رغم انه كان يتفاخر بأنه حافظ على موقعه من الفضائح بخلاف بقية العائلات الملكية الأوروبية، بما فيها الملكية البريطانية، إلا أن العاهل الاسباني خوان كارلوس يبدو انه لم يكن يعلم أنه على موعد مع الفضائح التي ربما تهز عرشه خلال الايام وربما تأتي بما لا يحمد عقباه . وعرفت شعبية الملك الإسباني في السنوات الأخيرة تراجعا ملحوظا، حيث بلغت أدنى مستوياتها في العقدين الأخيرين ، واتضح ذلك جليا خلال أحد خطاباته والذي طالب فيه كل أطراف النخبة السياسية الإسبانية بالوحدة لمواجهة الأزمة الاقتصادية. فقد شهدت العائلة المالكة سلسلة من الفضائح المتتالية على مدار الاعوام الماضية ، كان آخرها فضيحة مالية جديدة بعد أن أعلنت المحكمة الوطنية أمس الاثنين إن ثلاثة ممن تربطهم صلة قرابة بملك إسبانيا خوان كارلوس و12 رجل أعمال مشتبه بهم في قضية غسيل أموال. وقال القاضي فرناندو أندرو إن المشتبه بهم تلقوا أموالا من الأنشطة الإجرامية التي يقوم بها مهاجرون صينيون في إسبانيا، وكانوا يردونها من خلال تحويل المبلغ المقابل من حساباتهم في ملاذات ضريبية. وساعدهم هذا الإجراء على التهرب من الضرائب أو إخفاء حجم ثروتهم. وتم اكتشاف الجزء الصيني من العصابة، الذين كانت أنشطتهم تشمل استيراد بضائع إلى إسبانيا دون دفع الضرائب، في تشرين أول / أكتوبر 2012، مع اعتقال أكثر من 80 شخصا، كما كان العديد من المواطنين الإسرائيليين من بين المشتبه بهم. فضيحة غير مسبوقة ولم تكن هذه هي الفضيحة الأولى التي يتعرض لها كارلوس فقد سبقها العديد من الفضائح كان أشدها وقعاً عندما واجهت العائلة الحاكمة فضيحة غير مسبوقة في فبراير الماضي، بعد أن أكد أحد شركاء صهر الملك خوان كارلوس تورط ابنة الملك كريستينا في قضية تبديد أموال معهد نوس وهو مؤسسة غير ربحية تهتم برعاية المعاقين، وذلك بين عامي 2004 و2006. وسواء كانت هذه الاتهامات صحيحة أو باطلة فإنها زرعت التوتر في الأسرة الحاكمة التي تسعى منذ بدء القضية إلى البقاء بعيدة عن قضية يوردانغارين صهر الملك. وقد وجه القاضي الاتهام للجميع إلا ابنة الملك بحجة أنه لا يملك العناصر الجنائية الكافية لتوجيه التهمة لكريستينا. لكن مصدراً مرموقاً قال إن من المنطقي توجيه الاتهام لابنة الملك أو استدعاؤها كشاهدة، لكن هذا الأمر لن يحصل لأن الدولة قد تواجه خطر نسف النظام بأكمله، إن حدث ذلك. وكانت هيئات سياسية وحقوقية إسبانية، لم تضم الأحزاب الكبرى، نظمت وقفات احتجاجية أمام محكمة «بالما دي مايوركا» للمطالبة باستدعاء الأميرة للمثول أمام القضاء للإدلاء بشهادتها في القضية التي يتابع فيها زوجها بصفتها زوجته أولا، وثانيا كونها شريكته في بعض الأنشطة التجارية التي يزاولها، مطالبين بمعاملة المواطنين الإسبان معاملة واحدة، سواء كانوا أمراء أو أجراء. وتحدث توريس عن كل شيء في المحكمة أمام القاضي كما ذكر اسم الأربعينية الألمانية كورينا زو سايويتجانستين، التي قالت الصحافة الإسبانية إنها كانت على علاقة خارج الزواج مع الملك، كما تحدث عن رسائل يوردانغارين الإلكترونية التي روى فيها نكتا بذيئة عن رجولته. وقبل عام كان ديغو توريس الشريك السابق لايناكي يوردانغارين زوج ابنة ملك إسبانيا، ودوق بالما يهدد بإطلاق قنابل ذرية ضد العائلة المالكة، لكن هذا الرجل انتقل من مرحلة الكلام إلى الفعل ، فقد وجه أصابع الاتهام إلى زوجة شريكه السابق، وهي كريستينا الابنة الثانية للملك خوان كارلوس. فساد الصهر وخلال العام الماضي وجهت اتهامات بالفساد لصهر الملك زوج كريستينا وقد عرفت مجريات هذه القضية في الأيام الأخيرة تطورات مثيرة بعد إقدام القضاء الإسباني على استدعاء الصهر للمثول أمام قاضي التحقيق على خلفية تهم الفساد الموجهة إليه، والقضية لا تزال تعد بأشواط أكثر إثارة. وهذا الصهر، وهو أب لأربعة أطفال يحملون جميعهم لقب "كبار إسبانيا"، توصل في 25 فبراير الماضي باستدعاء من قاضي التحقيق بمدينة دي بالما، خوصي كاسترو، من أجل المثول أمام القضاء للتحقيق معه في تهم الفساد الموجهة إليه. ويتضمن صك الاتهام، الذي يتابع بموجبه الصهر الملكي، قضية تتعلق ب"تزوير وثائق إدارية واختلاس أموال عمومية وحالات غش". ويسعى القضاء الإسباني إلى فهم حيثيات تمكن الأمير أوردانغارين من تحويل ملايين من الأورو نحو حسابات شركته الخاصة. الشكوك تحوم حول دواعي إقدام الصهر الملكي، البالغ من العمر 44 سنة، في فترة ترؤسه معهد "نوس"، وهو مؤسسة غير ربحية، في الفترة المتراوحة بين 2004 و2006، على ضخ مبالغ ضخمة في حسابات شركات توجد في ملكيته، بالإضافة إلى حساباته الشخصية ببعض الأقاليم الإسبانية التي توصف ب"الجنان الضريبية" من قبيل جزر البليار وبلنسية. محامو أوردانغارين رفضوا الرد على الاتهامات الموجهة إلى موكلهم أمام وسائل الإعلام الإسبانية، التي أبدت اهتماما كبيرا بهذه القضية. فرصة عمل وخلال ابريل الماضي اذهل الجميع من قرار قطر بتقديم فرصة عمل لصهر ملك أسبانيا الذي تحيطه الشبهات من جميع الجوانب، وتساءل الكثيرون هل هي تقوم بالتقرب من أسبانيا أم يوجد هناك مصالح غامضة لا يعرفها أحد. وهناك صحيفتان وهما "لا فانجوارديا" و"الباييس" قد أكدا أن صهر الملك الاسباني خوان كارلوس سيغادر البلاد لتدريب المنتخب القطري لكرة اليد، ووفقاً لهذه التقارير سيعمل اناكي أوردانجارين ، وهو لاعب كرة يد أولمبي سابق تعصف به الفضائح ، مع المدرب الاسباني فاليرو ريفيرا في العاصمة القطرية. ومن هنا فقد ذكرت صحيفة "الباييس" أن القصر الملكي ساعد في توفير هذه الوظيفة لاوردانجارين والذي يبلغ عمره قرابة ال 45 عاماً والذي يحقق معه الان في اتهامات تتعلق باختلاس ملايين اليورو من الاموال العامة الأسبانية. وذكر ماريو باسكوال فيفيس محامي أوردانجارين إنه لا يعلم بعرض العمل في قطر ، لكن موكله يستطيع السفر بحرية، وكما صرح ممثلو الادعاء الذي يحققون في قضية الفساد بأنهم لن يحاولوا منع أوردانجاين من مغادرة البلاد بأي شكل من الأشكال. ومما هو جدير بالذكر فإن أوردانجاين وشريكه التجاري السابق دييجو توريس متهمان باختلاس أكثر من 6 مليون يورو " بما يعادل نحو 7.8 مليون دولار أمرييكي" وذلك من مؤسسة خيرية كان صهر الملك يراسها من 2004 إلى 2006، ودافع رئيس الوزراء ماريانو راخوي عن النظام الملكي قائلاً إنه لا يزال يحظى بتأييد معظم الأسبان مهما تجمعت هذه الشائعات من حولهم. الملك والدوقة وكانت وسائل الإعلام الإسبانية قد تناولت بإسهاب فضيحة من نوع آخر عندما تحدثت عن موضوعا حساسا مرتبطا بالدوقة الألمانية «كورينا زوساين فيتغينسن» واحتمال وجود علاقة عاطفية مع الملك. كورينا ثرية ألمانية من عائلة عريقة ونبيلة في ألمانيا، كسبت صفة «الأميرة» من طليقها الأمير الألماني «كاسمين زو ساين». وتحكي تقارير إخبارية أوروبية عن نفوذها القوي في دوائر صناعة القرار في أوروبا وعن علاقاتها المتميزة مع أمراء عرب وكثير من أثرياء الخليج والشرق الأوسط، حتى أنها لعبت دور الوسيط في صفقات كبرى بين الدولة الإسبانية ودول الخليج. والشك في طبيعة العلاقة بين العاهل الإسباني وهذه الأميرة غذته عدة مؤشرات، أولها تصريح كورينا لجريدة «إلموندو» الإسبانية خلال شهر مارس الماضي، حين اعترفت بوجود علاقة صداقة قوية مع الملك الإسباني ووصفتها بقولها «صداقتي مع الملك خوان كارلوس هي صداقة من نوع خاص». من جهة أخرى كشف الإعلام الإسباني أن هذه الأميرة كانت، أثناء زياراتها العديدة والمتكررة لإسبانيا، تنزل في إقامة فاخرة تابعة للقصر الملكي في ضواحي العاصمة مدريد، وعند تجوالها وتنقلاتها داخل المدينة كانت تحظى بحراسة خاصة مؤمنة من جهاز المخابرات الإسباني. كل هذا التعامل الاستثنائي مع هذه السيدة، التي لا تشغل أي منصب رسمي سواء في إسبانيا أو في بلدها ألمانيا، وكذلك التصريحات التي أكدت فيها أنها قدمت، ولا تزال، خدمات جليلة للدولة الإسبانية، دفع البرلمان الإسباني لاستدعاء مدير المخابرات الجنرال «فليكس رولدان» ليستفسر منه، في جلسة سرية، عن حقيقة الأخبار الشائعة حول هذه الأميرة. كما تقدمت كذلك بعض الأحزاب الإسبانية، يتزعمها اليسار الموحد، بأسئلة في الموضوع تحت قبة البرلمان الإسباني إلى وزير الخارجية، الذي كذب كل تلك الإشاعات عن علاقات الأميرة الألمانية مع الحكومة والقصر الإسبانيين، لكنه سرعان ما تراجع عن تصريحاته في اجتماع لاحق ليؤكد أنه سبق وأن جمعته مع الأميرة «كارينا» لقاءات تشاورية في شأن ملفات التعاون الخارجي بين إسبانيا وبعض دول الخليج. من الملكية للجمهورية وبعد سلسلة الفضائح التي لحقت بالعائلة المالكة، خرج آلاف المحتجين إلى شوارع العاصمة الإسبانية مدريد، للمطالبة بإلغاء الملكية في البلاد، وحمل المتظاهرون الأعلام وهتفوا غدًا إسبانيا ستصبح جمهورية. المحتجة فيرونيكا رويز قالت: لم ينتخب أحد الملك خوان كارلوس.. نريد إجراء استفتاء على ذلك.. من العدل والديمقراطية أن نعرف ما يريده الناس. الاحتجاج جاء في ذكرى قيام الجمهورية الثانية في البلاد، والتي أعلنت في 14 أبريل 1931 بعد 40 عاما من حكم الديكتاتور الجنرال فرانسيسكو فرانكو بعد الحرب الأهلية 1936- 1939. وأظهرت آخر استطلاعات الرأي في إسبانيا تراجع شعبية الملك خوان كارلوس، خاصة بعد مزاعم الفساد التي تلاحق الأسرة المالكة. وأظهر الاستطلاع الذي أجرته صحيفة الباييس الإسبانية أن 53 بالمائة من المشاركين يرفضون الملك . ومن الأسباب التي دفعت شعبية الملك للتراجع، الحياة المترفة التي يعيشها رغم الأزمة الاقتصادية التي تمر بها معظم دول أوروبا، بالإضافة إلى علاقات الصداقة الحميمة التي أقامها مع بعض الفتيات والتحقيق في مزاعم فساد لاحقت صهره إيناكي أوردانغارين. وأجري استطلاع الرأي قبل اتهام الأميرة كريستينا زوجة أوردانغارين بمساعدة زوجها في عدد من الجرائم من بينها الاحتيال والتهرب الضريبي واختلاس ستة ملايين يورو من الأموال العامة من مؤسسة خيرية. وعلى عكس ذلك، لم تلحق بفيليب، ابن الملك البالغ من العمر 45 عاما، أي من فضائح الأسرة الملكية إذ عرف بأنه صاحب دور فعال في النهوض بإسبانيا. وأظهر استطلاع في يناير الماضي أن 45 بالمائة من الإسبان يريدون من الملك أن يسلمه مقاليد الحكم في البلاد. وكانت مؤسسة متروسكوبيا أجرت الاستطلاع الشهر الماضي، سألت فيه 2400 شخص عن آرائهم في بعض مؤسسات الدولة. وقالت صحيفة الباييس: "يمكننا أن نرى من خلال استطلاع متروسكوبيا أن الملك فقد شعبيته بين الناخبين الاشتراكيين والشبان بصورة خاصة"، وبلغ الفارق بين نسبة القبول والرفض -41 بين الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاما. وأظهر الاستطلاع أيضا استياء عاما من المؤسسات السياسية، إذ أبدى 19 بالمائة فقط من المشاركين قبولهم للحكومة بينما عبر 93 بالمائة عن رفضهم لساسة البلاد. ورغم أن الكثيرين أيضاً يرجعون الفضل للملك خوان كارلوس في إعادة إسبانيا، إلى الديمقراطية البرلمانية تحت الملكية الدستورية بعد وفاة فرانكو في 1975، إلا أن سلسلة الفضائح التي لحقت بالعائلة المالكة، قوضت الثقة العامة بالملكية في هذه الفترة، التي تعاني فيها البلاد ركودا اقتصاديا .