فجأة ودون أي مقدمات ، قفزت أسعار مستشفي القصر العيني الجديد الفرنساوي" لتصل إلى ضعفين و3 أضعاف شاملة أسعار الغرف والكشف وبعض الأشعة ، وذلك ابتداءً من يوم 10-1-2013 الأمر الذي أثار غضب كثير من المرضي المعتادين على تلقي العلاج بشكل دوري بالمستشفي. يبدو أننا في زمن" اللي نفسه في حاجة يعملها "، طالما لا رقيب ولا حسيب . وفي جولة داخل أروقة مستشفي القصر العيني الفرنساوي بين مرضى الدور الثامن الذي يضم معظمه حالات الأورام والباطنة التقينا بالعديد من الحالات التي أبدت استيائها من الأسعار الجديدة ، التي لا يقابلها أي تحسين في مستوى الخدمة.
سوء معاملة
منى أحمد مريضة بسرطان الكلى ، اعتادت ارتياد المستشفي مرة كل 3 أسابيع للعلاج بجرعة كيماوي قالت : كنت هنا منذ أسبوعين ، وفوجئت بزيادة كبيرة في الأسعار بعد أن كان السرير فى الغرفة المزدوجة ب 110 جنيه فى الليلة ، أصبح ب 250 و 300 جنيه ، والمرافق على "كرسي" قفز من 50 إلى 150 جنيه في الليلة ، ونفس الشئ علي الغرف "السنجل" بعد أن كان السرير ب 150 أصبح ب400 جنيه ونفس السعر على المرافق بالسرير ، مع العلم أن الخدمة كما هي والوجبات عادية وروتينيه وغير مُرضية ، ومعظم أجهزة استدعاء التمريض بالغرف لا تعمل ، مما يضطر المريض الاعتماد بصورة أساسية على المرافق رغم أنفه.
وعقبت ابنة منى ، د.شيماء محمد قائلة : الخدمة متردية في القصر العيني الفرنساوي ، وبعد ارتفاع الأسعار اتبع المكان طريقة جديدة على إرغام المرافق على دفع ال 150 جنيه عنوة ، بعد أن كان مكوث شخص بجانب المريض لا يرتبط بدفع مبلغ طالما أنه لا يتم تسجيله كمرافق للحصول على وجبة المستشفي المتواضعة.
وأضافت : بالرغم من أنني طبيبة ، إلا أني قمت بعمل شكوى لمدير المستشفى ، حيث تقوم الإدارة بسياسة لي الذراع حيث تكلف موظفي الأمن بالإشراف والمرور بعد الساعة الثانية صباحاً ، وإرغام أهالي المرضي بالخيار بين الدفع أو الخروج في منتصف الليل ، وهذا لم يحدث قبل زيادة الأسعار ، وعلمت من أحد الممرضات أن هذا الأمر يحدث بعد أن قلت نسبة إشغال المرافق في المستشفى بعد زيادة الأسعار ، واعتراضي على التوقيت والطريقة التى تفتقد إلى الذوق والأدب ، غير مبالين بظروف المريض أو إتباع أسلوب محترم من الإدارة ، ولا توجد قواعد محددة يتم التعامل من خلالها ، وأقل ما يمكن وصفه فى هذه المستشفى هو مهزلة ، وعند ذهابي إلى المسئول الإداري قال باستخفاف "روحي اشتكي" ، وهذا ما قمت به بالفعل فى اليوم التالي حيث تقدمت بشكوى إلى مدير إدارة شؤون المرضي محسن درغام ، ولا اعلم كيف جرت الأمور ، ولكن إحقاقاً للحق لم يتكرر هذا الموقف في اليوم التالي.
أدوية غير متوفرة
وفي غرفة 11 بنفس الطابق ، التقينا بابنة السيدة ع.م والمرافق لها،والتي شرحت ظروف والدتها الصحية قائلة : أمي لديها فيروس فى الكلى وتحتاج إلى زيارة المستشفى بين الحين والآخر لأخذ جرعات من المضادات الحيوية تحت إشراف الطبيب ، لتسببها في رفع الضغط وذلك بعد إصابتها بجلطة في المخ من وقت قريب.
وخلال هذه المرة فوجئنا بارتفاع أسعار الغرف بشكل جنوني ، سعر السرير زاد مرتين ونصف وأصبح ب 400 جنيه وكرسي المرافق أصبح ب 150 بعد أن كان ب 50 جنيه في اليوم ، ونواجه مشاكل بسبب الخدمة الغير مرضية في كل شئ ، وهذا اليوم يعتبر اليوم الخامس لي في المستشفي وحسابي إلى الآن تجاوز ال 6000 جنيه ، والخدمة لا تقارن بالزيادة ، كل شئ هنا تعب ولابد أن يكون المرافق على وعي تام بمواعيد الأدوية بالإضافة إلى استدعاء الممرضات أحيانا أكثر من مرة للحضور ، هذا غير النقص الكبير في بعض الأدوية التي نضطر لشرائها من خارج المستشفى ، ولا يقتصر الأمر على ذلك فحسب بل أن زيادة الأسعار شملت سعر الكشف بالعيادات وزادت من 50 جنيه إلى 75 و 100 جنيه ، أما الوجبات فهي رديئة وسيئة ، ووجبة المرافق مثل وجبة المريض الذي يعاني من السكر والضغط .
وأردفت : أمي تعرضت للنزيف بسبب تركيب "الكانيولا" وأصيبت بالدوار ، وكان من المفترض أن ابقي معها بسبب عدم الرعاية الكاملة للمريضة في حالة عدم وجود مرافق يراقب الحالة ويبلغ التمريض في حالة السهو وغيرها من الأمور ، بقيت معها ، وفي الساعة الثانية صباحاً طرق شخص الباب وتبين أنه أحد المشرفين وأخبرني بانتهاء الزيارة ، وخيرني بين الرحيل أو دفع مرافق 150 جنيه فى الحسابات بالدور الرابع الآن ، الأمر الذي أصاب أمي بالخوف ، مع العلم أن مريض القصر يترك تأميناً لا يقل عن 5000 جنيه ، ولكنه أصر على النزول معه في هذا الوقت المتأخر ، وفى النهاية امتثلت للأمر وطلبت من الموظف أن ترافقني أحد الممرضات إلى مكتب المحاسب لدفع الوصل.
حق الغلابة
وتحدثت أيضاً المريضة رابحة بكري عن سوء معاملة إدارة معاملة المستشفي مع المرضى والمرافقين لهم بسبب المواجهة مع المشرف لنفس السبب في نفس اليوم ، وغلاء سعر كرسي المرافق متسائلة : "الناس الغلابة تعمل إيه؟"
وأضافت أمل عبده مرافق رابحة : كنا في انتظار النهضة التي وعد بها الرئيس محمد مرسي ، ولكننا لم نجد إلا "الافترا" وتداعي مستوى الصحة في مصر ، من المفترض أن الثورة قامت من أجل الغلابة ومحدودي الدخل لكن أين الترجمة الحقيقية لذلك ، فنحن لم نرى خبر عن زيادة الرواتب بما يتناسب مع هذا الجشع ، بالإضافة إلى نقص بعض الأدوية التى نضطر إلى شراء بدائلها أحيانا ، والبحث عنها خارج المستشفى ولا نجدها إلا بصعوبة.
المريضة أشارت إلى سوء الخدمة وعدم مراعاة حالة المريض حيث أنها تعاني من ارتفاع نسبة السكر في الدم الذي وصل إلى 500 ، وارتفاع نسبة البوتاسيوم وانخفاض الضغط ، وكانت صدمة عندما وجدنا أن المستشفي تقدم لها جميع الوجبات الممنوعة التى لا تناسب حالتها الصحية ، والتي تشمل الموز و"الكيزر" والأرز واللحم.
وجبات المستشفى جعلت السيدة أمل تُصر على مرور طبيب الباطنة ليلاً لوقف هذه المهزلة ، مشيرة إلى أن بعض عاملات النظافة لا يقمن بواجبتهن على أكمل وجه إلا بعد دفع "البقشيش" ، أما خدمات التمريض فلا يمكن الحصول عليها بالطلب لمرة واحدة فقط ، ولكن مطلوب من المرافق أن يلح أكثر من مرة الأمر الذي يتطلب التصعيد في بعض الأوقات ،أما الوجبات فهي بصفة عامة لا يمكن وصفها إلا بالأقل من العادية ، وبعضها لا يصلح للأكل مثل وجبة "الفول" الصباحية التي تم استدعاء المسئول على المطعم بسببها.
وفى النهاية عقبت السيدة أمل عبده : جئنا للقصر العيني أكثر من مرة ، ولم يكن الوضع كما هو عليه الآن ، فالأسعار زادت أضعاف ما كانت عليه الأسابيع والشهور والسنوات السابقة،" اللي بيحصل دا افترا" ، فبعد أن كان القصر العيني الفرنساوي ملاذاً لمحدودي الدخل بات الأمر صعباً ومبالغ فيه ولا يمكن للمصري المتوسط الحال تحمله.
المرضى يتسائلون
أحد مريضات الدور الثامن أخبرتني أنها سألت طبيبها المعالج عن سبب زيادة الأسعار ، أجابها أن الزيادة مطروحة منذ فترة ولم تطبق إلا من يوم 10/1/2013 ، نظراً لتخلي الحكومة عن تقديم الدعم للقصر العيني السنوي الذي يقدر ب 80 مليون جنيه منذ عامان الأمر الذي أصاب المكان بالعجز في الميزانية ، ولم يجدوا رئيس المستشفى السابق الدكتور عمر إلى إقرار زيادة الأسعار ، ولا يتم ذلك إلا على حساب المريض ، وخاصة أن أعضاء هيئة التدريس بالجامعة يتم علاجهم بالقصر العيني مجاناً!
مرتبات ثابتة
واندهشت أحد عاملات النظافة بالقصر العيني الفرنساوي عندما سألتها عن دخلها ، أم محمود هي أم لولدين وتعمل لمدة 12 سنة من الساعة الثالثة مساءاً إلى العاشرة ليلاً ، نظرت لي باستغراب شديد وقالت ساخرة : زيادة ، لا طبعا مرتبي 450 ولم يزيد قرش واحد ، بالإضافة إلى عدم حصولي على تأمين أنا وزميلاتي بالرغم من عملنا فى المستشفي لسنوات طويلة ، مع العلم إننا معرضين للإصابة بالإمراض والالتهاب الكبدي في أي لحظة ، ولا يوجد بدل عدوى ، وعندما نتعرض لشك بإبرة لا نجد سوى "تعقيم الجرح بقطنة وكلونيا" ، وعند الغياب ليوم واحد نتعرض لخصم مضاعف ويحسب اليوم ب40 جنيه .
أين الحقيقة؟
لم نتمكن من التوصل إلى أسباب مقنعة من أي مسئول داخل المستشفي وخاصة أن مدير المستشفى السابق الدكتور هو من أقر الزيادة ، والمدير الحالي دكتور تيمور مصطفي ليس لديه ما يفيد عن الأسباب أو معلومات تفصيلية وهو ما أكده لنا مدير شئون المرضي بالمستشفي الدكتور محسن درغام مشيراً إلى أن الزيادة جاءت بعد قرار مجلس إدارة مكون من 50 شخص.
ووجهنا الدكتور درغام إلى مدير الحسابات الأستاذ سيد أبو سكينة للاستعلام عن الأسباب ،والذي أكد بدوره أنه جهة تنفيذية ليس إلا مهمتها تنفيذ قرارات مجلس الإدارة وتوزيع نشرة الزيادة على المحاسبين ، وتطبيق القرار ، أما التفاصيل والأسباب ليست من اختصاصه ، واقترح علينا بسؤال إدارة التكاليف عن الأمر !!
ومن مدير إلى مدير ومن موظف إلى آخر لم نجد إجابة فالإجابة واحدة من الجميع "قرار مجلس إدارة" ، المراوغة كانت واضحة من البعض ، حتى موظفة الاستقبال رفضت إعطائي ورقة الأسعار الجديدة التي من المفترض أنها تسلم لجميع المرضى النزلاء بالمستشفي.
ولم أجد إجابة فالجميع يشعر بالقلق من الحديث مع الصحافة في هذا الشأن ، ولم أجد أمامي بُد من أن أتوجه بالسؤال بصفتي ابنة احد المريضات المعترضة على زيادة الأسعار وأحد أقرباء أحد الأطباء هناك ، ولم يرد أحد على تساؤلاتي سوى المحاسب "ي .أ" مؤكداً أن سبب زيادة الأسعار كانت مطروحة من فترة ، ولكن تم إقرارها الآن على الدفع "النقدي" فقط ، ولكن الأسعار القديمة كما هي على "التعاقدات" والحساب "الآجل" ، والسبب أن الشركات المتعاقدة تتأخر في دفع حساب موظفيها في العمليات وخلافه ، مما بسبب عجز كبير الميزانية في المستشفي ، وبالتالي كان من المتوقع أن يعجز القصر عن دفع رواتب الممرضات والأطباء وتثبيت العمالة خلال الفترة القادمة ، كما أشار إلى أن الدعم الحكومي السنوي توقف منذ عامان الأمر الذي انعكس بصورة كبيرة على ميزانية المستشفى.
هذا هو باختصار شديد ما آل إليه وضع حال مستشفي يعد من أفضل المستشفيات في مصر ، فماذا عن أوضاع باقي المستشفيات والحالة الصحية التي قال عنها وزير الصحة إن أغلبها لم يعد يصلح للاستخدام الآدمي .
كيف إذن ستضمن حكومة" قنديل" بكل ما تعانيه من عجز وتخبط وفشل وضعف كيف ستضمن للمواطن الفقير ومحدود الدخل حقه فى الحصول على علاج بصورة إنسانية في ظل ارتفاع الأسعار الجنوني فى الخدمات العلاجية ،ومتى يتم تعديل أوضاع الطبيب المصري لينعكس ذلك على المنظومة الصحية بكاملها في مصر !!