ألا يحيد عنهما :السمع والطاعة ..
تلميذ العقاد
نحى سيد قطب في مقتبل حياته الفكرية منحى أدبيا حيث اشتغل بالنقد الأدبي ..ويقال أنه أول من كتب عن نجيب محفوظ .. وقد قدمه خاله الصحفي إلى
الكاتب الكبير عباس محمود العقاد ..فاقترب به ..وأصبح أحد أكثر المتيمين بأدبه..حيث دافع بحماس ملفت عبر مقالاته عن شعر العقاد وتنظيراته الأدبية والفكرية.. وقد أظهرت كتابات قطب النقدية مقدرة لايمكن تجاهلها في اكتشاف وتذوق جماليات اللغة وسبر إيحاءاتها ..وبان هذا جليا في كتابه " التصوير الفني في القرآن الكريم " ويبدو أنه توقع أن ينال الكتاب اهتمام أستاذه العقاد فيكتب عنه ..لكن العقاد لم يفعل ..بل كثير من النقاد تجاهلوا الكتاب ..مما أصاب قطب بحالة من المرار .. حتى أنه قال في أحد مقالاته تعقيبا على مقال كتبه ردا علي الدكتور' أحمد أمين' بأنه حزن حزنا شديدا ترك مرارة في نفسه لأن العقاد وأدباء العصر الكبار لم يكتبوا تقريظا لكتابه' التصوير الفني في القرآن الكريم '.. ويذكر أستاذه "العقاد" بالمعارك التي خاضها من أجل الدفاع عن كتاباته وشعره ..
وكان قطب خلال هذه الفترة مثل أستاذه العقاد يضمر قدرا كبيرا من الكراهية للأخوان وشيخها حسن البنا ..وربما ثمة أسباب نفسية وراء كراهيته للبنا والذي كان يدعوه كما رأينا بشيخ الحشاشين..وهذا ما أورده المستشار الدمرداش العقالي في مذكراته حيث يقول "إن سيد قطب كأديب كان يتصف بالنرجسية الشديدة واعتداده بنفسه، وقد أوقعه ذلك فى تناقض مبكر مع المرحوم الشيخ حسن البنا، الذى رأى فى سيد قطب أنه يتشابه معه فى صفات كثيرة أولها أن كليهما كان «درعمياً» .. أى خريج كلية دار العلوم، ولكن الشيخ حسن البنا كان ينفرد عن أبناء جيله فى أنه بدأ يبنى صرحه الذى يقوم على صناعة الأفكار وصناعة الرجال. أما سيد قطب فقد كان من فريق «الوراقين»، أى أنه كان يعيش فى عالم بناه من الورق قراءة وكتابة، وربما كان اعتداده بنفسه هو الذى جعله يتحاشى التعامل مع الناس ومع الواقع، فلما رأى زميله «الدرعمى» يملأ السمع والبصر، صيتاً وشهرة، كان يمقت عليه ذلك ويحسده، ولا أقول من قبيل التحليل، بل أنا شاهد عليه وكنت أول راصديه".
رحلته الغامضة إلى أمريكا
وثمة مرحلة غامضة لم يكتب عنها أحد بشكل موضوعي ومحايد ..سنوات البعثة التي أمضاها سيد قطب في الولايات المتحدة الأمريكية ..وعاد آخر ..غير سيد قطب المعني بالأدب والنقد ..عاد حانقا على الرأسمالية ..ومتعاطفا مع الفكر الاشتراكي ..بل الشيوعي لأنه منح العدالة الاجتماعية قدرا كبيرا من العناية ..وحاول في كتاباته أن يجد جسر اتصال بين الشيوعية والإسلام .. فكتب كتابه الذى جاء بعنوان «العدالة الاجتماعية فى الإسلام» ثم كتاب «معركة الإسلام والرأسمالية»، الذي ينعته المستشار العقالي بأنه من أخطر ما كتب سيد قطب على الإطلاق، فهو يعقد فى هذا الكتاب حلفاً بين الإسلام والشيوعية، مستبعداً أى تلاق بين الإسلام والرأسمالية، ويقول قطب في كتاب إن الشيوعية اجتهاد للبحث عن العدل أقحمت نفسها فى الكلام عن الدين بغير مبرر، وعادت الدين بغير مقتضى، ولكنها وصلت إلى العدل الاقتصادى والاجتماعى الذى هو أحد، وأهم، أهداف الدين، وأضاف سيد قطب مفسراً أن الشيوعية لو تخلت عن فكرة الإلحاد التى هى ليست من ضرورات المذهب ولا يتطلبها الفكر الاقتصادى، لالتقت مع الإسلام فى العدالة الاجتماعية.
أما الرأسمالية- فى رأى سيد قطب- فإن القرآن فى معظم آياته يطارد الكنز والتراكم ويدعو إلى تداول الأموال بين الأجيال «لكى لا يكون دولة بين الأغنياء منكم»..
فهل من كتابات قطب هذه استلهم عبد الناصر أفكاره عن العدالة الاجتماعية والاشتراكية العربية ؟
قطب وعبد الناصر
على أية العلاقة بين سيد قطب وعبد الناصر في تلك المرحلة المبكرة من ثورة 23 يوليو كانت وطيدة إلى الحد الذي بدا فيها سيد قطب من ثقة عبد الناصر به وكأنه أحد االضباط ال؛رار الذين انقلبوا على تالملك .
ويحكي المستشار العقالي في مذكراته عن هذه العلاقة قائلا :
..لما قامت الثورة، وجد سيد قطب نفسه قريباً من جمال عبدالناصر الذى اختاره نائباً له فى «هيئة التحرير» وهى أول تنظيم سياسى تقيمه الثورة بعد أن أصدرت قرارها بحل جميع الأحزاب السياسية.
شكل جمال عبدالناصر هيئة التحرير لتكون بديلاً عن الأحزاب السياسية المنحلة واختير سكرتيراً عاماً لها واختار سيد قطب سكرتيراً عاماً مساعداً. والذى يعود إلى جريدة «الجمهورية» وهى أول جريدة تنشئها ثورة يوليو لتكون لسان حالها، وكان الترخيص بإصدارها باسم جمال عبدالناصر شخصياً، سيجد أن مقالات سيد قطب بها هى المقالات الرئيسية التى تتصدر صفحاتها الأولى، وقد عبر فيها سيد قطب عن ضرورة الثورة والقرارات الثورية التى اتخذتها علاجاً للأوضاع السيئة فى مصر.
ويؤكد العقالي أن سيد قطب كان رسول جمال عبدالناصر إلى التجمعات الطلابية فى المدن الجامعية فى البدايات الأولى للثورة، حين تظاهر طلاب الجامعات مطالبين بالديمقراطية، فذهب إليهم سيد قطب موفداً من عبدالناصر ليشرح لهم الأوضاع السياسية. وكان سيد قطب فى معرض حديثه عن تلك الأوضاع يرى أنه لا مخرج لمصر مما تعانى منه من مشكلات مزمنة ومتضخمة إلا بإطلاق يد الثورة لترتيب البيت الذى تسلمته منهاراً.
وكان سيد قطب يدافع عن موقف جمال عبالناصر مهاجماً الهضيبى وجماعة الإخوان المسلمين.. وقد وصل سيد قطب فى هجومه عليه وعليها إلى درجة التأثيم والتجريم، فكان يرى أن أهداف الأمة المتفق عليها لا تتحمل الديمقراطية لأنها أهداف استحكمت فى ضمير الأمة وعقلها الجمعى الباطن. ولذلك فإن تلك الأهداف لا تحتاج إلى ديمقرطية لتحقيقها بل إن تحقيقها هو الذى يفتح الباب أمام الديمقراطية التى ليست شرطاً لتحقيق الجلاء ومحو الأمية والإصلاح الزراعى والتصنيع والتحرير. ولكن الجلاء وخروج الإنجليز والتحرير من الإقطاع والرأسمالية هو الشرط الأساسى لتحقيق الديمقراطية.
هكذا ظل سيد قطب هو مفكر الثورة أو أحد مفكريها وأبواقها فى أوساط الجماهير- طلابية وعمالية وفلاحين- وكان شديد الولاء لجمال عبدالناصر وقوى الإيمان بزعامته. حتى جاء المنعطف الذى حول سيد قطب من مناصر للثورة وزعيمها إلى معاد- شديد العداء- لها.
فما هي الدوافع وراء هذا التحول الهائل ؟
بعد إقالة وزارة على ماهر- أول وزارة شكلتها الثورة- تقرر تشكيل وزارة جديدة برئاسة محمد نجيب، ففاتح جمال عبدالناصر صديقه سيد قطب فى أمر تعيينه وزيراً للمعارف فى الوزارة الجديدة، التى تجرى المشاورات لتشكيلها، وجاء سيد قطب إلى أصدقائه وأهله ومعارفه ليتحدث معهم فى هذا الأمر، الذى اعتبره وعداً من جمال عبدالناصر وليس مجرد تشاور.
ولكن قبل إعلان التشكيل النهائى للوزارة الجديدة- طبقا لرواية العقالي - جاء جمال عبدالناصر إلى سيد قطب ليعتذر له عن وزارة المعارف التى كان قد «وعده» بها، بحجة أن كمال الدين حسين- عضو مجلس قيادة الثورة- كان مصراً على تولى هذه الوزارة بنفسه، وعرض جمال عبدالناصر على سيد قطب وزارة الأشغال بدلاً من وزارة المعارف، التى كان يرى سيد قطب أنه أحق بها من الجميع. .
ولما كان سيد قطب شديد الاعتداد بنفسه، كان يتعامل مع جمال عبدالناصر على أنه «العقل» وعبدالناصر «الجسد» فلا يقبل من الجسد أن يوجه العقل، بل يجب على العقل أن يوجه الجسد! غضب سيد قطب غضباً شديداً واعتبر عبدالناصر مسؤولاً عن ضياع حلمه فى وزارة المعارف التى كان ينتظر تعيينه بها مكافأة له على تأييده للثورة والدعاية لها.. وكتب لأحد أصدقائه وهو حسين عبدالفتاح الترامسى ناظر مدرسة «موشى» الإعدادية بأسيوط يقول له «إن العسكر استكثروا على سيد قطب وزارة المعارف.. والله سأجعلهم يدفعون ثمن استهانتهم بى غالياً».
انزوى سيد قطب بعد ذلك، ولم يعد إلى نشاطه السابق فى هيئة التحرير، بل أخذ يقترب من الإخوان الذين لم يكفوا عن مغازلته حتى وهو فى أحضان الثورة بقده وقديده.
وفى نوفمبر عام 1953 - يقول المستشار الدمرداش - اقتحمت جماعة شباب الإخوان من أعضاء التنظيم السرى- وكنت واحداً منهم- بيت حسن الهضيبى ليطالبوه بالاستقالة تنفيذاً للاتفاق الذى عقدوه مع زعيمهم عبدالرحمن السندى على إقالة الهضيبى.. وأما وقد فشل هؤلاء الشباب فى الحصول من الهضيبى على الاستقالة، فقد اتهم الهضيبى عدداً من قيادات الإخوان بتدبير هذه «المؤامرة» عليه، وكان صالح عشماوى، رئيس تحرير جريدة الدعوة، لسان حال الإخوان المسلمين، واحداً ممن أدانهم الهضيبى بمسؤولية التآمر عليه.. فقرر الهضيبى فصل صالح عشماوى ومحمد الغزالى من جريدة الدعوة، بل ومن جماعة الإخوان كلها.
وحين انفصل عشماوى عن الإخوان- وكان صاحب الرخصة لجريدة الدعوة- قرر الانفصال بالجريدة وسخرها للهجوم على الهضيبى.. عندئذ فكر الهضيبى فى إصدار جريدة أخرى غير «الدعوة» التى انتقلت إلى خصومه، وكان من شروط الترخيص لإصدار جريدة جديدة- ولا يزال- تحديد اسم رئيس التحرير الذى يصدر الترخيص باسمه.
تقدم الهضيبى بطلب إلى وزير الداخلية- الذى كان فى ذلك الوقت هو جمال عبدالناصر نفسه- ليصرح له باستخراج جريدة جديدة باسم «الإخوان المسلمون» محدداً اسم رئيس التحرير وهو سيد قطب إبراهيم!! حين تقدم السكرتير بطلب الترخيص لجمال عبدالناصر وقعه فوراً، بمجرد أن علم أنه طلب من الإخوان إصدار جريدة جديدة، فاندهش السكرتير من السرعة التى رأى عبدالناصر يوقع بها طلب الترخيص، مما حمله على سؤاله: هل تعلم من هو رئيس التحرير؟ فقال عبدالناصر: أياً كان رئيس التحرير، فقال السكرتير له: إنه سيد قطب!
هنا توقف عبدالناصر الذى لم يكن قد قرأ اسم رئيس التحرير على طلب الترخيص.. وطلب من سكرتيره أن يستدعى له سيد قطب ليتأكد منه بنفسه، فربما يكون الهضيبى قد وضع اسمه على الطلب دون علمه ليورطه.. أو يوقع بينه وبين عبدالناصر.. وحين جاء سيد قطب، سأله عبدالناصر: هل أنت من الإخوان؟ وكانت هناك واقعة سابقة سأله فيها جمال عبدالناصر نفس السؤال: يا أخ سيد هل أنت من الإخوان؟ فنفى سيد قطب أى علاقة له بالإخوان..
أما هذه المرة أجاب سيد قطب: لم أكن.. فكنت!
. قال له جمال عبدالناصر: أنت حر فى أن تنضم لمن تشاء ولكن أرجو ألا يكون ذلك «تصفية حسابات»!!
بدأ سيد قطب بالعمل رئيساً لتحرير جريدة الإخوان المسلمين بعد أن وافقه جمال عبدالناصر على إصدارها، ومنذ العدد الأول للجريدة بدأ قطب هجومه على الثورة وجمال عبدالناصر، مبتكراً شخصية «قرفان أفندى» الكاريكاتورية ليحملها هجومه الذى أراده على المرحلة الجديدة.
القرفانين كتروا !
ورغم تلك الشخصية الكاريكاتورية التى تهاجم الثورة وأعمالها، لم تنقطع علاقة عبدالناصر بسيد قطب، وفى إحدى المرات سأله عبدالناصر: إيه يا أخ سيد «القرفانين» بيكتروا قوى فى البلد اليومين دول! «فرد عليه سيد قطب قائلاً: إذا كنتم فاكرين إن مافيش حد «قرفان» منكم تبقوا بتغالطوا أنفسكم!!
وواصلت جريدة الإخوان المسلمين فى هجومها على عبدالناصر والثورة ولم يتعرض لها أحد بالمنع أو المصادرة حتى وقعت محاولة اغتيال عبد الناصرفي ميدان المنشية بالأسكندرية ..فقبض على سيد قطب مع من قبض عليهم من قيادات الإخوان فى ذلك الوقت وقدم إلى المحاكمة، وتم الحكم عليه لمدة خمسة عشر عاماً بتهمة الاشتراك فى تنظيم يستهدف قلب نظام الحكم بالقوة المسلحة.
وفى أعقاب إصدار «الميثاق» دارت المناقشات حوله فى أوساط المثقفين المصريين.. وكان الرأى الغالب على تلك المناقشات والتفسيرات يتجه نحو الماركسية واليسار، فكثرت الكتابات عن الميثاق كما لو كان اجتهاداً من الشيوعية.. وكان ذلك على خلاف ما كان يراه فيه عبدالناصر.. وحين فكر عبدالناصر فى الخروج من هذا المأزق الذى وجد الماركسيين يحفرونه له.. لم يجد أمامه غير سيد قطب.. فهو المفكر الوحيد القادر على أن يفهم الميثاق فهماً إسلامياً يتفق مع فهم عبدالناصر له.
قرر عبدالناصر الإفراج عن سيد قطب وفور خروجه من السجن استقبله فى بيته، وقال له: إن الجماعة الماركسيين افتكروا أن الميثاق فتح لهم الطريق «لمركسة» الثورة، وأنت أعلم بأن الثورة ليست ماركسية ولن تكون، وأنا أريدك أن تكتب عن الإسلام، فى مواجهة الماركسية لإيقاف هذا المد الماركسى عند حده. وهنا سأله سيد قطب: وهل سيتركنى زبانيتك لأكتب ما أراه؟ فقال له عبدالناصر: اكتب ولا شأن لك بهم ولا شأن لهم بك..وفعلاً خرج سيد قطب من مقابلته لعبدالناصر ليكتب أخطر كتبه على الإطلاق: «معالم فى الطريق» الذى يكاد يكون الأساس فى الفكر المتطرف الذى تشهده الساحة الآن. أو «مانيفستو» الإرهاب!
ويشير العقالي إلى ن كتاب «معالم فى الطريق» طبع أكثر من طبعة ، وكانت تنفد كل منها بعد ساعات من إصدارها،
ورغم الكتب الكثيرة التى وضعها سيد قطب قبل الثورة وبعدها، إلا أنه لم يغنم من ورائها مادياً ما غنمه من كتاب «معالم فى الطريق» الذى ألفه بعد خروجه من السجن، فغير مسكنه من شقة متواضعة إلى فيلا فاخرة فى حلوان. واعتبر ذلك مؤشراً صحيحاً على اندماجه فى المجتمع، وانسجامه مع الأوضاع فيه..
وكتب سيف اليزن خليفة رئيس المباحث العامة فى تلك الفترة تقريراً نبه فيه إلى خطورة الكتاب على المجتمع. ورفع التقرير إلى جمال عبدالناصر مقترحا منع الكتاب من الطبع والتداول لخطورته، ولكن عبدالناصر رفض التعرض للكتاب.
مجتمع الكفرة
فماذا يحوي الكتاب من أفكار أثارت مخاوف رئيس المباحث ؟ وجزء من الإجابة في هذه الفقرة التي وردت في الكتاب
"نحن اليوم فى جاهلية كالجاهلية التى عاصرها الإسلام أو أظلم، كل ما حولنا جاهلية، تصورات الناس وعقائدهم، عاداتهم وتقاليدهم، موارد ثقافتهم، فنونهم وآدابهم، شرائعهم وقوانينهم، حتى الكثير مما نحسبه ثقافة إسلامية، ومراجع إسلامية، وفلسفة إسلامية، وتفكيرا إسلاميا، هو كذلك من صنع هذه الجاهلية".
والخروج من هذه الأجواء الجاهلية من وجهة نظر سيد قطب في تكوين" العصبة المؤمنة".
وحين تصل هذه العصبة المؤمنة إلى مرحلة التمكين ..تبدأ الجهاد لتحقيق حاكمية الله على الأرض ..
وفي فقرة أخرى من فصل الجهاد في سبيل الله يقول قطب :
"والذى يدرك طبيعة هذا الدين يدرك معها حتمية الانطلاق الحركى للإسلام فى صورة الجهاد بالسيف- إلى جانب الجهاد بالبيان"
وليس جهاز المباحث العامة وحده من رأى في الكتاب خطورة على المجتمع ..بل أقطاب في الجماعة رأت ربما ماهو أبعد ..
. فالمستشار حسن الهضيبي المرشد الثاني للجماعة أشار في كتابه "دعاة لاقضاه "إلى أن الحاكمية لله لا تعني تكفير المسلمين وأن الله ترك للإنسان الكثير من الأمور التي ننظمها حسبما تهدينا إليه عقولنا
أما الشيخ يوسف القرضاوي الذي رغم تشدده فقد ذهب إلى
أن سيد قطب أخطأ في تكفير جموع المسلمين والحكام والأنظمة و حمله بعض المسؤولية عن تيار التكفير مثله كشكري مصطفى الذي كفر المسلمين عدا جماعته.. التكفير والهجرة !
وهكذا تحول سيد قطب من مفكر إلى مكفر .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.