عندما نقرأ أو نسمع عن تعنيف الازواج لزوجاتهم فهذا لن يثير الاندهاش حيث اعتدنا على ذلك ، ولكن عندما نسمع عن عكس ذلك أي تعرض أزواج للعنف الجسدي واللفظي من قبل زوجاتهم ، فهذا هو الخروج عن المألوف. ففي المعتاد نسمع عن تعرض الزوجة للعنف من قبل زوجها حيث تعاني حوالي 4700 امرأة من العنف في السنة الواحدة بالمغرب، والآن أنقلب الأمر وأصبح الرجال مثل النساء يقهرون ويتعرضون لكافة أنواع العنف في بعض الدول العربية مثل : الكويت ومصر والسعودية، ومثلما للمرأة إحصائية عن عدد المعنفات أصبح للرجل إحصائية عن عدد المعنفين من قبل زوجاتهم ، حيث كشفت جمعية حقوقية تُعنى بالدفاع عن حقوق الرجال في المغرب عن ارتفاع في عدد الرجال الذين تعنّفهم زوجاتهم خلال السنوات القليلة الأخيرة.
من جانبها سجلت الجمعية أكثر من 1700 حالة تعنيف ضد الزوج من طرف الزوجة سنة 2012، بعضهم مُصاب بجروح خطيرة أو كسور.
سلاح أدوات المطبخ وأفادت الشبكة المغربية للدفاع عن حقوق الرجال باستقبالها لأكثر من 8000 حالة خلال الخمس سنوات الأخيرة، تشكل نسبة العنف الجسدي فيها حوالي 20% منها، وذلك عن طريق الضرب بأدوات المنزل المختلفة من سكين أو مقلاة أو صحون، وغيرها.
وكانت أكدت الشبكة المغربية في 2011،أنها تلقت ما يفوق 700 شكوى عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني من رجال تعرضوا للعنف من قبل زوجاتهم.
وأشارت صحيفة "المساء" المغربية إلى أن بعض الرجال ضاقوا ذرعا بعنف زوجاتهم، ولم يجدوا حرجا في الاستنجاد بالشبكة التي تأسست خصيصا لهذا الأمر بعدما تفاقمت ظاهرة العنف ضد الأزواج في المغرب، مشيرة إلى أنهم يلتمسون منها النصح والإرشاد والمساعدة على تجاوز معاناتهم النفسية.
ويؤكد عبد الفتاح بهجاجي رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن حقوق الرجال أن العنف الذي يتعرض له الرجال من طرف الزوجات يخترق جميع الفئات: "حيث يطال الأستاذ الجامعي والإطار الكبير والبائع المتجول والمتقاعد الذي بلغ من العمر عتيا".
ويعتبر بهجاجي أن العنف قد يجد تفسيره وجذوره في أغلب الحالات "في الحالة النفسية للزوجة التي تدفعها إلى تعنيف الزوج وفي رواسب تربية غير سوية، وقد يبرره سلوك بعض الرجال الذين تضيق زوجاتهم في بعض الأحيان ذرعا بتصرفاتهم غير المسئولة، كما يمكن أن يجد تفسيره في ضعف شخصيات بعض الرجال أمام زوجاتهم".
تركيبة نفسية وعزا خبراء اجتماعيون ونفسيون تنامي حالات العنف ضد الرجال من طرف زوجاتهم في المغرب إلى التركيبة النفسية غير السوية أحيانا لبعض الأزواج، وأيضا إلى عوامل مادية نتيجة الضغوط الاقتصادية المتزايدة التي تقع أحيانا على كاهل قطاع عريض من النساء، مبرزين أن الرجال غالبا ما يترددون في الإفصاح عن تعرضهم للعنف الجسدي من لدن نسائهم لأسباب شخصية واجتماعية.
قال الدكتور محمد قطيبي، الباحث الاجتماعي في جامعة الرباط، إن الدائرة الاقتصادية حين تضيق الخناق على عدد من النساء بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة، خاصة اللواتي يخرجن للعمل لأسباب مادية، يجعلهن أكثر نزوعا نحو التصرف بعصبية وعدوانية إزاء الأزواج، سيما العاطلين منهم، والذين يقبلون بالبطالة مقابل اشتغال زوجاتهم عوضا عنهم.
وأشار قطيبي في تصريح ل "العربية.نت" إلى أن الرجل الذي تعرض للعنف من زوجته داخل المجتمع المغربي، لا يقبل في كثير من الأحيان بالتصريح بذلك علانية وأمام المحكمة مثلا، لهذا تظل أرقام الأزواج المعنَّفين دون المُعلن عنها من طرف بعض المنظمات الحقوقية ومراكز الاستماع.
وتابع الأخصائي بأن الكثيرين من الرجال الذين يعانون من عنف زوجاتهم يرفضون الحديث عن ما حصل لهم، بسبب النظرة المترسبة والخاطئة لدى البعض في المجتمع إلى الرجل، بأنه سي السيد الذي يجب أن تُطاع أوامره، ولا تكسَّر رغباته من لدن زوجته.
وتؤكد صحيفة "المغربية" أن الاهتمام بظاهرة العنف ضد النساء والأطفال يتزايد عاما بعد آخر، متسائلة "لكن هل تجرأ أحد يوماً فرفع صوته مطالبا بتناول ظاهرة العنف ضد الرجال بنفس المستوى من الاهتمام والجمعيات والندوات عبر وسائل الإعلام وغيرها"؟.
وتضيف "لاشك أن العنف ضد الرجال لا يشكل سوى حالات قليلة مقارنة بالعنف الممارس ضد النساء والأطفال، غير أن وجوده لا يمكن إنكاره، وهو عنف تتعدد أشكاله وألوانه، إذ تصير المرأة فاعلا والرجل مفعولا فيه، على مستوى العنف طبعا، عنفٌ له ميزة أنه يمارس ضد الرجل، رب البيت ورمز الذكورة والأبوة".
حاله استثنائية ومن جانبها تعتبر المحامية زاهية عمومو "عضو الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق النساء" أن العنف ضد الرجال الذي يتحدث عنه البعض "إن وجد، لا يشكل سوى استثناء وليس قاعدة".
وترى أن العنف الذي يرقى إلى مستوى الظاهرة هو ذاك الذي يمارسه الرجل ضد المرأة في المغرب "بما لذلك من تداعيات هدامة للأسر".
وتستغرب حديث الشبكة المغربية للدفاع عن حقوق الرجال عن عنف تمارسه المرأة على الرجل "الذي يتمتع بالعديد من الامتيازات والسلطة التي تخول له أن يسود داخل الأسرة ويتحكم في مصيرها".
ويرى الباحث النفسي رشيد العويسي أن "تزايد أنواع العنف الممارس ضد الأزواج لا يعني أن هذا العنف تحول إلى ظاهرة في المجتمع كما لا يمكن مقارنته بالعنف الممارس ضد النساء وهو الأكثر انتشاراً، لكن يمكن تفسيره بالعنف المنتشر في المجتمع وتزايد دور المرأة في محيطها من خلال العمل والمشاركة في ميزانية الأسرة، إضافة إلى تعرضها لضغوط الحياة اليومية وتقاعس الرجل عن القيام بدوره".
وعن الأسباب المباشرة للعنف ضد الأزواج، يقول العويسي "عنف المرأة في كثير من الأحيان هو رد فعل ضد عنف الرجل، سواء كان هذا العنف لحظي أي وقع تبادل للعنف بين الزوجين في مرحلة معينة، أو بعد فترة حيث تنتقم الزوجة من الزوج الذي عنفها سابقا في بداية حياتهما الزوجية، كما انه يعود إلى التركيبة النفسية للمرأة وما تعرضت له في طفولتها كمشاهدة تعنيف ممارس من قبل أبيها على أمها وهنا يبرز دور التربية وأهمية إبعاد الأطفال عن مثل هذه الأجواء".
عنف لكل الطبقات ولا يتوقف العنف ضد الرجال على شرائح اجتماعية معينة، بل شمل جميع الطبقات، الشعبية والبسيطة ذات الدخل المحدود والضعيف، وأمتد إلى الطبقة المتوسطة والمتعلمة، لتصل أحيانا إلى الفئات الاجتماعية الراقية ماديا، كما يخترق العنف النسائي ضد الأزواج جميع الحرف والمهن، صغيرة كانت أو سامية.
وأحد الأشخاص الذين اتصلوا بهذه الجمعية الحقوقية للدفاع عن حقوق الرجال "محمد.ف" قال: إنه سبق له أن تعرض لاعتداءات زوجته بكل ما تجده في يدها، فمرة هوت على وجهه بكأس ماء أصابه في أنفه، ومرة أفرغت عمدا كأس شاي ساخن على فخذه، فضلا عن ألوان السباب والشتائم التي تشنف زوجتُه آذانَه بها.
ويُرجع محمد عنفَ زوجته، التي طلقها قبل سنتين، إلى شخصيتها المتسلطة والقوية، والتي صادفَتْ شخصيتَه المهادنة والمسالمة، مردفا أن زوجته من الصنف الذي لا يهدأ لها بال إلا إذا تضاءل الآخرون أمامها، بسبب نوع التربية العنيفة التي تلقتها على يد والديها في صغرها، يقول هذا الضحية للعنف اللطيف.
ومن جانبه قال بأنه يتعرّض للعنف الجسدي والمعنوي أيضاً من طرف زوجته وبعض أقاربها، حتى إنه لم يعد يُشكّل له هذا الأمر إحراجاً كبيراً وسط الحي الذي يقطنه.
وأضاف إسماعيل ل"العربية.نت" إنه يخضع لحصص شبه يومية من العنف اللفظي والبدني أحياناً من طرف زوجته التي تستغل شخصيته المسالمة، موضحاً أنه يبتعد قدر الإمكان عن كل ما قد يثير المشاكل والنزاعات.
وأفاد المتحدث بأن زوجته تمتلك شخصية عنيدة، مشيراً إلى أنه يعتقد أنها حتى لو تزوّجت رجلاً غيره لكان خضع إلى سيطرتها وإذلالها له عن طريق العنف بالسبّ والشتم والضرب أيضاً.
وأوضح أنه يقبل بالعنف المُسلّط عليه من قبل زوجته ومعارفها حتى لا يظهر بصورة الزوج غير المهذب أو المشاكس، بحسب تعبيره.
ومن جهتها، عزت الشبكة المغربية للدفاع عن حقوق الرجال ارتفاع حالات عنف الزوجات ضد أزواجهن إلى ما اعتبرته "اختلالاً في منظومة القيم" داخل المجتمع المغربي، فضلاً عن الوضع الاقتصادي الذي يزداد صعوبة.
من جانبه، أرجع الدكتور عبد المجيد كمي "أخصائي ومعالج نفسي" تطور حالات العنف ضد الرجال إلى شخصية الزوج.
نساء متوحشات وعلى جانب أخر كشفت دراسة حديثة بعنوان "عنف الزوجة ضد الزوج" أجراها أستاذ أكاديمي بجامعة الكويت هو الاستشاري النفسي الدكتور سعيد سالمين عن مفاجأة من العيار الثقيل وهي أن 10% من الكويتيات يضربن أزواجهن "الرياييل", حيث لا تكاد تخلو الصحف اليومية من الحوادث الناتجة عن العنف الأسري, والمنافية لتعاليم الدين الإسلامي وشريعته السمحاء, التي توصي بحسن معاملة الزوجة وعدم استعمال العنف في التعامل معها, وحل المشاكل الأسرية بالحكمة واللين.
وبحسب تحقيق نشرته مجلة "سيدتي" الأسبوعية، قال الدكتور سعيد سالمين: إن العنف من قبل الزوجة ضد الزوج بدأ يكثر في الآونة الاخيرة, مبينا أن العنف هو فعل أو لفظ يسبب أذى للطرف الآخر, وله ثلاثة أنواع هي عنف لفظي, وجسدي, ونفسي.
وأضاف أن 10%, هي نسبة الزوجات الكويتيات اللائي يمارسن العنف ضد شريك حياتهن, وفي السعودية 5%، في حين ترتفع النسبة في مصر إلى 20%, وفي أمريكا 23%, وبريطانيا 17%, والهند 11%, مضيفا أن قضية العنف الأسري تعتبر من أكثر الظواهر الاجتماعية التي دعت العديد من الباحثين لإجراء عدد من البحوث التي تهدف لتعميق فهم أسبابه.
وأحد أوجه هذا العنف التي تناولتها الدراسات والأبحاث قضية انتقام الزوجات من أزواجهن وتأثير ذلك على المجتمع, حيث تبين إحدى الدراسات في أمريكا أن 95 % من حالات العنف العائلي بين البالغين يرتكبها الرجل ضد المرأة.
وذكر سالمين أن دوافع العنف المرتبطة في المرأة ضد الرجل تعود إلى طفولتها السيئة, ووجود الخلل الجيني الذي يؤثر في سلوكياتها, وأيضا خلل هرموني يسبب في ازدياد عصبيتها.