أثارت تصريحات وزير التموين الدكتور باسم عودة بتحديد 3 أرغفة لكل مواطن يستحق الدعم انتقادات واسعة بين الخبراء والمواطنين وطالبوه بإعادة النظر في مثل هذا القرار. ففي الوقت الذي افتتح فيه رئيس مجلس الوزراء الدكتور هشام قنديل السبت الماضي، مجمع المخابز بمدينة 15 مايو لإنتاج الخبز المدعم التابع للقوات المسلحة، والذي ينتج يوميًا ما يتراوح بين مليون و1.2 مليون رغيف ، حيث يأتي ذلك المجمع في إطار خطة لإنشاء 100 مجمع مليوني لإنتاج الخبز المدعم علي مستوي الجمهورية.
5 أرغفة تكفي وأصبح شعار الخبراء والمواطنين " 5 أرغفة تكفي " ، بعدما أصروا علي زيادة عدد الأرغفة الموزعة إلى 5 أرغفة في المتوسط لان الخبز سلعة أساسية تمثل بنسبة 60 % عند الغالبية من أبناء الطبقات المتوسطة والفقيرة.
واشترطوا أن يصل الدعم إلي مستحقيه من خلال إطلاق سعر القمح والدقيق والخبز بعد تصنيعه في الأسواق بالسعر الحر علي أن تتحمل الحكومة فارق السعر نتيجة بيع هذا الخبز مدعما في منافذ التوزيع التي يتم إعدادها لهذا الغرض.
من جانبه أكد الدكتور علي لطفي رئيس الوزراء الأسبق لصحيفة "الأهرام" ،أنه أول من نادي بالدعم النقدي لكنه لا يحبذه الآن في ظل الظروف الاقتصادية المتردية مطالبا وزير التموين بأن يتناول المنظومة متكاملة لإنتاج وعرض رغيف خبز مدعما ويصل إلي مستحقيه من خلال إطلاق بيع القمح للمطاحن وكذا الدقيق للمخابز علي أن تتسلم الحكومة الإنتاج في شكل خبز بسعر التكلفة مع هامش ربح معقول للمخابز ثم تقوم ببيعه من خلال المنافذ التسويقية بالكوبونات, عندئذ سوف يتم القضاء علي السوق السوداء لبيع الدقيق والقمح بأسعار مرتفعة والاستفادة من الدعم لمصلحة المافيا.
وثاني الأمور المهمة التي طرحها رئيس الوزراء الأسبق هي نسبة الفاقد في القمح والخبز تصل إلي 10% في القمح نتيجة سوء التخزين حيث تأكل العصافير والحمام والقوارض كميات كبيرة من القمح لعدم وجود صوامع مجهزة بأساليب علمية ضد الظروف المناخية المختلفة إضافة إلي الشون الموجودة حاليا مكشوفة ويتعرض فيها القمح والدقيق للإتلاف.
وثالث الحلول التي يقترحها الدكتور علي لطفي هي التركيز علي إنشاء المخابز المليونية الحديثة وكفي للمخابز البلدية القديمة والصغيرة الحجم المتهالكة حيث يصل تعداد هذه المخابز لأكثر من52 ألف مخبز. ويطالب بزيادة عدد الأرغفة التي ستوزع علي المواطن لتتراوح ما بين4 إلي 5 أرغفة للشخص الواحد.
منظومة مقصرة ورأى الدكتور علي عبد الرحمن المستشار الاقتصادي لوزير التموين الأسبق أن منظومة الدعم الحالية مقصورة لان المواطن الفقير ومحدود الدخل يتألم ويتعذب يوميا للحصول علي العيش المدعم لأفراد أسرته في الطوابير الطويلة و الإهانات والمشاجرات التي تفتعل في هذه الطوابير ثم الرغيف المدعم الذي يحصل عليه لا يصلح للإنسان أو الحيوان.
وتابع قائلا: حيث تصرف الدولة أكثر من81 مليار جنيه علي دعم رغيف الخبز أكثر من60% منها يذهب إلي جيوب المافيا بدءا من المواني ومرورا بالدائرة الجمركية ثم تصنيعه وللأسف تجري عمليات النهب والسلب لهذا الدعم في ظل غياب تام للرقابة علي هذه المنافذ بل إن بعض المخابز بدأت تستعين بالبلطجية لتأديب كل مواطن يعترض علي شكل الرغيف أو يقف في وجه أصحاب المخابز وهم يبيعون الإنتاج من الخبز للمطاعم وفي السوق السوداء كما يبيعونه لتجار المواشي وبالمثل للدقيق.
ويطالب الوزير بالحد من التصريحات واستبدالها بواقع عملي تعود فيه منظومة الدعم بفعالية إلي مستحقيه لان الدعم يذهب نقدا إلي المافيا والبلطجية ويظل المواطن الفقير يعاني من سوء إنتاج الخبز والطوابير الطويلة التي تنتهك فيها كرامته.
وطالب المستشار الاقتصادي لوزير التموين بالجرأة في اتخاذ وتنفيذ قرارات وصول الدعم إلي مستحقيه وعودة الرقابة المشددة والأحكام المغلظة علي المخالفين. ننتقد الأصوات التي تطالب بتفضيل الدعم النقدي مؤكدا أنه نظام يعمل علي زيادة الإنفاق الاستهلاكي في الأسواق فترتفع موجة التضخم.
ويؤكد أن شركات توزيع الخبز علي المنافذ التسويقية قد ثبت أنها تتواطؤ مع المخابز وتقوم ببيع هذا الخبز المدعم في السوق السوداء.. لذا فهو يري ضرورة إعادة النظر في المنظومة بأكملها اعتبارا من شركات الصوامع فمرورا علي المطاحن ثم المخابز فالشركة التي تتولي تسويق الخبز وتوزيعه علي منافذ البيع.
واختتم الدكتور علي عبد الرحمن حديثة مطالبا بإعادة النظر في توزيع الخبز وعدد الأرغفة التي يستحقها كل مواطن يستحق الدعم لتصبح5 أرغفة في المتوسط بدلا من3.
"فضيحة"
من جانبه اعتبر عبد العزيز حجازي رئيس الوزراء المصري الأسبق، أن تصريحات الحكومة المصرية الأخيرة، بتوفير "3 أرغفة" خبز للمواطن المصري يومياً، هي "فضيحة" تُحسب لتاريخ مصر بلد الثروات.
وأضاف "أين برنامج الحكومة لحل الأزمات؟ إدارة الدولة تحتاج إلى رؤية واضحة وهذا ما تفتقده مصر الآن" .
وتابع حجازي، في تصريحات لبرنامج "مباشر من العاصمة" على قناة "أون تي في" مساء أمس الثلاثاء، أن جماعة الإخوان المسلمين انتظرت 80 عاماً للحصول على السلطة، وهم الآن أمام تحدي ضخم لتلبية مطالب 90 مليون مواطن، مضيفاً: "أنا لا أفرق بين جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة لأن لكلاهما "مايسترو" واحد وهو المرشد العام".
وأشار حجازي، إلى معاناة مصر من أزمة القرارات غير "المدروسة" التي تصدرها مؤسسة الرئاسة، ثم تتراجع عنها، وقد يكون السبب الحقيقي وراء هذا هو أن سيد القرار الآن في مصر ليس لديه سابق تجربة في الحكم، أو لوجود ضغوط من خارج مؤسسة الرئاسة لاتخاذ قرارات معينة والتراجع عنها فيما بعد.
عشوائية الخبز
وعلى الجانب الأخر قال وزير التموين والتجارة الداخلية الدكتور باسم عودة إن ميزانية الدعم تمثل ربع الميزانية العامة للدولة، مشيرًا إلى أنه يتم دعم المواد الغذائية سنويا بنحو 33 مليار جنيه، والمواد البترولية ب 114 مليار جنيه.
وأضاف عودة في تصريحات تليفزيونية الاثنين ،أن منظومة الخبز فى مصر عشوائية وشديدة التشابك وعلى مدى عقود زمنية ولم يستطع أي نظام سياسي رفع هذه المنظومة وجودة رغيف الخبز، موضحًا أن الحكومة تدعم الخبز بنحو 21 مليار جنيه سنويًا.
وأشار إلى الوزارة تتلقى يوميًا شكاوى من عمليات تسريب الدقيق حيث يتم تهريب دقيق مدعم إلى السوق السوداء يقدر بحوالي 11 مليار جنيه.. مؤكدًا أن من أهم التحديات التي تواجه منظومة الخبز هو التدني الشديد في جودة رغيف الخبز في عدة مناطق وهو ما جعل عدد المستفيدين منه ينخفض إلى قل من 40 مليون مواطن، فضلا عن عدم قدرة الدولة على مدى عقود طويلة من رفع متوسط نصيب الفرد من هذه المنظومة التي تقدر برغيفين للفرد.
وحول ما أثير من انتقادات حول سعي الوزارة إلى رفع نصيب الفرد إلى 3 أرغفة قال عودة هناك مناطق في مصر يصل فيها متوسط نصيب الفرد إلى 0.7 رغيف وفى بعض المناطق بمحافظة الجيزة يصل فيها إلى 1.4رغيف.
وأضاف أن الوزارة تستهدف المرحلة المقبلة رفع جودة رغيف الخبز وتحقيق تنافس بين المخابز لتقديم منتج يحصل على رضا المواطن ورفع عدد المستفدين من الدعم من 40 مليون مواطن إلى 60 مليونًا، والقضاء على ظاهرة تهريب الدقيق والتي ستوفر على الدولة نحو 4 مليارات جنيه سنويًا.
ونوه عودة بأنه لا توجد نية لرفع أسعار السلع المدعمة أو الاستغناء عنها.. موضحًا أن الوزارة ستسعى إلى تحسين جودتها حتى يشعر المواطن بالعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.