أكد رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض أن معاناةُ الشعب الفلسطيني تتعاظمُ مُجدداُ جرّاء العدوان الإسرائيلي المتواصل علي قطاع غزة. وأضاف فياض خلال حديثه الإذاعي الأسبوعي نقلته الصفحة الرسمية علي موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" مساء الثلاثاء ان عدد الضحايا الأبرياء يتزايد يومياً بين شهداء وجرحى من الأطفال والنساء والمسنين، ويتسعُ مرةً أخرى نطاقُ تدمير منازل المواطنين والمُمتلكات والمؤسسات العامة.
يأتي هذا العدوان في وقتٍ تستمرُ فيه إسرائيل في حصار الشعب الفلسطيني في القطاع، وفي محاولاتها لتكريس الانقسام وتفتيت وحدة الوطن.
واشار رئيس الوزراء الفلسطيني الي أن المأساة الإنسانية التي يعيشُها قطاع غزة، ومحاولات قتل الأمل لديهم في حياةٍ آمنة توفر الأمان والبسمة للأطفال الفلسطينيين، مضيفا لا يُمكن وصفها إلاّ بفشل المجتمع الدوليّ في توفير الحماية لأبناء شعبنا، وتجنيب المدنيين ويلات الصراع الدمويّ الذي تُغذيه سياسيةُ الاحتلال الإسرائيلي وعدوانه واستمرار تنكر إسرائيل لحق شعبنا في العيش بحريةٍ وكرامةٍ بعيداً عن القتل والدماء والكراهية التي يولدُها العدوان والحصار والاحتلال والاستيطان.
وتابع : فمشهدُ الدمار والقتل على رؤؤس أطفال وأفراد عائلة الدلو، وغيره من مشاهد قتل الأطفال الأبرياء، تُظهرُ وحشية ودموية هذا العدوان ولاإنسانيته. موضحا ان هذه المشاهد المؤلمة لكل من لديه ضمير تستصرخ أحرار العالم وضمائرهم للوقوف مع أطفال فلسطين وحقهم الطبيعي كباقي أطفال العالم في الحياة، وللتحرك من أجل وقف ما يتعرضون له من موتٍ وقتلٍ لبراءتهم وأحلامهم. إن العزاء الذي يُمكن أن يقدم لعائلة الدلو المنكوبة، كما لعائلة السموني التي أُبيدت في العدوان الإسرائيليّ السابق ولكل ذوي الشهداء، لا يمكن أن يكون مقبولاً ما لم يتم لجم العدوان والزام اسرائيل بوقف هذه الفظائع التي يندى لها جبين الإنسانية.
وأكد فياض قائلا: "لقد آن الأوان للمجتمع الدولي، أن يتوقف عن التعامل مع حكومة الاحتلال وكأنها دولة فوق القانون، محملا اياه المسؤوليه السياسية والقانونية والأخلاقية إزاء كل ما يجري على أرض فلسطين من عدوانٍ وقتلٍ وتدمير واحتلالٍ واستيطانٍ.
وأضاف فياض :لقد بات من الملح توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني الأعزل ولأطفاله الأبرياء، وإلزام حكومة الاحتلال بالوقف الفوريّ لانتهاكاتها الخطيرة لقواعد القانون الدوليّ والقانون الدوليّ الإنسانيّ واتفاقية جنيف الرابعة، التي تؤكدُ جميعها على مسؤولية قوات الاحتلال في ضمان حماية المدنيين، مؤكدا بالقول نعم لقد آن الأوان لوقف إمعان إسرائيل واستمرارها في هذه الانتهاكات وإعمال مبادئ القانون الدولي بعيداً عن سياسة الكيل بمكيالين المسؤولة عن تمادي إسرائيل في عدوانها.
وأوضح أن صمود الفلسطينيين وتكاتف أبنائه في مواجهة العدوان والدمار والقتل، إنما يفرضان على الجميع، وأكثر من أي وقتٍ مضى، رص الصفوف والمزيد من الوحدة، وبما يرتقي إلى مستوى تضحيات الشعب الفلسطيني وتطلعه للحرية والحياة الكريمة، ومجدداً تبرزُ أمامنا، الأولويةٌ القصوى المتمثلة في ضرورة البدء الفوريّ بخطوات ملموسة لإنهاء الانقسام وإعادة الوحدة للوطن ومؤسساته، وبما يستجيبُ لإرادة الفلسطينيين الموحدة، ويستنهضُ طاقاته في مواجهة التحديات الخطيرة الماثلة أمامه.
وأكد رئيس الوزراء الفلسطيني انه تم وضع كل هو متاح من موارد لاحتياجات الفلسطينيين في قطاع غزة ومتطلبات تعزيز صمودهم .
وأكد فياض ان بلسم الجراح الذي نقدمُه لعائلات الضحايا من أبناء الشعب الفلسطييني، يتمثل في إغلاق فصل الانقسام المأساويّ الأسود، بكافة تداعياته المؤلمة، من تاريخ الفلسطينيين.
وقال إن طي صفحة الانقسام وترميم آثاره المؤلمة، ينبغي أن يكون الهدف الأساسي والأولوية التي لا تعلو عليها أولوية، ولا بد من التعامل الجاد والمسؤول معها، مشيرا الي ان الأيام الماضية أكدت إرادة الوحدة التي أبداها أبناءُ الشعب في الوطن والشتات في مواجهة العدوان الإسرائيلي وكافة التحديات المصيرية التي تواجه قضيتنا الوطنية.
وطالب من الفلسطينيين جميعاً الإخلاص لترسيخ هذه الوحدة، والارتقاء إلى مستوى مسؤولياتهم الوطنية التي يتطلع إليها الشعب الفلسطيني ويستحقها، موضحا ان المصالحة، هي الطريق لضمان استعادة وحدة وإعادة بناء المؤسسات الواحدة للسلطة الوطنية التي تُشكلُ البيت الجامع لكل الفلسطينيين في الأرض الفلسطينيةالمحتلة، في قطاع غزة والضفة الغربية، وفي القلب منها القدس العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية العتيدة بإذن الله، وهي الرافعة الأساسية لاستنهاض طاقات الشعب الفلسطيني، في كل مكان لحماية المشروع الوطني، وانجاز حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية كافةً.
وجدد تأكيده قائلا : نعم، لقد آن الأوان لوضع حد لهذا الانقسام الذي لا تستفيدُ منه سوى إسرائيل ومخططاتها الهادفة إلى تكريس انفصال قطاع غزة عن باقي الوطن، تماماً مثلما تسعى لتكريس عزل القدس عن محيطها في محاولة لتفتيت الأرض الفلسطينية وجعل إمكانية قيام الدولة أمراً مستحيلاً، وكما قلت دوماً، لا دولة دون قطاع غزة كما لا دولة دون القدس عاصمة لها،
وأوضح أن المواجهة الحقيقية لهذه المخططات تتمثل أساساً في إعادة قطاع غزة إلى مكانه الطبيعيّ كرافعةٍ أساسية للمشروع الوطني الفلسطيني، والحامي الأول للهوية الوطنية الشعبية في مرحلة النهوض من تحت ركام النكبة.
واكد أن السلطة الوطنية، وهي تُكثف جهودها مع كافة الأطراف المؤثرة في المجتمع الدوليّ لضمان الوقف الفوري للعدوان، تعملُ وبأقصى ما لديها من إمكانيات للتخفيف من معاناة وآلام أهالي قطاع غزة في هذا الظرف المؤلم والخطير، هذا هو منطلق قرار مجلس الوزراء بإعطاء الأولوية القصوى فيما هو متاح من موارد لاحتياجات الفلسطينيين في القطاع وبما يشمل استكمال صرف رواتب شهر ديسمبر المقبل لموظفي القطاع العام في قطاع غزة أولاً، على أن يتم استكمال صرفها في الضفة الغربية في أسرع وقت ممكن، وينطبق نفس الأمر لجهة إعطاء الأولوية للمساعدات الاجتماعية الطارئة للأسر المحتاجة في قطاع غزة .
كما طلب المجلس من كافة موظفي الخدمة المدنية في قطاع غزة، والذين هم ليسوا على رأس عملهم لأي سبب كان، الالتحاق بمؤسساتهم وتوظيف طاقاتهم في خدمة أبناء الشعب الفلسطيني.
وتابع: رغم ذلك فإن الشعب الفلسطيني ينتظرُ منا ما هو أكثر من ذلك، فالمسؤولية الوطنية تقتضي الاستجابة الفورية لدعوة الرئيس أبو مازن بالتئام اجتماع قياديّ فلسطينيّ على أعلى مستوى، وبمشاركة حركتي حماس والجهاد الإسلامي، لاتخاذ خطوات تُنهي الانقسام، وتُمكننا من حشد المزيد من القدرة، عربياً وإقليمياً ودولياً، لإلزام حكومة الاحتلال بوقف عدوانها على الشعب الفلسطيني، وتعزيز قدرته على الصمود، ومواجهة التحديات الخطيرة التي تواجه القضية الفلسطينية الوطنية .
واكد فياض ان هذا هو الاستخلاص الأبرز والرد الأهم، في مواجهة العدوان، وهذا أقل ما يمكنُ القيام به وفاءً لدماء شهداء الشعب الفلسطيني، وفي مقدمتهم شهداء العدوان الإسرائيليّ الغاشم على قطاع غزة.
واختمم فياض قائلا : نعم بوحدتنا نضمن توفير الحماية للشعب الفلسطيني، ونعيدُ القضية الفلسطينية العادلة لصدارة الاهتمام الدوليّ، ونعززُ من تضامن شعوب العالم وحركات التضامن مع الشعب الفلسطيني وعدالة القضية الفلسطينية، على طريق إنجاز حقوقنا الوطنية كافةً، وفي مقدمتها حق الأطفال في الحرية والحياة الآمنة، ونعيد الابتسامة البريئة لهم في كنف دولة فلسطين المُستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف.