أمر له قدره وخطره وأثره، جوهر الشريعة وظاهرها، أصل مكارم الأخلاق ومقصورها من أعظم الواجبات، وأجل القربات، ألا وهو "الإصلاح بين الناس" دلت عليه آيات قرآنية محكمة، وأخبار نبوية هادية، وشواهد ووقائع تنطق بمجموعها علي العناية والرعاية بسلامة البنيان الاجتماعي. من الآيات القرآنية: قال العزيز الحميد في قرآنه المجيد "لاخير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس" من سورة النساء "فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم من سورة الأنفال "إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم" من سورة الحجرات. من الأخبار النبوية: - مارواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بينما رسول الله صلي الله عليه وسلم - جالس إذ رأيناه ضحك حتي بدت ثناياه، فقال له عمر - رضي الله عنه - ما أضحكك يارسول الله بأبي أنت وأمي؟ قال: "رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العالمين، فقال أحدهما: يارب خد لي مظلمتي من أخي، فقال الله تبارك وتعالي - للطالب: فكيف تصنع بأخيك ولم يبق من حسناته شيء؟ قال يارب فليحمل من أوزاري قال: وفاضت عينا رسول الله - صلي الله عليه وسلم بالبكاء، ثم قال، إن ذاك يوم عظيم يحتاج الناس أن يحمل عنهم من أوزارهم فقال الله - عز وجل - للطالب: ارفع بصرك فانظر في الجنان، فرفع رأسه فقال: يارب أري مدائن من ذهب وقصوراً من ذهب مكللة باللؤلؤ لأي نبي هذا؟ أو لأي صديق هذا؟ أو لأي شهيد هذا؟ قال: هذا لمن أعطي الثمن، قال: يارب ومن يملك ذلك؟ قال: أنت تملكه، قال: بماذا؟ قال: بعفوك عن أخيك، قال يارب فإني قد عفوت عنه، قال الله عز وجل: فخذ بيد أخيك فأدخله الجنة فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم - عند ذلك: اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم، فإن الله - تعالي - يصلح بين المسلمين" وعن أبي موسي رض الله عنه - قال: سمعت الحسن - رضي الله عنهما يقول: سمعت أبا بكر - رضي الله عنه - يقول: رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم - علي المنبر والحسن بن علي - رضي الله عنهما - إلي جنبه وهو يقبل علي الناس مرة وعليه مرة ويقول: إن ابني هذا سيد، ولعل الله - تعالي - أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين" - أخرج النجار، وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا بلي، قال: صلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة" رواه أبوداود والترمزي.