* تعلمت المهنة من زوجي من أجل لقمة العيش * احتاج رأس مال لأبيع خضار بدلا من "المرمطة" مسح الأحذية أفضل من المشي البطال.. هذا هو ما قالته سيدة تجلس تمسح الأحذية وربما تكون أول سيدة في مصر تعمل في هذه المهنة.. ترتدي الجاونتي في يديها وتركز جدا وهي تلمع الحذاء.. اقتربنا منها وبدأت تتحدث وتعرفنا على ظروفها وكيف تعمل في هذه المهنة كما ترويها بنفسها ل" محيط"... ورثت الصندوق من زوجي اسمي عزة محمد إبراهيم وعندي 39 سنة وزوجي متوفي ولدي ولد وبنتان، وامسح الأحذية منذ ست سنوات تقريبا، وزوجي في الأساس كان ماسح أحذية وعندما تعب طلبت منه أن يعلمني كيف أعمل بدلا منه من أجل أكل العيش لأننا من غير هذا العمل لن نجد أكل في البيت، وبدأت انزل معه الشارع لأساعده، ولكنه بعد ذلك توفى، فورثت منه الصندوق، وبدأت أنزل شارع قصر النيل لأنها المنطقة التي كان زوجي يعمل فيها وكل الناس هناك تعرفني، وأنا أنزل الشغل بالصندوق كل يوم أحد وخميس أما بقية الأسبوع فأعمل في البيوت، فأنا حظي قليل منذ صغري وكنت يتيمة وأعمل طول عمري في البيوت فالعذاب ورائي، ولكن الحمد لله على كل شئ. شغلانة متعبة ولكن ما باليد حيلة تستكمل عزة حكايتها قائلة: الحمد لله لم أجد أي اعتراض من أحد على عملي من أهلي لأني ليس لي غير ربنا وأنا عندي أولاد عمي فقط ولكن كل واحد في حاله ولا يسألون عني ولا يهمهم ماذا أعمل ولا كيف أعيش أنا وأولادي، ولكن بناتي عندما كبرن اعترضن علي ممارستي لهذه المهنة، فأنا عندي بنت متزوجة وبعد أن جهزتها من شغلي تريد مني ترك هذه المهنة لأن زوجها معترض على عملي، ولكن ما الذي افعله لو جلست في البيت فكيف سأعيش، صحيح أنها شغلانة متعبة جدا ولكن ما باليد حيلة فليس لي مصدر رزق آخر سوى معاش بسيط لا يتعدى 67 جنيه، وأريد أن أعلم ابني حتى لو بعت ملابسي، فهو حلمي الوحيد وأنا عارفة أنها شغلانة مش ولابد ولكن غصب عني والله، ومسح الأحذية أفضل من المشي البطال. 20 جنيه في اليوم أحمدك يا رب وتتحدث عن مكسبها قائلة: يوم ما ربنا يكرمني وأقول أني اشتغلت أكسب 20 جنيها في اليوم، وأحيانا 5 جنيهات، والمسحة بنصف جنيه أو جنيه أو الزبون يدفع ما يريده فالمكسب قليل ولكن الحمد لله أنا راضية برزقي، ومكاني الأساسي شارع قصر النيل وأحيانا اذهب للسيدة عائشة أو دار السلام لأني اسكن هناك فالصندوق ثقيل وصعب أمشي به لمسافة كبيرة في الشوارع، وكل يوم أنزل من الساعة 8 صباحا وحتى الظهر، ولو كان هناك زبائن كثيرون انتظر حتى العصر لأن مكاني بجانب المسجد فالناس التي تدخل تصلي يتركون لي أحذيتهم لأمسحها. أواجه مضايقات وابني الصغير يحميني وتستكمل قائلة: أحيانا أواجه مضايقات ولكني أعمل دائما ومعي ابني الصغير فهو يأخذ أجازة من المدرسة يومي الأحد والخميس لينزل معي الشغل فأشعر وهو معي أنه يحميني كما أن أسلوب تعاملي مع الناس لا يطمعهم في، كما أن الناس كانت تستغرب من عملي، فأنا أول ما نزلت بالصندوق وحدي كنت محرجة جدا ووجدت الناس مستغربة ويضحكوا على، وكنت أبكي من الإحراج، ولكني تعودت على المهنة والناس تعودت أيضا على رؤية سيدة تمسح الأحذية، كما أن هناك من يطلبني لأنظف لهم الشقق وخصوصا قبل الأعياد وربنا يعينني حتى أربي أولادي، ونفسي أشتغل في مهنة أخرى ونفسي ربنا يكرمني ويكون معي رأس مال وأبيع خضار وفاكهة بدلا من المرمطة التي أجدها وأنا أمسح الأحذية، وأحاول أن أدخر من الفلوس التي أكسبها حتى أحقق هذا الحلم، ولكن ما أدخره قليل طبعا، وراضية بنصيبي الحمد لله.