* الخاطبة مازالت موجودة في كل حي في مصر * طلبات الشباب الجمال وبنت ناس ومتعلمة.. والبنات تطلب شاب له دور مجتمعي * إدخال السعادة في القلوب هو مكسبي زمان كان البحث عن شريك الحياة في بعض المجتمعات في مصر يكون عن طريق "الخاطبة".. ومع مرور الوقت اختفت هذه الخاطبة ودورها في تزويج الشباب.. ولكن تبقي الدكتورة نعمت عوض الله- الطبيبة والخبيرة النفسية في العلاقات الزوجية- فمازالت تمارس دورها كخاطبة.. وتطور الوضع وأصبحت أيضا خاطبة أون لاين.. شبكة الإعلام العربية "محيط " التقت بها وكان هذا الحوار... * حكاية الخاطبة * ما هي حكايتك مع وظيفة الخاطبة؟ الحكاية بدأت معي من السبعينات، فبدأت لأول مرة أتدخل لخطبة شاب لفتاة، وبدأت أتوسط بينهما، وكان سني 19 سنة، وشعرت بأن فكرة إدخال السعادة في قلوب الناس شئ جميل ومفيد جدا، وبدأت أتوسط بين أكثر من شاب وفتاة، حتى أصبح لدي الخبرة الكافية في هذا الدور، ثم بدأت أرشح الفتاة للشاب أو الشاب لأسرة الفتاة، ثم جاءت طبيعة عملي ودراستي في علم النفس وتخصص العلاقات الإنسانية فأضاف لي الخبرة. * وماذا عن انتقال الخاطبة لتصبح أون لاين؟ هناك من يأخذ موضوع الخاطبة والتزويج كتجارة ويحصل على أموال كثيرة، ولكن ليس كل الشباب لديه القدرة على دفع هذه الأموال، وهناك مواقع كثيرة في هذا الموضوع ولكنه للنصب، ومن هنا جاءت فكرة "خاطبة أون لاين" لتقديم الخدمة للناس، ووافقت علي هذا الدور، وبدأنا منذ ثلاثة أعوام، ورشحنا العديد لبعضهم. * هل بذلك تعود ظاهرة الخاطبة التي كانت موجودة في القرن الماضي؟ ظاهرة الخاطبة لم تنته، فهناك خاطبة في كل حى فى مصر حتى فى الأحياء الراقية وأنا شخصيا بخلاف كونى خاطبة فأنا فى الأصل طبيبة وخبيرة نفسية فى مثل هذه العلاقات الإنسانية، وأرى أن فكرة الخاطبة الإلكترونية تقلل من شعور بعض الناس بالحرج من البحث عن خاطبة لبناتهم أو لأولادهم، فيكون من السهل التواصل معنا بالبريد الإلكترونى، كما أن وجود الخاطبة زادت بشكل أكبر والاعتماد عليها زاد نظرا لقلة ثقة الأسر. * وما هو شكل الإقبال على هذه الفكرة؟ هناك إقبال كبير، ولكن الأكثرية من البنات ومن مختلف الأعمار، وهناك شباب ولكن عددهم أقل، وخصوصا لأن الشباب يكون لهم شروط لا تكون متوفرة في البنات. * البحث عن المواصفات * وكيف يتم التوسط بين الشاب والفتاة؟ نعرف مواصفات البنت والمواصفات المطلوبة فى شريك حياتها وكذلك الحال بالنسبة للشباب وهذه الخدمة مجانية، وعندما يدخل شاب ويجد البنت المناسبة يبدأ يتحدث معي، ويسمح بمقابلة بينهم يجلسوا سويا لمدة نصف ساعة ليتعرفوا على بعض، وفي حالة وجود ارتياح بينهم ينتقل الموضوع إلي الأسرة. * هل اختلف البحث عن الزواج الآن عن السابق؟ من قبل كانت درجة تقبل الشباب للنصيحة أعلى بكثير من اليوم، يعنى كنت أستطيع أن أقنع البنت أو الشاب بمواصفات الطرف الآخر ومميزاته، فكانت هناك درجة عالية من التقبل وكانت هناك أيضا واقعية أكبر فى التفكير وفى الاختيار لكن كانت المشكلة فى الأسرة، فكانوا يصرون على أشياء معينة ويدققون على أشياء محددة، أما الآن فالمشكلة أصبحت أكثر عند الشباب فقد غاب عنهم القدرة على التفكير المنطقى أو العقلانى والقدرة على التقييم والاختيار لكن الأسرة أصبحت الآن على استعداد للتضحية والتعاون بأى شكل من الأشكال أكثر مما مضى. * وما هي أكثر الصفات التي يطلبها الطرفان؟ الشباب يطلبوا الجمال أكثر شئ، وأن تكون بنت ناس ومن عائلة ومتعلمة، ولكن البنات لا تقول مواصفات، ولكن في الفترة الأخيرة أهم طلب للفتاة أن يكون الشاب له دور مجتمعي ويقدم خدمة للمجتمع، بجانب التدين دون تعريف واضح له. * لماذا أصبح العثور على شريك الحياة مهمة شاقة هذه الأيام؟ لأن أى شاب أو أى بنت دائما ما يضع فى تخيله صورة ذهنية عن شريك الحياة، وهذه الصورة عادة غير موجودة فى الواقع وبالتالى يدخل فى دوامة البحث عن شىء غير موجود إلا فى خياله رغم أن الحياة مفتوحة أمامه فى مكان العمل وفى وسط الأصدقاء ومن الأقارب أيضا مع أن زواج الأقارب أصبح ظاهرة نادرة نتيجة الأنانية والحقد والخوف من الحسد فلو أنا فى عائلة معينة وعندى ولد دائما يكون عندى شعور أنه خسارة فيهم كلهم. * هل يقتصر دورك على التوسط بين الشاب والفتاة فقط؟ لا أيضا أقدم دورة في كيفية اختيار الشريك الآخر، ويساعد الشاب أو الفتة على كيفية التعرف على الطرف الآخر، والشروط التي يضعها عند اختيار أي فتاة. * وما هو المكسب الذي تكسبيه من وراء هذا الدور؟ منذ بدأت أن أكون خاطبة وحتى الآن ولا يوجد عائد مادي من وراء ذلك، ولكني أكون سعيدة جدا عندما أجد أم سعيدة بزواج ابنتها، فهذا هو العائد الوحيد، فإدخال السعادة في قلوب الناس أهم شئ في الحياة. * نجاح الارتباط * هل صحيح أن الدراما التركية أثرت نفسيا واجتماعيا في ثقافة البحث عن شريك الحياة كما تقول بعض الدراسات؟ الدراما التركية نقلت قيم بعيدة تماما عن مجتمعنا مثل طريقة تعامل مهند مع نور فقد جعلت الفتيات والزوجات فى مصر يبحثن عن عالم خيالى غير موجود غير فى المسلسلات فما تعرضه المسلسلات لا يحدث أصلا فى عالم الواقع وهى فى الأصل مجرد دعاية سياحية لتركيا وأنا شخصيا فى مجالى واجهت مشكلات كثيرة جدا تحدث بسبب التأثر بهذه الدراما بل إن المواصفات المطلوبة فى شريك الحياة أصبحت مستقاة من هذه المسلسلات. ومن أمثلة التأثير أننى تدخلت لمنع حدوث طلاق بين طرفين ووضعنا حلولا للمشكلة، لكن المفروض فعلا على البنت أن تكتشف أسلوب تعبير زوجها عن مشاعره، فالحب ليس كلاما فقط. الإعلام يؤثر والمناخ العام لا يجعل أحدا يفكر فى أن يصنع شيئا جميلا فى حياته. * ما هي أهم الصفات المشتركة التى يلزم وجودها فى الطرفين حتى تنجح تجربتهم فى الارتباط؟ لا توجد صفات محددة لكن يجب أن تكون صفات الطرف الأول مناسبة لصفات الطرف الثانى فمثلا لو كانت البنت من النوع الحركى الذى يحب الكلام والحركة والنشاط فهنا ليس من المناسب أن ترتبط بشاب صامت، هنا الاثنان سيعيشان فى جحيم لكن يناسب هذه البنت شخص يتحرك ويتكلم بشكل معقول ويكون سعيدا بمواصفات هذه البنت. أيضا لا يناسب الشاب الصامت فتاة صامتة فالحياة بينهم ستتحول إلى سكون وهذا سيؤثر على الأطفال فيما بعد، أيضا عندما يتقدم للبنت شاب من أصول ريفية يجب أن تعرف مواصفاته وتفهمه جيدا لأن الناس فى الأرياف غير الناس فى القاهرة. * هل صحيح أن أنسب علاقة تكون بين طرفين متضادين فى الصفات؟ ليس بهذه الصورة فالعصبى لو ارتبط بفتاة هادئة ممكن يتجنن لكن الأنسب لشخصية الإنسان العصبى هو أن يرتبط بفتاة "تقيلة" تستطيع أن تحتويه وتتحكم فى انفعالاتها وتمتص غضبه وكذلك الحال بالنسبة للبنت إذا كانت عصبية فيجب أن ترتبط بشخص متزن نفسيا فى انفعالاته لكن لو كان بارد وهادىء البنت ممكن تتجنن وتصرخ طوال الوقت، وكل ما يصمت المشكلة تزداد تعقيدا، أما الشخصية الباردة فتحتاج لطرف آخر هادىء يتحرك ببطء لكن النوع الحامى مع النوع البارد ممكن تحصل بينهم كوارث. * وماذا عن الشخصية الطموح المليئة بالتطلعات .. ما أكثر الصفات التى تناسبها من الطرف الآخر؟ الشاب المثقف الحالم الملىء بالتطلعات من الأنسب له أن يرتبط بفتاة تشبهه تماما فى مستوى المعرفة والثقافة والطموح ،لأن المثقف الطموح لو الفتاة التى ارتبط بها شعر بعد فترة أنها ليست على نفس المستوى من طريقة تفكيره عادة يبحث عن فتاة أخرى يشعر معها بذاته وتتحدى ذكاءه وتتحدى دماغه، والاثنان يواجهان الحياة معا، ولكن هذا أيضا يتوقف على نوع الشخصية فهناك رجال يرفضون أن تظهر زوجاتهم فى الصورة ومنذ البداية عندما يبحثون عن شريك الحياة فإنهم لا يركزون على هذه الصفة والفتاة بالنسبة لهم مجرد خادمة فى المنزل وخلاص ولا تظهر فى الصورة وهذا النوع يرى أن نجاح المرأة تحد بالنسبة له. * هل مازال الحب عاملا مؤثرا فى البحث عن شريك الحياة وهل الارتباط دون حب خطأ ؟ المشكلة فى تعريف الحب الذى نبحث عنه فإذا كنا نتكلم عن الحب الذي نراه في الأفلام فهذا ليس حقيقة وإنما خيال مصنوع من تأليف كاتب ما، لكن الحب الواقعي الذي يعيش هو الذي يعنى الارتياح والاطمئنان المتبادل والقبول الدائم والثقة والاحتواء فهذا هو الحب المطلوب لكن للأسف الحب المطلوب الآن هو الحب في الأفلام الذى يغيب عنه المودة والرحمة الحقيقية التى تقيم البيت وتغلب عليه الرغبة الجسدية وشهوة التملك وهذه العاطفة عمرها قصير جدا، وبعد فترة يكتشف الشاب أن " مش هى دى " التى كان يبحث عنها وأنا شخصيا نفسى أحد يشرح لى معنى "هى دى" التى يبحث عنها كل الشباب ولا يجدونها بحجة البحث عن الحب ونفس الكلام بالنسبة للفتاة. * لماذا يحدث تردد عندما يتقدم أى شاب لخطبة بنت فيحدث عنده تنافر؟ لأن مفهوم الزواج لم يعد كما كان .. فالزواج فى الإسلام اسمه البناء يعنى " هو وهى والعائلتان" فكل ذلك اختفى ولم يعد إلا الاثنان كأنك تذهب لشراء قميص أو شراب أو بدلة وبعدما تشتريها وتدفع فلوسها تقول لنفسك لو كنت صبرت لأني رأيت أفضل منها، هذا طبعا لا يصح فى العلاقات الإنسانية لأننا توقفنا عن التعامل مع المعنى الجميل الخاص بالزواج فأصبحت الفتاة بالنسبة للشاب مجرد سلعة أو فرصة . * وكيف يستعد الشاب أو الفتاة نفسيا قبل الاختيار؟ يجب على الفتاة أو الشاب أن يكتشفوا أنفسهم أولا، ويعرفوا أنفسهم، ويفكروا فيما ينقصهم، وفي عيوبهم أيضا، وقدراتهم المالية والمستوى لأسرى والمستقبل، فلابد أن يعرف كلا منهما ما يريدونه، حتى يختاروا من يناسبهم، وللأسف الشباب لا يزال يخدع نفسه ولا يواجه نفسه بحقيقة شخصيته فعلى أساس ذلك يختار وعليه أن يعرف أن الزواج ليس هو وهى فقط وإنما عائلتان يرتبطان معا