تاريخ العلاقات المصرية التركية منقوش على جدران القصور والبنايات الأثرية الممتدة من القاهرة إلى اسطنبول، يزيده الترابط والتعانق الاقتصادي واتفاق المصلحة ويزعجه الفتور والقلق السياسي منذ عقود آخرها أحداث 30 يونيو 2013 التي أزاحت الرئيس السابق محمد مرسي من الحكم، وما تلاها من فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، والموقف السياسي التركي من الأوضاع في مصر. حيث أدت التوترات السياسية بين القاهرة وإسطنبول إلى تغيرات في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، أصبحت مهددة بالتصعيد عقب قرار مصر مؤخرًا طرد السفير التركي لديها، والرد التركي بالمثل. ويستبعد عادل اللمعى، رئيس مجلس الأعمال المصري التركى، قطع العلاقات الاقتصادية مع تركيا، قائلا: إن الحديث عن ذلك سابق لأوانه، مشيرا الى ضرورة فصل الملف الاقتصادي عن الخلافات السياسية، خاصة أن القطاع الخاص التركى لا يمثل بالضرورة رأى الحكومة. وقال: بات من الصعب الحديث عن إجراءات حكومية لمساندة المصدرين المصريين بشأن زيادة كميات الفاكهة والخضراوات الى الأسواق التركية، خاصة أن السوق التركية متعطشة لهذه الأنواع من السلع خلال موسم الشتاء، مشيرا الى أن مجلس الأعمال المشترك لا يزال يمارس دوره فى تشجيع حركة الاستثمارات الوافدة من تركيا. وكانت تركيا قد أعلنت فى وقت سابق عن سعيها زيادة استثماراتها فى السوق المصرية الى 5 مليارات دولار بحلول عام 2017 مقارنة بمليارى دولار فقط خلال العام الماضى 2012، وفقا لإحصائيات الملحقية التجارية لسفارة أنقرةبالقاهرة. وفي تقرير لوزارة الاقتصاد التركية أن الميزان التجاري بين مصر وتركيا بلغ في عام 2012، ، نحو 5.18 مليار دولار، وصلت صادرات مصر منها 1.48 مليار دولار، بينما بلغت الصادرات التركية إلى القاهرة نحو 3.7 مليار دولار. ويبلغ حجم الاستثمارات التركية بمصر نحو 1.5 مليار دولار، من خلال نحو 300 شركة يعمل بها أكثر من 50 ألف عامل مصري بحسب تصريحات لأعضاء مجلس الأعمال المصري التركي. ويرى الدكتور علي لطفي رئيس الوزراء الأسبق وعضو مجلس الأعمال المصري الأوروبي أن العلاقات الاقتصادية تتخذ خطًا مختلفًا عن العلاقات السياسية والدبلوماسية بين البلدين، ولعل ردة فعل القيادة السياسية المتأنية والحكيمة والتي تأخرت عدة شهور منذ تصريحات أردوغان المتوالية عقب أحداث 30 يونيو، هي خير دليل على عدم تصعيد الأمور، في نفس الوقت العلاقات الاقتصادية بين الجانبين تسير على طبيعتها. وقال رئيس الوزراء الأسبق في تصريحات صحفية أنه يتوقع عدم تأثر العلاقات الاقتصادية بين البلدين إثر توتر العلاقات السياسية والدبلوماسية لأن هناك مصالح مشتركة بين الطرفين. وقال اعتقد أنه لن يكون هناك تأثير لأن المصالح متبادلة بين البلدين، وتركيا نقلت مصانعها من الملابس الجاهزة لمصر للاستفادة من اتفاقية الكويز لتصديرها إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية. ووقعت مصر وتركيا اتفاقية تجارة حرة في 27 ديسمبر 2005، تتضمن استفادة الدولتين من الإعفاء الجمركي للصادرات المصرية لتركيا، بينما منح الجانب المصري للصادرات التركية حصص كمية معفاة تتراوح الرسوم الجمركية عليها في مصر ما بين 2 و12 بالمئة باستثناء بندين تتراوح الرسوم الجمركية المفروضة عليهما ما بين 12 و22 بالمئة - بحسب موقع الهيئة العامة للاستعلامات -. وتتيح الاتفاقية استفادة المستثمرين الأتراك - بالشراكة مع مصريين - من اتفاقيات التجارة الحرة التي وقعتها مصر مع الدول العربية والكوميسا (الدول الأفريقية)، واتفاقية الكويز الموقعة بين مصر وإسرائيل والولاياتالمتحدة، والتي تتيح دخول نسبة من المواد الخام الإسرائيلية بالمنتجات المصرية والتي يتم فتح الباب لتصديرها للولايات المتحدة. وقال رجال أعمال أن هناك حوالى 280 مصنعا تركيا كبيرا تعمل بطاقات انتاجية مرتفعة فى مصر أغلبها فى مجالات الصناعات النسيجية والملابس الجاهزة، وهى مصانع موجودة منذ 5 سنوات للاستفادة من اتفاقية الكويز والكوميسا واتفاقية الشراكة الأوروبية والتيسير العربية. وفي تصريحات للسفير بدر عبد العاطي، المتحدث باسم الخارجية المصرية: إن العلاقات الدبلوماسية مع تركيا قائمة وما حدث هو تخفيض التمثيل الدبلوماسي، مشيرا إلى أن العلاقات التجارية والاقتصادية لن تمس على الإطلاق بسبب هذه الأحداث. وقد اتخذت العلاقات الثنائية بين مصر وتركيا بعدا اقتصاديا منذ عدة سنوات تتمثل في زيادة العلاقات التجارية والاستفادة من موقع مصر كبوابة لإفريقيا وطريقا تمر من خلاله التجارة الى دول الشرق الأوسط خاصة دول الخليج، ووقعت اتفاقات العام الماضي مع اتحاد الغرف التجارية المصرية لتمرير التجارة عبر خطوط ملاحية تمر بمصر الى دول الخليج العربي. كما قدمت الحكومة التركية وديعة إلى البنك المركزي المصري بقيمة مليار دولار إبان عهد حكومة الدكتور هشام قنديل. وعلقت تركيا منح مصر مليار دولار كمساعدة مالية كانت قد وعدت بها إبان عهد الرئيس السابق محمد مرسي، وذلك عقب أحداث 30 يونيو. فيما بلغت الصادرات التركية إلى أبرز 10 شركاء تجاريين لها في الشرق الاوسط قد تقلصت منذ 30 يونيو الماضي بنسبة 5 بالمئة، طبقا لمؤسسة '' open society foundation'' الأمريكية. ووقع رئيس البورصة المصرية في يونيو 2012 خلال زيارته للعاصمة التركية مذكرة تعاون للربط بين البورصة المصرية وبورصة اسطنبول، إلا أن الاتفاقية لم تنفذ بسبب التوترات السياسية بين البلدين عقب 30 يونيو.