تسعى المرأة بكل ما تملكه من أدوات مادية ومعنوية لحماية نفسها من تحد صعب يعترض عالم اليوم وأمس وغدا ، عالم مليء بالعنف ضد المرأة المرتبط بنزاعات مسلحة أو بالثورات العربية العارمة التي خلفت ورائها واقعا سياسيا جديدا ..العنف ضد المرأة سلاح مسلط على رقبتها ، جعلها لا تملك رفاهية إضاعة الوقت ، تمضى من نضال لآخر ، والمدخل الحقوقي الذي يحترم المرأة ويعتبرها طرفا أصيلا فاعلا ومشاركا في المجتمع مرفوع مؤقتا من الخدمة أو لا نية لإدخاله في الخدمة من الأصل. تفاقم العنف الممارس ضد المرأة العربية باندلاع ثورات شعبية عارمة في أكثر من بلد عربي ، تلك الثورات التي تمكنت من إسقاط أنظمة ، وخلقت واقعا سياسيا جديدا كان من المفترض أن ينشأ عنه تغيرات تتناسب مع مستوى الحدث ، إلا أنها زادت من معاناة المرأة والعنف الممارس عليها فجاءت النتائج مخيبة للآمال ، وبتقييم أولى للانجازات والإخفاقات ، يمكن القول أن تلك الثورات لم تغير سوى القشرة الخارجية ، ولكن صميم البنية مازال بحاجة لكثير من الجهد والعمل ، والمرحلة التي تمر بها الشعوب العربية في الوقت الراهن تشكل مرحلة تاريخية غاية في الخطورة لكونها مراحل انتقالية ، وأحد أهم المؤشرات على درجة التغيير الذي حدث في المجتمع هو الموقف من المرأة لان أي تغيير سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي إذ لم يشملها ولم يسع لتحريرها من الظلم والاستغلال ومنحها حقوقها الكاملة ومساواتها مع الرجل لا يعتبر تغييرا حقيقيا ، بل يمكن وصفه بالردة الحضارية . والمرأة العربية رغم مشاركتها بفاعلية وشجاعة في تلك الثورات العربية إلا أنها عانت في المرحلة الانتقالية التي تلت النزاع ومازالت تعانى ، وتشير المعطيات الأولية لتعرضها لانتكاسات ، مما يؤكد أن المرأة التي تكون في البداية عنصرا مساعدا وأساسيا في الثورات سرعان ما يتحول دورها إلى دور هامشي ، وهو ما يترك انطباعا بأن رؤية الرجل للتغيير بعيدة كلية عن رؤية المرأة ، والتي نزلت من أجله إلى الشارع ، ورفعت شعارات الثورة . وقد عانت المرأة المصرية على مدى عام كامل من الإقصاء والتهميش والعنف الممارس ضدها نفسيا ووظيفيا وجاءت خارطة الطريق التي أعلنها الفريق أول عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع فأوقفت العمل بدستور 2012 ، وكان هذا بمثابة طوق النجاة للمرأة ولكي يعيد المجتمع حساباته مرة أخرى تجاه من تمثل نصفه . وحرصت لجنة العشر وبعدها لجنة الخمسين اللتان شكلتا لمناقشة بنود الدستور على الاستماع إلى مقترحات المرأة من خلال الجهات التي تمثلها في المجتمع حيث خلصت جلستا الاستماع التي عقدتا بمشاركة ممثلي الجمعيات الأهلية ، وأعضاء المجلس القومي للمرأة و مقررات فروع قومي المرأة بالمحافظات إلى عدد من المبادئ الأساسية والتوصيات . واتفق الحضور بالجلستين على عدة مبادئ يجب أن يتضمنها الدستور الجديد وهى كمبادئ أساسية تشمل إعداد دستور جديد ،وعدم الاكتفاء بتعديل دستور 2012 ، استبدال كلمة "تكفل الدولة أو " تضمن الدولة " "بتلتزم الدولة "في كل مواد الدستور ، التزام الدولة بالمواثيق والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها مصر ، النص بشكل صريح على تحقيق العدالة الاجتماعية . وفيما يتعلق بمطالب خاصة بالمرأة والطفل طالب المعنيون بشئون المرأة أن تذكر المرأة في ديباجة الدستور، و أن يتضمن تعريفا للمواطنة بشكل دقيق ليشمل كل "مواطن ومواطنة"، بالإضافة إلى النص على التزام الدولة على أن لا تقل نسبة المرأة في الوظائف العامة والقيادات العليا لتطابق نسبتها في سوق العمل ، تطبيق الكوتة بنسبة لا تقل عن 30% للمرأة داخل مجلس الشعب ، و تجريم الاتجار بالأعضاء البشرية وخصوصا للمرأة والطفل. ودعوا إلى ضرورة أن يتضمن الدستور الجديد النص صراحة على مكافحة الاتجار بالبشر ، التزام الدولة برعاية المرأة في القطاع غير الرسمي ، التزام الدولة بحق ربات البيوت في التأمين الإجتماعى ، واعتبار العمل المنزلي نشاط اقتصادي ، تجريم كل أشكال العنف ضد المرأة من تحرش وزواج للقاصرات وختان وغيرها من الممارسات ، ووضع معايير تكفل المساواة في توزيع الموارد بين المرأة في المحافظات. وطالبوا بالنص على أن يكون المجلس القومي للمرأة داعما لكافة الأنشطة المخصصة للمرأة وزيادة ميزانيته وصلاحياته لدعم دوره في النهوض بالمرأة ، وأخذ راية في كافة التشريعات والقوانين الخاصة بالمرأة ، علاوة على إعطائه حق الإدعاء بالحق المدني وتقديم كافة البلاغات حتى للمحكمة الدستورية العليا ضد أى جهة أو فرد يتبع ممارسات تمييزية ضد المرأة ، و التأكيد على تكافؤ الفرص بين الرجال والنساء ومشاركة النساء فى مختلف المجالات . كما طالبوا بوجود هيئة تراقب اى ممارسات تتضمن تمييزا ضد المرأة ، وان تعاقب هذه الهيئة من يتبع هذه الممارسات ، والالتزام بتحقيق المساواة بين الرجال والنساء في كافة المجالات ، دون رهن ذلك بالشريعة الإسلامية ، وتحديد سن الطفولة وحظر عمالة الأطفال. وتم طرح آراء فردية من قبل الحضور حول بعض المواد التي ما زالت تحت نظر اللجنة تمثل بعضها في معاقبة كل مواطن لم يعلم أبناءه حتى مستوى التعليم الإلزامي ، و توفير البنية الأساسية والاقتصادية والخدمات المساندة للتوسع وزيادة فرص عمل المرأة ، وأن يكون التعيين في الوظائف العامة على أساس الجدارة ، و أن يكون النظام الإنتخابى بالقائمة المشروطة على كوتة النساء ، والمساواة بين الرجل والمرأة في الأحوال الشخصية دون تمييز، وتخصيص معاش للمسنات على أن يكون له حد أدنى التزام الدولة بالصحة الإنجابية للمرأة ، وحظر زواج الفتيات قبل 18 سنة ، وتوضيح زواج اللاجئات وزواج القاصرات.