تأمل مصر بعد تجاوزها الفترة الانتقالية الحالية وتعافي أوضاعها الاقتصادية في الانضمام لمجموعة «بريكس» للاقتصادات البازغة، وبدأت تلك الآمال تتبلور بعد الزيارات المتلاحقة التي قام بها الرئيس محمد مرسي لدول تلك المجموعة. فخلال الشهر الماضي قام الرئيس مرسي بزيارة عمل لروسيا حيث أجرى مباحثات مع الرئيس فلاديمير بوتين حول سبل تطوير وتدعيم العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات خاصة ما يتعلق بتنشيط التبادل التجاري وجذب الاستثمارات الروسية إلى مصر في قطاعات الطاقة بشعبيتها التقليدية والمتجددة، فضلا عن مجالات النقل والصناعات الهندسية وتعزيز التعاون في مجال الدفاع. كما قام الرئيس بزيارة للصين إحدى دول مجموعة «بريكس» في شهر أغسطس من العام الماضي في إطار خطوة استهدفت لتعزيز الاستثمار المصري- الصيني المشترك وفرصة لفتح آفاق جديدة للتعاون بين القاهرة وبكين من خلال إقامة إطار مؤسسي للتعاون المستقبلي بين مصر والصين. كما زار الرئيس مرسي الهند حيث شهد التوقيع على عدة اتفاقيات لإطلاق قمر صناعي مصري وإنشاء مركز متميز لتكنولوجيا المعلومات بجامعة الأزهر واتفاقية أخرى لاستخدام الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء فضلا عن إنشاء مركز تدريب مهني للعاملين في صناعة النسيج بشبرا الخيمة. وشملت جولة الرئيس مرسي في دول بريكس زيارة لجنوب أفريقيا خلال شهر مارس الماضي حيث شارك الرئيس في اجتماعات دول مبادرة النيباد مع دول تجمع البريكس حيث أجرى محادثات ثنائية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الصين شين جين بينج ورئيسة البرازيل ديلما روسيف، وركز الرئيس خلال زيارته إلى جنوب إفريقيا على ضرورة تعزيز التعاون بين الدول الإفريقية من جهة وبينها وبين دول تجمع البريكس والاهتمام بالتركيز. دعوة للانضمام وفي إطار جولته في دول مجموعة بريكس للاقتصادات البازغة، بدأ مرسي أمس زيارة للبرازيل ، وتهدف تلك الزيارة أيضاً في الأساس لدعم التعاون الاقتصادي والاستثماري مع هذه الدولة التي حققت نجاحا اقتصاديا لفت الأنظار على مستوى أمريكا الجنوبية والعالم حيث أصبحت تحتل المرتبة السادسة كأكبر اقتصاد في العالم وفقا لتصريحات وزير ماليتها، كما يقدر إجمالي الناتج لمحلي فيها بنحو تريليون دولار وتعد أيضا من أكبر المصدرين في العالم بصادرات تبلغ أكثر من 137 مليار دولار. هذا وقد دعا أيمن أبو العلا أمين الشئون البرلمانية بالحزب المصري الديمقراطي الرئيس محمد مرسي، مطالبة ديلما روسيف رئيسة البرازيل بانضمام مصر لاتفاقية بريكس للتبادل الاقتصادي والتجاري وذلك خلال زيارته لدولة البرازيل. وأشار إلى أنه لو تمت هذه الاتفاقية، ستكون خطوة كبيرة نحو انتشال الاقتصاد المصري من الأزمة التي يعانى منها، خاصة وأن البرازيل وقعت اتفاقا مع الصين منذ فترة للتبادل التجاري بقيمة تبلغ نحو 30 مليار دولار سنويا وهو ما يعادل نصف قيمة التبادل التجاري بين البلدين. وأكد أبو العلا في بيان صحفي له اليوم الأربعاء أهمية الاستفادة من تجربة دولة البرازيل، التي استطاعت أن تنقل نفسها من دولة مدينة إلي مصاف الدول خلال العقدين الآخرين، بفضل السياسات الحكيمة التي اتبعتها الحكومة البرازيلية خلال الفترة الماضية. «حلم بعيد المنال» وتباينت ردود الأفعال بشأن طلب مصر الانضمام إلي مجموعة الدول الناشئة (بريكس)، فمن جهته اعتبر الخبير الاقتصادي فخري الفقي أن انضمام مصر إلى البريكس حلم بعيد المنال، في ظل أداء الاقتصاد المصري الضعيف حاليا. وأوضح في حديثه لموقع "الجزيرة. نت" أن شروط الانضمام إلى المجموعة شديدة الصعوبة بالنسبة لمصر حاليا، فالمجموعة تشترط وجود حجم من الناتج المحلي يسمح بالتبادل التجاري مع أعضائها، وأن تتوفر القدرة على تسوية المعاملات التجارية البينية بالعملات المحلية، وأن يكون لديها زيادة حجم معين من التبادل التجاري مع دول المجموعة. وأشار الفقي أن وضع مصر الحالي لا يستوفي هذه الشروط، فعلاقاتها مع دول المجموعة تشهد ارتفاعا مع الصين وروسيا فقط، بينما هي محدودة مع باقي الدول، كما أن مصر لا تتوفر لها الإمكانية على تسوية معاملاتها التجارية مع دول المجموعة بالعملة المحلية. وأكد أن معاملات مصر التجارية والاقتصادية لا تزال تتركز مع أميركا ودول الاتحاد الأوروبي بنسبة تصل إلى 75%، مطالبا الحكومة بالاستفادة من الاتفاقيات الإقليمية والدولية لتنشيط الاقتصاد، ومن ثم الدخول في عضوية تجمعات جديدة. ويرى خبراء فكرة انضمام مصر إلى مجموعة البريكس حلمًا قد يصعب عليها تحقيقه في ظل الظروف الحالية، ولكنهم لا يمانعون من المحاولة، والاستفادة من تجربة تركيا في محاولتها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، حيث لم يتحقق لتركيا هدفها حتى الآن، ولكنها بهذه المحاولة رفعت من أداء اقتصادها بمعدلات كبيرة. بين الفشل والنجاح وبينما توقع بعض خبراء الاقتصاد فشل مجموعة بريكس عند نشأتها، تنبأ الاقتصادي الأمريكي «جيم أونيل» لها بالنجاح، بل وتنبأ بأن هناك 11 دولة أخري مرشحة للحاق بركب مجموعة «بريكس» في القرن الواحد والعشرين ومنها مصر، طبقا لما ذكرته صحيفة لوموند الفرنسية نقلا عن الفايننشيال تايمز. ففي الوقت الذي رأي فيه العديد من الاقتصاديين أن مصير مجموعة الدول الناشئة «بريكس»، وهي اختصار لخمس دول هي: البرازيل وروسيا والصين والهند وأخيرا في عام 2010 جنوب افريقيا، هو الاخفاق، قدر الخبير الاقتصادي، الذي يعمل لدي أكبر بنوك العالم وهو بنك «جولد مان ساكس» أن هذه المجموعة ستحقق نجاحات هائلة في خلال عقد من الزمن وهو ما تأكدت صحته للعالم اليوم. ولم يكتف «أونيل» برصد مستقبل هذه المجموعة الناشئة، بل رأي أن الإحدى عشرة دولة التي ستلحق بركب هذه المجموعة، سواء بمعدلات التنمية أو بالانضمام الفعلي إلي «بريكس» هي: مصر وبنجلادش واندونيسيا وإيران والمكسيك ونيجيريا وباكستان وتركيا وكوريا الجنوبية وفيتنام والفلبين، وأنها بالإضافة إلي مجموعة «بريكس» ستكون ندا قويا لثالوث الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الاوروبي واليابان. الأسرع نمواً و«بريكس» هو مختصر للحروف الأولى باللغة اللاتينية المكونة لأسماء الدول صاحبة أسرع نمو اقتصادي بالعالم. وهي: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا "Brazil, Russia,India, China, and South Africa". عقدت أول قمة بين رؤساء الدول الأربع في ييكاتيرينبرغ ، روسيا في حزيران / يونيو 2009 ، حيث تضمنت الإعلان عن تأسيس نظام عالمي ثنائي القطبية. وعقدت أول لقاء على المستوى الأعلى لزعماء دول "برهص" في يوليو / تموز عام 2008، وذلك في جزيرة هوكايدو اليابانية حيث اجتمعت آنذاك قمة "الثماني الكبرى". وشارك في قمة «برهص» رئيس روسيا دميتري مدفيديف ورئيس جمهورية الصين الشعبية هو جين تاو ورئيس وزراء الهند مانموهان سينغ ورئيس البرازيل لويس ايناسيو لولا دا سيلفا. واتفق رؤساء الدول على مواصلة التنسيق في أكثر القضايا الاقتصادية العالمية آنية، بما فيها التعاون في المجال المالي وحل المسألة الغذائية. وانضمت دولة جنوب أفريقيا إلى المجموعة عام 2010, فأصبحت تسمى بريكس بدلا من بريك سابقا ، تشكل مساحة هذه الدول ربع مساحة اليابسة، وعدد سكانها يقارب 40% من سكان الأرض. ومن المتوقع بحلول عام 2050 أن تنافس اقتصادات هذه الدول، اقتصاد أغنى الدول في العالم حاليا - حسب مجموعة غولدمان ساكس البنكية العالمية، والتي كانت أول من استخدم هذا المطلح في عام 2001 ، ومن المتوقع أن تشكل هذه الدول حلفًا أو ناديا سياسيا فيما بينها مستقبلا. وضع هذه الأطروحة الاقتصادي العالمي (Jim O'Neill) من مجموعة جولدمان ساكس البنكية العالمية، بحيث أن من المتوقع بحلول عام 2050 أن تنافس اقتصادات هذه الدول، اقتصاد أغنى الدول في العالم حاليا، وبحكم مساحتها تشكل 25% من مساحة اليابسة، وعدد سكانها يقارب 40 % من سكان العالم، وتشكل هذه الدول مجتمعة ناتج محلي إجمالي يقدر قيمته ب 15.435 تريليون دولار، وبكل المقاييس، هي تشكل واحدة من أضخم الأسواق العالمية، وأسرع الاقصادات في العالم. وبالرغم من أن المجموعة لم تتوقع من هذه الدول تكوين تحالف سياسي على غرار الإتحاد الأوربي مثلا، أو تجمع اقتصادي مثل الآسيان, إلا أنها من المحتمل أن تزيد من التعاون السياسي فيما بينها مستقبلا. وفي النهاية نتساءل هل يمكن أن تحقق مصر حلم الانضمام إلى «بريكس» وتحويلها مستقبلا ليصبح اسم المجموعة «إبريكس» وهي الحروف الأولى من أسماء دول المجموعة باللغة الانجليزية.