الحياة المصرية بألوان وحشية في معرض الطنبولي الطنبولي محيط - رهام محمود يستكمل الفنان التشكيلي السكندري إبراهيم الطنبولي تجربته الفنية في معرضه الأخير الذي أقامه في المركز الثقافي الألماني بالإسكندرية، والذي ضم نحو أربعين عملا من لوحاته الجديدة التي لم تعرض من قبل، عدا ثلاثة أعمال تم عرضهم فيما سبق بالقاهرة رأى الفنان ارتباطهما الوثيق بفكرة المعرض. طور الفنان في هذا المعرض في اسلوبه وتكنيكه في العمل مستخدما الألوان الزيتية, والباستيل, والألوان المائية, والأكليريك, حيث تظهر في شكل جديد محتفظا بشخصيته الفنية المميزة التي تنطبع على العمل بصدق شديد. اختار الفنان اسم 'رؤية' عنوانا لمعرضه؛ لأنه تكنيك جديد ورؤية خاصة جدا به، فهو يحاول أن يعبر عن الواقع الذي نعيشه في حياتنا اليومية بتلقائية، فيرصد كل ما حوله ويعبر عنه بلغة تشكيلية سلسة، تنفذ إلى وجدان المتلقي دون الإهتمام بتفاصيلها الدقيقة، مستخدما ألوانه الساخنة المبهجة بشحنات قوية سواء من خلال اللون أو الخط أوالكتلة والفراغ في معالجة السطح باسلوب وحشي، حتى عند استخدامه للألوان الباردة في بعض الحالات، فهي تعطي أيضا الإحساس بالسخونة. التشخيصية هي السمة الغالبة على المعرض، والتي تغلب أيضا على جميع أعماله؛ وذلك لأنه فنان ارتبط بالواقع والتعبير عن الإنسان بصفة عامة، مهتما بإظهار الحالة الروحية لأشخاصه دون افتعال, راصدا معاناتهم مع المجتمع وكل ما حوله، فهو ينفعل بالحدث ويعمل على اللوحة مباشرا من مخزون اللاشعور الذي ينطلق على اللوحة من خلال الألوان المتداخلة التي يتلاعب بها بحرفية عالية على سطح اللوحة. يسود على الأعمال جو طفولي يمثل الواقع الذي نعيشه في مصر، وعلاقات الأسرة من خلال ضيق الرزق الموجود حاليا، ومعاناة الإنسان المصري، أفراحه، أحزانه، وكذلك العلاقة الحميمية بين الرجل والمرأة وأفراد الأسرة، كما يعبر أيضا الفنان عن الريف والنوبة، والعديد من الأحداث الأخرى الجارية التي يتأثر بها وتدفعه للتعبير عنها. الطنبولي
أما عن المرأة فقد احتلت عددا كبيرا من أعماله، يصور خصوبتها في الأراضي التي تمثل مصر. يقول الفنان ' من الواضح أن أعمالي لم تنتمي لمدرسة فنية بعينها, لكنها تحمل أسلوبي الخاص, تجربتي وحالتي التي اشعر بها دون تحكم بالعقل بل بالوجدان فقط, ففي تصوري أن هذا هو الإبداع، فمن أساسيات العمل تحطيم المقاييس وجميع الأسس الأكاديمية, لتعطي قوة في التعبير, فالعمل يجعل المتلقي يكمل المشهد بعينه, كما أنه يوجد علاقة خاصة بينه وبين المتلقي, فأنا لا أبحث عن المعاني الأدبية, ولكني أبحث في لغة الشكل, فعلى الرغم من أن أعمالي تعبيرية إلا أنها بعيدة عن الماديات, ولكنها قريبة جدا من الروحانيات'. يقول الفنان عصمت داوستاشي: 'يعرض الفنان إبراهيم الطنبولي لوحاته المشبعة بضربات الفرشاة المحملة بألوان الشمس وأمواج البحر وحيرة المغتربين بالمدينة الساحرة... فيرسم الناس والأشياء أولا، ثم يكسبهم بألوانه الوحشية الجريئة الروح والنبض والتواجد الجمالي في تشخيصه، تكاد تقترب من النسيج التجريدي، ولكن في أداء يتسق مع التجربة المتميزة لفنان يعشق حيوية الحياة'.