على هامش مناقشة روايته الجديدة "أجندة سيد الأهل" بدار العين مساء أمس، قال الأديب المصري أحمد صبري أبوالفتوح ل"محيط" أن البلطجية جناة وضحايا، فهم انعكاس للفشل الإجتماعي والسياسي في مصر، وقد كتب عنهم بعمله الأخير الذي يتخذ من الثورة خلفية ، ويبدو صراع الثوار والبلطجية ، وصراع البلطجي مع نفسه ومع من يدفعه للإجرام أيضا . وتمثل شخصية "رفاعة سيد الأهل" في الرواية صورة البلطجي الذي يملك أجنة ورؤية خرج بها من السجن وسعى لتنفيذها . وهو من أسرة محترمة فوالده مشرف إنتاج بشركة المراجل البخارية، التي طرد العمال منها بعد خصخصتها، وهو يساري ومناضل قديم ، مرض ورحل عن الحياة، وتولى إبنه مسئولية الأسرة مبكرا ، وحينما تقطعت به سبل العمل الشريف لجأ للمخدرات وأصبح يتاجر فيها . وهناك جانب إيجابي في بطل الرواية "البلطجي رفاعة" وهو حاصل على ليسانس حقوق وقد أحب إبنة محام كبير ولكنه لم يتمكن من الزواج بها . و"سيد الأهل" يرفض أن يتجسس على زملائه لصالح الأمن فيدخل السجن وبعد خروجه، اكتشف أنه إذا ضم أجندته لأجندة الثوار سيحقق ما يريد، وفي النهاية يقتله زملائه البلطجية بعد صدور أوامر لهم بذلك. وحول ما يردده النقاد من أن كتابات الثورة يشوبها التعجل يقول أبو الفتوح : ثورة يناير تختلف عن ثورة يوليو الواضحة المعالم، والتي حظت بقيادة وبرنامج واضح، في حين تتعرض ثورة يناير لسطو إرهابي لإفشالها . وقد فضلت تناول نماذج إنسانية مصرية على هامش الثورة، على غرار "بؤساء" فيكتور هوجو، حين تناول المهمشين واللصوص الصغار، واخترت الحديث عن اسبوع واحد فقط في الثورة منذ 25 يناير وحتى يوم 2 فبراير يوم موقعة "الجمل"، لأنها في رأيي آخر الأحداث التى أثمرت فشلا فى صفوف قيادة النظام وأطاحت بها.
ويهدي أبو الفتوح روايته إلى " شهداء ثورة 25 يناير المجيدة، وإلى الشهيد المبتسم الذي لا نعرف اسمه"، ووسط دموعه يتذكر الكاتب الشاب الوسيم الذي سقط بجواره في المنصورة متزعماً الهتاف، ليسقط برصاص القناصة التي ينكرونها، مما دفعه إلى القول أن هؤلاء الشهداء صنعوا الثورة وألهموني كتابة هذا العمل.
خلال الندوة ، تحدث أبوالفتوح عن روايته قائلا أنه كتبها خلال أيام الثورة، وكان هدف الرواية أن الظرف الذي صنع البلطجي هو الذي أخرج الناس ليثوروا . بينما أكد أشرف يوسف مسئول النشر بالدار أن ميزة الرواية في تأكيدها على أن نظام مبارك لم يسلط فقط رجاله علي المصريين، بل أطلق عليهم البلطجية والمساجين، الذين تم تربيتهم في هذه السجون لاستخدامهم وقت الحاجة، وقد وثّق أحمد صبري في روايته للقناصة الموجودة في الداخلية.
قدّم الندوة الصحفي بالأهرام سيد محمود الذي أشار إلى أن القارئ سيلحظ تغييراً في أسلوب الكاتب في هذه الرواية عن "ملحمة السراسوة" ، التي كتبت بلغة شعرية، أما هذه الرواية فتتعامل مع الأخبار العاجلة للثورة ولا تنسى بلاغة المقموعين. والكاتب بارع في الإمساك بخيط لروايته وصاغ ذلك بحسه البوليسي مستفيدا من عمله كمحام.
بينما علقت مدير دار العين فاطمة البودي على الرواية واعتبرتها مختلفة عن نظيراتها من روايات الثورة المستهلكة ، ورأى الدكتور حسنين كشك أستاذ الاجتماع أن الرواية "آسرة"، ولكنه رأى أن الأدب لم يعبر عن الثورة عموما في مصر كما فعلت الفنون الأخرى .
والرواية تعبر كما يقول كشك عن نصف مليون خارج على القانون في مصر، باعتبارهم الحصاد المر لسياسات فاسدة على مدار عقود.
واعتبر الكاتب السوداني حمور زيادة أن بطل الرواية اكتوى بأوضاع البلد، لكنه سقط في فوضوية الثائر لأنه بحث عن حلوله الفردية، كما أشار إلى شخصيات أخرى بالرواية منهم "عاصم الإمام" لواء أمن الدولة الذي كان يبالغ في تعذيب المسجونين وإيذائهم من أجل التغلب على احتقار زملائه له، و وكيل النيابة الفاسد، والبلطجية "تايسون" و"سيد القشاش" ، واللذان عبرا عن كيفية تحول الضحية لجلاد. ويعتبر زيادة أن المرأة المحرك الأساسي لأحداث الرواية من طرف خفي .
أحمد صبري أبو الفتوح يصدر له قريبا عن دار العين الجزءان الرابع والخامس من ملحمته الروائية الشهيرة "السراسوة"، ويحمل الجزء الرابع عنوان "ملائكة شياطين"، والخامس "حكايات آخر الزمان"، وإضافة إلى خماسية "السراسوة"، صدر لأحمد صبري أبو الفتوح مجموعة قصصية بعنوان "وفاة المعلم حنا" عام 2000، وروايتان هما "طائر الشوك" 1998، و"جمهورية الأرضين" 2004 وله تحت الطبع رواية بعنوان "تفاحة آدم".