عند ذكر عيد ميلاد السيد المسيح، يدعي البعض أن النبي كان يتبادل الهدايا مع المسيحيين في أعيادهم مستشهدين بقوله صلي الله عليه وسلم "أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم" فهل هذا صحيح؟ الجواب : المسلمون يؤمنون بأنبياء الله تعالى ورسله كلهم، ولا يفرقون بين أحد منهم، ونفرح بأيام ولادتهم، فلا بأس بالاحتفال بالأنبياء والرسل جميعا وأيام مواليدهم من باب شكر الله تعالى على نعمة إرسالهم هداية للبشرية ونورا ورحمة ، فإن إرسال الرسل والأنبياء إلى البشر من أكبر نعم الله تعالى علينا، والأيام التي ولد فيها الأنبياء والرسل أيام سلام على العالمين وقد أشار الله تعالى إلى ذلك فقال عن سيدنا يحيى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا} (مريم 15)، وقال تعالى عن سيدنا عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام {وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} (مريم 33)، وقال تعالى {سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ} (الصافات 79)، وقال تعالى {سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ} (الصافات 109). وإذا كان الأمر كذلك، فإظهار الفرح بهم، وشكر الله تعالى عليهم، والاحتفال والاحتفاء بهم إنما يكون بما يجوز شرعا ويُعَدُّ من أنواع القرب والمباحات التي يظهر فيها معنى الفرح والشكر لله على نعمه، وقد احتفل سيدنا رسول الله صلى الله بيوم نجاة موسى عليه الصلاة والسلام من فرعون بالصيام. وبناء عليه فيجوز الاحتفال بذلك عن طريق تبادل الهدايا المباحة شرعا، ويندرج من جهة أخرى تحت عموم استحباب تبادلها بين الأفراد وأنه مندوب إليه شرعا، سواء في المناسبات العامة وغيرها. وإذا جاز الاحتفال به على الوجه السابق المبين، جاز تهنئة أتباعهم على ذلك اليوم، فتهنئة غير المسلمين من المواطنين المسالمين الذين يعايشهم المسلم لا مانع منها شرعًا؛ لأنها داخلة في البر الذي لم ينه الله تعالى عنه، خاصة إذا كان بينهم وبين المسلم صلة رحم أو قرابة أو جوار أو زمالة أو غير ذلك من العلاقات الإنسانية، وخاصة إذا كانوا يبادلونه التهنئة في أعياده. الإسلامية؛ حيث يقو ل الله سبحانه وتعالى: ?وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا? [النساء: 86]، وليس في ذلك إقرار لهم على شيء من عقائدهم التي يخالفون فيها عقيدة الإسلام كما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما احتفل بنجاة موسى عليه السلام لم يكن في ذلك إقرار على عقائدهم المخالفة كما سبق، بل هو من البر والإقساط الذي يحبه الله تعالى، والمسلم مأمور بالقول الحسن والمعاملة الطيبة التي تحبب الناس في دينه وتريهم سماحته وسعته. فالفرح بميلاد السيد المسيح من حيث هو - مع العقيدة السليمة أنه عبد الله ورسوله المخالفة لعقائد النصارى - هو أمر مشروع لا حرمة فيه، وذلك كله بشرط عدم المشاركة في شيء من الطقوس المخالفة لعقيدة الإسلام، ولا فئ شيء من المحرمات كشرب الخمور أو الاختلاط المحرم. دار الإفتاء المصرية