فى مثل هذا اليوم من العام 842 هجريا توفى المعتصم بالله و هو أحد الخلفاء العظماء الذين مروا بالتاريخ الإسلامى و أكثرهم هيبة ، كما كان معروف بطيبة النفس . هو " أبو إسحاق محمد المعتصم بن هارون الرشيد بن المهدي بن المنصور العباسي " ، و الملقب ب " المثمن " فكانت رحلة حياته ذخيرة بالرقم 8 بشكل عجيب ، فكان ثامن ولد العباس و ثامن الخلفاء من ذريته ، كما أنه قام بثمان فتوحات و أقام في الخلافة ثماني سنين وثمانية أشهر وثمانية أيام ، و ولد سنة ثمانين ومائة في شعبان ، وهو الشهر ال 8 من السنة ، و توفي فى عمر 48سنة ، و أنجب 8 من ال بنين و 8 من البنات . كان في عهد أخيه المأمون واليا على الشام و مصر و كان المأمون يميل اليه لشجاعته فولاه خلفه , و في اليوم الذي توفي فيه المأمون ، بويع أبو اسحاق محمد بالخلافة و لقب بالمعتصم بالله في 19 من رجب سنة 218 هجرية ، و بحسب المؤرخين فقد كان يملك قوة بدنية و شجاعة مميزة, غير أنه كان محدود الثقافة و ضعيف في الكتابة, و ما ميز عهد المعتصم هو استعانته بالجنود الأتراك و ذلك للحد من المنافسة الشديدة بين العرب و الفرس في الجيش و الحكومة ، و فى عهده استمرت عمليات الترجمة والنهضة العلمية كما افتتحها سلفه المأمون . من أبرز أعماله قضاءه على ثورة " بابك الخرمي" التي أسست دولة شاسعة في أذربيجان وجوارها منذ عهد المأمون ، حيث قام بابك الخرمي بمزج بين الإسلام والمجوسية وأسس دينًا هجينًا وعمد إلى إصلاحات اقتصادية واجتماعية جذرية ما ساهم في بقاءه عصيًا على الدولة العباسية عشرين عامًا . و قصته الشهيره مع المرأه التى إعتدي عليها الروم فنادت النداء الشهير حتى الآن ( وامعتصماه ) فهب إلى نجدتها ،كما كان المعتصم يتميز بعقلية عسكرية فذة فاستطاع أن يغلب الروم فى عمورية دون أدنى خسائر من المسلمين . و مدحه أبو تمام في فتحه لعمورية بقوله: السَّيْفُ أَصْدَقُ أَنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ *** في حَدهِ الحَدُّ بَيْنَ الجِد واللَّعِبِ بيضُ الصَّفَائِحِ لاَ سُودُ الصَّحَائِفِ في *** مُتُونِهنَّ جلاءُ الشَّك والريَبِ والعِلْمُ في شُهُبِ الأَرْمَاحِ لاَمِعَةً *** بَيْنَ الخَمِيسَيْنِ لا في السَّبْعَةِ الشُّهُبِ أَيْنَ الروايَةُ بَلْ أَيْنَ النُّجُومُ وَمَا *** صَاغُوه مِنْ زُخْرُفٍ فيها ومنْ كَذِبِ تَخَرُّصَاً وأَحَادِيثاً مُلَفَّقَةً لَيْسَتْ *** بِنَبْعٍ إِذَا عُدَّتْ ولاغَرَبِ عَجَائِباً زَعَمُوا الأَيَّامَ مُجْفِلَةً *** عَنْهُنَّ في صَفَرِ الأَصْفَار أَوْ رَجَبِ و إثر وفاته عام 842 م بويع بالخلافة ابنه الواثق بالله ، و حكى السيوطى عن المعتصم أنه عند احتضاره قال : " ذهبت الحيلة فليس لي حيلة " ، و " اللهم إنك تعلم أني أخافك من قبلي ولا أخافك من قبلك. وأرجوك من قبلك ولا أرجوك من قبلى " .