يجمع خبراء اقتصاديون علي ان العلاقات الاقتصادية بين مصر وتركيا في حاجة الي إعادة نظرا لأن اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين تمنح العديد من المزايا للشركات التركية ولا تقدم- في المقابل- الشيء الكثير للشركات المصرية. لذلك يؤكد هؤلاء الخبراء ان الاستثمارات التركية في مصر تواجه مأزقا حرجا بعد ان صدرت تصريحات من بعض الأطراف تدعو الي مقاطعة البضائع والبيزنس التركي في مصر. في هذا الإطار يكشف أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين عن ان حركة التجارة بين مصر وتركيا مستمرة وتم توجيه رسالة من الشعبة بصورة رسمية للملحق التجاري التركي تهدد فيه بقطع علاقات التجارة مع تركيا بعد التصريحات غير المسئولة من جانب السياسيين في تركيا عن الوضع في مصر, وقد جاء اعتذار من الملحق التجاري وعبر فيه عن ان التصريحات تعد وليدة اللحظة وقد عبرت الخارجية التركية عن احترامها لارادة الشعب المصري, وأوضح شيحة ان اعادة النظر في التصريحات امر طبيعي نظرا للمكاسب التي تحصل عليها تركيا من خلال التجارة مع مصر, فمصر هي أكبر الدول العربية المستوردة للبضائع التركية ويصل حجم التجارة البينية بين البلدين الي4 مليارات دولار تستحوذ تركيا علي3 مليارات دولار منها كصادرات تركية الي مصر فضلا عن جميع التسهيلات التي تقدمها الدولة للمستثمر التركي وتسمح له بالتصدير من اسواقها الي جميع اسواق الدول التي تدخل مع مصر في اتفاقيات وفي ذات الوقت فإن السوق المصري مفتوح أمام جميع المنتجات التركية ومن ثم فليس من حقهم التدخل في الشأن المصري وإلا سوف نضطر الي إيقاف التعامل مع الجانب التركي ونلجأ الي بديل آخر. ويضيف ان حجم التجارة بين مصر وتركيا بنسبة1:7 وبالتالي فهو في صالح الجانب التركي أكثر من الجانب المصري فضلا عن ان80% من المنتجات المستوردة من تركيا هي في الأصل منتجات صينية يعاد تصديرها مرة أخري لمصر, وبالتالي فإن التعامل مع المنتج الأصلي يحقق مصالح افضل للجانب المصري. ويري شيحة ان اتفاقيات التجارة مع تركيا ترتبط بعلاقات المسئولين في الجانب المصري والتركي اكثر من علاقة بين دولتين, حيث ان اتفاقية التجارة الحرة تم توقيعها في عهد النظام الأسبق لوجود علاقات تجارية بين هؤلاء المسئولين في مصر مع تركيا وبطبيعة الحال توسعت وزاد حجمها في عهد النظام السابق وان الكثير من التوكيلات التي تم افتتاحها في مصر كانت غطاء لنشاط غير قانوني. ويري شيحة ضرورة اعادة النظر في بنود اتفاقية التجارة الحرة التي لا تحقق سوي المصالح التركية ولا تحقق مصالح الجانب المصري, حيث يأتي المستثمر التركي يستفيد من جميع المزايا والتسهيلات في مصر فضلا عن تمتعه بحافز الصادرات عن تصديره للمنتجات وتمتعه بمزايا التصدير لدول الكويز والكوميسا, مشيرا الي ان اهم الواردات هي الحديد والملابس والأحذية والمواد الغذائية والمواد الخام. وبدوره يقول المهندس محمد المرشدي رئيس غرفة الصناعات النسيجية ان العلاقات المصرية التركية في صالح الجانب التركي اكثر من الجانب المصري فقد استحوذ الاتراك علي جزء من السوق المحلية ولم يضيفوا استثمارا جديدا كما هو المفترض فقد تمكنوا من جذب عمالة المصانع المصرية, حيث ان متوسط الأجر الذي يحصل عليه العامل المصري في المصنع التركي هو600 دولار وقد أغلقت الكثير من المصانع في مجال الغزل والنسيج بسبب ذلك وبالتالي فإنه قام بفتح مصنع جديد في مقابل آخر أغلق, فمعظم الاستثمارات القائمة هي لمصانع ملابس تعتمد علي جلب القماش من تركيا ثم حياكته في مصر ثم إعادة تصديره مرة أخري إلي دول الكويز والكوميسا وبالتالي تتمتع بمزايا النفاذ الي هذه الأسواق بعد ان رفضت دول الاتحاد الأوروبي عضوية تركيا. يضيف مرشدي قائلا لكن المشكلة الأكبر هي حصول المصدر التركي علي دعم صادرات نظرا لأن المنتج المصدر يعد منتجا مصريا فهل يوجد أي اتفاق ينطوي علي كل هذا الكم من الظلم للجانب المصري. ويري ان التدخل التركي في الشأن المصري يتطلب وقفة حقيقية ولابد من اعادة النظر مرة أخري في العلاقات المصرية التركية إذا لم تراع تركيا هذا البعد فإن علينا أن نقاطع المنتجات التركية التي لا تحقق أي نفع للاقتصاد المصري بل هناك بدائل ارخص وأجود من المنتجات التركية وكان منير فخري عبد النور وزير التجارة والصناعة قد أكد عدم تأثر اتفاق التجارة الحرة مع تركيا وانها مستمرة ولم يشر لباقي الاتفاقيات الثنائية وأكد علي ضرورة التفرقة بين المسارين التجاري والسياسي وقال ان التجارة ستبقي تجارة والسياسة ستبقي سياسة. جدير بالذكر ان البيانات الصادرة عن وزارة التجارة والصناعة, تشير إلي أن حجم التبادل التجاري بين مصر وتركيا يصل إلي نحو4.2 مليار دولار وتستحوذ الصادرات التركية لمصر علي نحو3.9 مليار دولار وان الميزان التجاري لصالح تركيا وتتمثل الواردات الاساسية في حديد التسليح والاسمنت والكيماويات والمنسوجات والسيارات والسلع الكهربائية, أما الصادرات المصرية لتركيا فتتمثل في السماد والرمال والكيماويات والملابس الجاهزة والملح والبولي إثيلين. ويبلغ اجمالي الاستثمارات التركية في مصر1.5 مليار دولار من خلال230 مصنعا وزاد حجم الصادرات المصرية لتركيا خلال الخمس سنوات ويعمل بالمصانع نحو51 ألف عامل. ووفقا للبيانات الصادرة عن الهيئة العامة للاستعلامات فإن الروابط الاقتصادية بين البلدين تمتد الي عقد السبعينيات من القرن الماضي وثمة عدد من الاتفاقيات الاقتصادية قد وقعت بين البلدين مثل اتفاقية التجارة الحرة عام67 وإلغاء الضرائب بين الطرفين في1993 واتفاقية التعاون الاقتصادي والتقني عام94 واتفاقية التجارة الحرة الموقعة عام96 التي تعد تجديدا لاتفاقية التجارة الحرة لعام67. وفي مجال التعاون الاقتصادي فقد تم تخصيص مليوني متر مربع كمنطقة صناعية تركية في مدينة السادس من اكتوبر للاسهام في زيادة حجم الاستثمارات بين البلدين وقد وضع حجر أساسها الرئيس التركي عبد الله جول خلال زيارته لمصر في مطلع عام2008 وتضم المنطقة مايقرب من400 مصنع. وقد شهدت العلاقات التجارية بين البلدين نموا متزايدا خاصة في أعوام2007 و2008 وعام2009 بسبب دخول اتفاقية منطقة التجارة الحرة بين البلدين حيز التنفيذ اعتبارا من مارس2007, حيث ارتفع حجم التجارة من727 مليون دولار في عام2005 الي3 مليارات دولار في عام2009. كما زادت الاستثمارات التركية حيث بلغ عدد الشركات290 شركة في نهاية عام2009, كما قد خصصت للمستثمرين الاتراك منطقة صناعية خاصة. كما بلغت صادرات مصر لتركيا خلال عام2011 نحو1.4 مليار دولار لتحقيق زيادة نسبتها50% علي عام2010 بينما سجلت واردات مصر من تركيا نحو2.7 مليار دولار عام2011. كما وقع رئيس البورصة المصرية في يونيو2012 خلال زيارته لتركيا مذكرة تعاون مشترك بين البورصة المصرية وبورصة اسطنبول. كما تم في ظل النظام السابق عقد عدد من الاتفاقيات الثنائية بين مصر وتركيا وعددها27 اتفاقية في مجالات الصحة والنقل والثقافة والحفاظ علي الآثار والتعاون التجاري والزراعي, كما تم الاتفاق في سبتمبر2011 علي تفعيل مذكرة التفاهم الموقعة بين الجانبين للتعاون في تنمية استخدام الطاقات المتجددة من خلال تبادل الخبرات والمعلومات ودعم الاستثمار في مجالات الكهرباء وإمكانية الاستفادة من خبرة الجانب التركي في انشاء محطات انتاج الكهرباء لمشاركة القطاع الخاص بنظامIPP ونظامBOO. وتم توقيع اتفاق التجارة الحرة بين مصر وتركيا في ديسمبر2005 وقد تم الانتهاء من اجراءات التصديق علي الاتفاقية من الجهات المسئولة في كل من البلدين ودخولها حيز النفاذ في مارس2007. وفي مجال الاستثمار تتيح الاتفاقية زيادة الثقة للمستثمرين الاتراك في الاقتصاد المصري لتوجيه استثماراتهم الي مصر في مشروعات مشتركة للاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة التي وقعتها مصر مع الدول العربية والكوميسا علما بأن عددا كبيرا من رجال الاعمال الاتراك قد بادروا بتوقيع هذا الاتفاق بالمشاركة في صناعة المنتجات النسيجية والملابس الجاهزة. وفيما يتعلق بالصاردات المصرية تنص الاتفاقية علي اعفاء الصادرات المصرية من السلع الصناعية الي تركيا من جميع الرسوم الجمركية والرسوم والضرائب الأخري ذات الأثر المماثل. وفيما يتعلق بالسلع الزراعية والزراعية المصنعة فهي معفاة كليا او جزئيا من الرسوم الجمركية التي تتراوح بنسبة32-45% بينما منح الجانب المصري للصادرات التركية حصصا كمية معفاة تتراوح الرسوم الجمركية عليها في مصر ما بين2-12% باستثناء بندين تتراوح الرسوم الجمركية المفروضة عليها بين12% و22%. أما في مجال التجارة في الخدمات فتنص الاتفاقية علي التحرير التدريجي لتجارة الخدمات وفتح اسواق البلدين بما يتوافق مع أحكام اتفاقية منظمة التجارة العالمية.