لأنه لا يعني دائما تطبيق "القصاص" حقوقيون يجتمعون باليوم العالمي لمناهضة "الإعدام" جانب من اللقاء محيط - شيرين صبحي نظم مركز "ماعت" للدراسات الحقوقية والدستورية بالتعاون مع مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان احتفالية باليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، والذي يتم الإحتفال به في العاشر من أكتوبر من كل عام. أدار اللقاء أيمن عقيل منسق التحالف المصري لمناهضة عقوبة الإعدام، موضحا أن أكثر من نصف دول العالم ألغت هذه العقوبة فهناك 84 دولة ألغت هذه العقوبة بالنسبة لجميع الجرائم و 12 دولة جعلتها للجرائم غير العادية كجرائم الحرب و 24 دولة لم تلغها في قوانينها ولكنها لم تنفذها منذ أكثر من 10 سنوات. وأوضح أن حجج الرافضين لعقوبة الإعدام تتلخص في أنها تعبر عن الانتقام، وأنها تتنافي مع مبادىء العدالة حيث لا تراعي الفوارق بين الجناة، والسبب الأكثر أهمية أنه لا يمكن العدول عنها بعد تنفيذها في حال ظهور أدلة جديدة تظهر براءة الجاني. وأشار عقيل إلي تقرير منظمة العفو الدولية الذي يؤكد أن الإستخدام القسري والسري لعقوبة الإعدام يجب أن يتوقف وأن غطاء السرية الذي يحيط بالعقوبة يجب أن يرفع، ويكشف التقرير أن عام 2007 قد شهد تنفيذ أحكام بالإعدام في حق 1200 شخص في بلد حول العالم وأن أحكاما أخري قد صدرت بحق 3347 شخص في (51) بلد خلال نفس المدة، كما ان تقديرات أخري تشير إلي أن جملة من ينتظرون تنفيذ أحكام بالإعدام يصلون إلي 27500 شخص بخلاف من تم تنفيذ عمليات إعدام بحقهم سرا وهؤلاء قد يتجاوزون الرقم السابق بكثير. منهل السيدة ممثل مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان أوضح انه تم تكوين التحالف الإقليمي لمناهضة عقوبة الإعدام والذي ينضم إليه باستمرار أعضاء جدد، مطالبا بأن يكون هناك دراسات استراتيجية للعقوبات البديلة. وعلق منهل أن المخجل لدينا في الدول العربية أننا نطبق عقوبة الإعدام في جرائم سياسية وجرائم خاصة بالإرهاب، في حين لا يوجد حتي الآن تعريف واضح لهذين الأمرين، ولهذا يجب أن تتضافر الجهود من أجل إيقاف تلك العقوبة في هذه الجرائم. الإعدام السياسي الباحث السياسي عبدالناصر قنديل قدم ورقة عن "الاستخدام السياسي لعقوبة الإعدام في الدول العربية.. دراسة حالة علي مصر" أوضح فيها أن عدد الدول التي أوقفت العمل بعقوبة الإعدام وصلت إلي 137 دولة بالعالم. وأوضح أن العديد من الدراسات والأبحاث الميدانية تشير أنه بمراجعة ملفات عديد من أحكام الإعدام التي صدرت حول العالم وبخاصة في المنطقة العربية إلي أن عدد غير قليل ممن نفذ بشأنهم حكم الإعدام لم يكونوا مرتكبي تلك الجرائم وثبت بالدليل أنهم أبرياء مما نسب لهم وأن أخطاءا فادحة ارتكبت في التحقيقات أو أن شهود زور أدلوا تسببوا في صدور وتنفيذ أحكام بالإعدام لم يعد من الممكن تصويبها. وأضاف أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أقرت في 18 ديسمبر 2007 إلي وقف وتعليق العمل بعقوبة الإعدام حيث صوتت الجمعية بأغلبية 104 صوت مقابل 54 صوت وامتناع 29 دولة عن التصويت . وعن الأوضاع المصرية يوضح الباحث أن عدد الجرائم المقرر لها عقوبة الإعدام في التشريعات المصرية وصلت إلي ( 105 ) جريمة، بينما تصل المواد التي تقر عقوبة الإعدام بالقوانين المصرية إلي ( 60 ) مادة توزع علي قوانين " العقوبات المصري – الأسلحة والذخائر – المخدرات – المحاكمات العسكرية ". ويرصد أربع حالات جري فيها الاستخدام السياسي لعقوبة الإعدام في مصر بدأت بحادثة دنشواي والتي صدر فيها أحكاما بالإعدام شنقا والجلد في حق ( 24 ) من أهالي القرية. وبعدها لم تشهد مصر عودة لظاهرة الإعدام السياسي حتي قامت ثورة يوليو والتي فوجئت بوقوع أحداث الإضراب العمالي الشهير في كفر الدوار والتي جري تصويرها علي أنها حركة مضادة للثورة ومن ثم أصدر اللواء محمد نجيب بصفته قائدا للجيش قرارا بإنشاء محكمة عسكرية برئاسة عبدالمنعم أمين وهي المحكمة التي افتقدت لكافة معايير النزاهة، وصدر حكمها بالإعدام علي عاملين هما خميس والبقري وتم تنفيذ الحكم رغم سيل هائل من البرقيات الخارجية المطالبة بعدم التنفيذ. بعد أقل من عامين في 26 اكتوبر 1954 وقع حادث المنشية وأطلق محمود عبداللطيف 8 رصاصات علي جمال عبدالناصر تنفيذا لقرار اتخذته قيادة الجهاز السري لجماعة الإخوان المسلمين باغتياله. وبدأت أكبر حملة من الاعتقالات شهدتها مصر وشكل مجلس قيادة الثورة في 2 نوفمبر 1954 محكمة الشعب، وفي الرابع من ديسمبر نطق الحكم الول في المحكمة وبلغ عدد الذين حكمت عليهم محاكم الشعب ( 867 ) متهما وعدد الذين حكمت عليهم المحاكم العسكرية ( 254 ) كما صدر الحكم بإعدام ( 6 ) من المتهمين، إضافة إلي حكم أخر بإعدام حسن الهضيبي مرشد الاخوان والذي خفف إلي الأشغال الشاقة المؤبدة والحكم علي سبعة آخرين من أعضاء مكتب الإرشاد بالأشغال الشاقة المؤبدة واثنين من أعضاء المجلس بالسجن لمدة 15 عاما. وتم تنفيذ الحكم في التاسع من ديسمبر في حالة هي الثالثة لاستخدام عقوبة الإعدام بشكل سياسي. الحالة الرابعة جاءت بنهايات عام 1965 حيث أصدر سيد قطب كتابه الأشهر "معالم في الطريق" عام 1957 والذي تحول لمنهج فكري لتنظيم سري اعتمد علي ما احتواه الكتاب من اتهام للمجتمع وبالجاهلية وأن المعركة معركة عقيدة بين الكفر والإيمان وأن هدف الإسلام ليس تحقيق القومية العربية ولا العدالة الاجتماعية وإنما أن يكون الحكم لله. ونجحت أجهزة وزارة الداخلية من اعتقال الخلايا المختلفة وتمت محاكمتهم التي انتهت بالحكم بإعدام ( 7 ) من المتهمين قبل أن يخفف علي أربعة منهم لصغر سنهم وتم تنفيذ اإعدام علي سيد قطب، عبدالفتاح إسماعيل، محمد يوسف هواش، إضافة إلي الحكم علي ( 25 ) بالأشغال الشاقة المؤبدة و ( 11 ) متهما بالأشغال الشاقة ما بين 10 الي 15 سنة والحكم علي الهضيبي بالسجن ثلاث سنوات، لتكون الحالة الرابعة في استخدام الاعدام كعقوبة سياسية في مصر. بعض المحكوم عليهم بالإعدام في ليبيا يتناول الباحث كذلك حالات الإعدام السياسي في السعودية وسوريا وفلسطين، ويخلص إلي أن تلك الأحكام تغيب فيها المحاكم الطبيعية، وصورية لائحة الاتهام حيث يتم توجيه لائحة اتهامات جنائية بعيدة عن القضية الرئيسية بل وصار الاتهام بمحاولة قلب نظام الحكم أو إثارة الفوضي والفزع بين المواطنين هو الداعم الرئيسي للاحتجاز والحكم، بالإضافة إلي غياب الحق في نقض واستئناف الأحكام الصادرة. الدكتور نبيل حلمي الأستاذ بحقوق الزقازيق وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان أكد علي ضرورة تغيير هذه العقوبة، موضحا أنها لم تحقق الردع علي مستوي المجتمع، ولم تحقق ردعا مع المتهم لأنه يكون قد رحل بالفعل، وتساءل أيهما أقسي الإعدام أم السجن مدي الحياة؟! وأوضح أن هناك ثلاثة أنواع من الدول في تعاملها مع تلك العقوبة منها من ألغتها ومنها من أوقفها لمدة 10 سنوات ومنها ما يزال يتعامل معها. وطالب د. حلمي بضرورة الحد من تلك العقوبة وأن تكون قاصرة فقط مع القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد إذا ثبت هذا، وعلق أننا اليوم نري من يقوم بانقلاب وينجح يصبح بطلا في حين إذا فشل أصبح خائنا ويعدم، لذلك لابد أن نربط الجرائم السياسية بحق التعبير. عصام الاسلامبولي المحامي ذكر العديد من قضايا الإعدام السياسي بعد حادثة دنشواي منها قضية إعدام الورداني، موضحا أن لدينا ما يقرب من 8 حالات حتي قيام ثورة يوليو. وأكد أنه ضد الإعدام في الجرائم السياسية تماما، مطالبا بوجود ضمانات حقيقية لتلك القضايا أهمها أن يمثل المتهم أمام القاضي الطبيعي وليس أمام محاكم استثنائية أو عسكرية. لمحة تاريخية بالنظر للتاريج نجد أن هذه العقوبة قديمة جدا ففي عهد الفراعنة طبق الإعدام علي كثير من الجرائم (قتل الحيوانات المقدسة- السحر- عدم إفشاء مؤامرة علي الفرعون، وكذلك ظهرت في قانون حمورابي كعقوبة لبعض الجرائم ومنها السرقة وإزالة الوشم عن وجه العبد لإخفائه عن مالكه. وكذلك في أوربا في العصور الوسطي ففي أسبانيا وحدها تم إعدام أكثر من 14000 امرأة وكذلك في فرنسا أيام الثورة واختيار المقصلة كأداة لتنفيذ الإعدام بحق المدنيين.