الخرافات والعفاريت تسيطرعلى"العاشرة مساء"! محيط أمل المصري تأخر بها سن الزواج إذن فالسبب هو السحر والأعمال، تزوجوا ولم ينجبوا.. عليهم بجلسات الزار، كن مستعدا لعمل أي شئ وادفع آلاف من الجنيهات لترضي الأسياد، هكذا يفكر كل من يؤمن بالدجل والشعوذة والخرافات . فوفقا لأحدث الدراسات الميدانية التي أجراها فريق بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، فإن هناك ما يقرب من 300 آلف دجال في مصر، بمعدل دجال لكل240 مواطن. كان هذا مقدمة التقرير الذي أعده برنامج "العاشرة مساء " لتفتح من خلاله مني الشاذلي ملف الخرافات في حياة المصريين. يحكي التقرير مأساة حقيقية تحدث في القرن 21 وعصر العولمة والناتو التكنولوجي الذي قطع فيه العالم أشواطا بعيدة، بينما نحن ما زالنا نبحر في بحر الخرافات ونبحث عن حل لمشاكلنا في السحر والأعمال والأحجبة ونخشى غضب الأسياد ونجد الملاذ في الزار . ولعل الغريب أن هناك 274 خرافه تسيطر علي سلوك أهل الريف والحضر، وجاءت القاهرة في الصدارة من حيث عدد المشعوذين، أما قرية طناح بمحافظة الدقهلية فهي مرشحة للحصول علي لقب " قرية الخرافات " . استضافت " مني الشاذلي " الكاتب أمين الصراف الذي اعد دراسة بعنوان " تجريف عقول المصريين " ،وأيضا الدكتور فيصل يونس رئيس قسم علم النفس بكلية الآداب جامعة القاهرة ، والكاتب والسيناريست "محمد صفاء عامر" لأنه من الصعيد وأعماله دائما تحتوي علي رصد للخرافات في حياتنا الاجتماعية ، د. علياء شكري أستاذ علم الاجتماع وعميد كليه البنات جامعة عين شمس . في البداية تحفظت "د.علياء" علي كلمة خرافات التي أطلقت علي تصرفات المصريين لأن هذه الكلمة بها استخفاف بعقول الناس وما هي إلا معتقدات شعبيه لا يخلو أي مجتمع منها، ولكن في مصر المعتقدات الشعبية متوارثة من قديم الأزل لذلك تأصلت في عقول المصريين. وأضافت أن هناك 500 ولي في منطقة الخليفة بالقاهرة، وبذلك يكون عدد الأضرحة في هذا الحي أكثر من عدد الوحدات الصحية وهو ما أصابها بالدهشة في بداية عملها. تكنولوجيا الخرافات علاج المشاكل بالزار وقد عددت الحلقة الخرافات الموجودة في عقول الكثيرين منا، حيث يعتقد البعض بتصنيف الجن إلى أزرق وأحمر، ويعتقد آخرون أن الحذاء القديم الملقي بالشارع هو الدواء الوحيد الناجح للوقاية من الجن والعفاريت، والمفزع أن الكثير من المصريين يتحاشون ضرب القطط والكلاب ليلاً لاعتقادهم أن العفاريت تتشكل في أشكال هذه الحيوانات، ويعتقدون أن الجن قادر علي الزواج من النساء بل والإنجاب منهم. أما النساء فلهن شأن آخر فالكثيرات تؤمن بضرورة وضع كف في شعر الطفل حتى لا يصاب بالحول، بل وصل بهن الأمر الى الاعتقاد بأن رش المياه وراء الشخص المتوفى يمنع موت أحد وراءه. وفي البرنامج ذكرت المذيعة المفاجأة الخاصة بشجرة جسر السويس التي كان منحوت عليها اسم الجلالة والرسول صلى الله عليه وسلم، والتي تحولت الي قبلة للكثيرين الذين حضروا لمشاهدتها والتبرك بها من كل أنحاء الجمهورية، فقد كشفت اللجنة العلمية التي شكلتها نيابة النزهة أن الكتابة الموجودة على الشجرة تم حفرها بفعل فاعل وليست من مظاهر الطبيعة . ويروي الكاتب " أمين الصراف " عن ضريح أبو عصران في قنا الذي أشيع عنه الكثير من الحكايات، فعلى أعتابه تتم عمليه " الدحرجة "، وهي مخصصة بالنساء العقيمات أو الأطفال المصابين بالأمراض النفسية، وهناك من تتولى القيام بذلك في منطقه مجاورة للضريح، وتطالب النساء بالدعاء " لابو عصران " ليمن عليهم بالشفاء. ومازال في جعبة المصريين الكثير، فالمقص المفتوح من أشهر الخرافات التي تجلب النحس والنكد لأهل البيت، ولكن إذا تم وضعه تحت مخدة النائم فإنه بقدرة قادر ينعكس مفعوله ويمنع عنه الكوابيس، كذلك قشر الثوم نثره علي ارض المنزل يجلب الفقر ومن مشى فوقه أصابه النكد ، كما أن الجري في المنزل ليلا يزعج العفاريت كما يزعجهم التنظيف أو كنس البيت في المساء، وإذا اضطرت السيدة لذلك فإنها تبصق علي المكنسة وتقول "لا بنكنس مال ولا عيال" حتى تأمن شر الجان. الليل وآخره أما الليل فقد كان له نصيب كبير من هذه الحواديت ، فلا يتم سكب الماء الساخن أو الاستحمام به بعد العشاء، وهناك قصة مشهورة تتردد في الأحياء الشعبية عن سيدة سكبت الماء الساخن ليلا في دوره المياه فاحترق به احد أبناء الجان، مما دفع"والد العفريت" إلي الانتقام من السيدة وعائلتها.
السحر يؤمن به الكثيرون أيضا هناك اعتقاد سائد بأن القط الأسود ما هو إلا عفريت اتخذ لنفسه هذه الهيئة، وهو ما يدعو للتشاؤم عند رؤيته كما يحدث مع البومة. ومع التشاؤم تبرز علامات للتفاؤل كالرقم" سبعة" أو تعليق فردة من حذاء طفل علي جدران المنزل، وأشياء أخري لخرق عين الحسود كالبخور والخمسة وخميسة والخرزة الزرقاء والعروسة الورقية التي" تثقب" بإبرة مع اسم كل حسود ومن ثم تحرق ويرسم برماد الورق شكل الصليب علي جبهة المحسود. الخرافات والزواج وتستعرض الحلقه عددا من الخرافات الخاصة بالمتزوجين وخاصة في صعيد مصر، فهناك سراديب معبد "دندرة" في الصعيد الذي يعتبر ملجأ للعوانس والعقيمات، حيث تتعرض صاحبة المشكلة " للخضة " لتنفك عقدتها وتنجب . أما مدينة دشنا فبها "الشجرة النازفة "، وهي شجرة صمغية موقعها بجوار الأضرحة أضفى عليها قدسيه خاصة، فأصبحت تستخدم لعلاج الأمراض الجلدية. وفي الشرقية تقوم المرأة بزيارة تمثالين لرجل وامرأة وتحتضنهما تحت ملاءة، ثم تستحم وتكسر زيراً من أجل الإنجاب.. أما أن تستحم العروس في نبع من الماء ليلة عرسها.. فهو الاعتقاد السائد بين أهالي واحة سيوة لأن ذلك يكسبها الخير والجمال ويبعد عنها الشر. الكاتب محمد صفاء عامر وقد عقب الكاتب صفاء عامر " على هذه الخرافات السائدة ذاكرا أن هناك ظواهر خارقة لم يستطيع العلم تفسيرها ولابد لنا ألا نغفلها ". وفي النهاية أوضح الدكتور " فيصل يونس " أن الحالة الاقتصادية التي يعيشها المصريون ساعدت على انتشار هذه المعتقدات، وإغلاق المستشفيات الحكومية أمام الفقراء فتح لهم أبواب الدجل والشعوذة فسلموا عقولهم لهذه المعتقدات . كما أيضا ارجع زيادة هذه المعتقدات وعدم انقراضها مع توالي الأجيال في ظل التقدم العلمي الذي حولنا هو نظام التعليم في مصر الذي يخرج متلقون للعلم فقط ، فالتطور لم يمس عقول أولادنا ، فالعلم في مصر لا يرتبط بالحياة إنما هي علوم نظريه فقط .