إعداد الدستور يعتبر حدثا وطنيا، ولكل مواطن الحق في المشاركة فيه، الجمعية التأسيسية تكتسب شرعيتها من كونها تحقق نهجا تشاركيا شاملا لكافة أطياف المجتمع ينبثق من حوار وطني، وأن المشاركة الشعبية الواسعة في كتابة الدستور تعد شرطا لكي يحظي الدستور الجديد بالمشروعية والقبول؛ وبالتالي بقائه وإستقراره لمدة طويلة. ربما لم تمر على مصر أزمة سياسية، كتلك التى تعيشها الآن، بسبب الجمعية التأسيسية للدستور، مسوَّدة الدستور تحمل ألغاما عدة فى طريق المصريين نحو الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة، بينما تعيد، حسب غالبية القوى المدنية والثورية، صناعة الرئيس الفرعون، أو الرئيس الإله، فضلا عن تمكين فصيل دينى بعينه، من السيطرة على المجتمع، وتغريبه عن ثوابته الوطنية والقومية.
مصر ليست ملكا لفصيل بعينه، بل هى ملك للجميع ويجب ان ندافع عنها امام ما تواجهه من عدوان يستهدف مدنية الدولة، فينبغى إن تكون الأولوية فى الدستور الجديد هي ضمان الحقوق السياسية والمدنية، لان ضمان هذه الحقوق معناه إقرار حقوقا بعدها، لكنها خرجت معادية للحرية ومضمون العدالة الاجتماعية، لان الجمعية تسعي لوضع جذور دولة دينية استبدادية، نجد أن التأسيسية أصرت علي استبعاد مادة بمنع العقوبات السالبة للحرية فيما يتعلق بجرائم النشر، إضافة إلي إهمال المرأة وحقوقها في المساواة، مع تهميش حقوق الطفل، مع النص علي استمرار مجلس الشوري رغم المطالبة بإلغائه.
الدستور الجديد ينبغى ان يتضمن مادة يتم من خلالها إختيار وزير العدل عن طريق المجلس الأعلى للقضاء وليس رئيس الجمهورية، لأنها هى الوزارة الوحيدة التى تسمى بإسم الله العادل بإطلاق .. فلا ينبغى أن يكون ولائه لأى إنسان ولا رئيس الجمهورية .. حتى لا يحابي أحدا ولا يخاف من أحد، فهو لا يخاف في الله لومة لائم، اعمالا بمبدأ الفصل بين السلطات وإستقلال القضاء مطلب شعبى.
هل تعلمون ان الدولة الديمقراطية يسمعها العالم وشعوبه، ويحترمونها، وإن اختلفوا معها، اما الدولة الديكتاتورية الدينية تسمع لأوامر العالم وتطيع أو يعصف بها، كما قال الشيخ محمد الغزالي التدين المغشوش قد يكون أنكي بالأمم من الإلحاد الصارخ .. فلا ارى سبب واضح لحشد الجماعة الإسلامية يوم الجمعة الماضى فيما سميت بجمعة تطبيق الشريعة ؟ يعني المظاهرة دى مع مين وضد مين ؟؟؟ يعني هي ضد الليبراليين ام ضد النظام الحاكم واللجنة التأسيسية المختصة بعمل الدستور "اللي من وجهة نظرهم مخالف للشريعة" ؟؟؟ وعن أى شريعة هم يطالبون ؟! وياريت حد يوضح لنا ايه اللى فى مصر ضد الشريعة الاسلامية ؟؟؟؟؟.
وبالمناسبة مما لفت انتباهى هو عدم وجود علم مصر بمظاهراتهم فى ميدان التحرير ؟! هل يعلموا ان ميدان التحرير منطقة مصرية تابعة لجمهورية مصر العربية وغير تابعة للسعودية ؟؟؟
ولكنى اتساءل الان..
الرئيس مرسي رئيس إسلامي ؟ مش كده ؟ وانتخب من اجل تطبيق الشريعه ومعه كل الصلاحيات .. والجمعية التاسيسية اغلبها اخوان وسلف لتطبيق الشريعه على الرغم من ذلك وجدت مظاهرات تطالب بتطبيق الشريعه وتهاجم المعارضه ؟؟؟! اذا النظام يتظاهر ضد المعارضه حقاً هذا هو العجبُ العُجاب !!
والسؤال الاهم لما كل دساتير مصر كانت مخالفة للشريعة من وجهة نظرهم أين كانوا من الجهاد فى سبيل تضمينها الدساتير السابقة ؟؟ ولماذا لم يثوروا ضدها ؟؟؟!
عموما شريعة الله في قلوبنا وهي شريعتنا جميعا، تلك الشريعة التي دعتنا للعدل والبر والقسط والاحسان والمودة والحب والوفاق بين جميع ابناء الوطن، وما يطالبون به لا خلاف عليه، وهو أمر معمول به فى مصر منذ مئات السنين، وكافة القوانين متوافقة مع الشريعة، وبالتالي فالمشكلة الرئيسية تكمن في التطبيق فقط، مثل اقامة الحدود ومنع الخمر، اذا الحل مع الدكتور مرسى .. فلتذهبوا اليه واجعلوه مع وزير عدله ورئيس حكومته يضعون قانون يمنع تصنيع وبيع الخمور، وانهُاء التعامل بالفائدة، وليضف وزير العدل فى قانون العقوبات تطبيق قطع يد السارق وجلد شارب الخمر، ورجم الزانى والزانية، فالامر ابسط مما تتخيلوه فلا داعى ابد لهذا الحشد وتعطيل المرور ومصالح الناس.
واخيرا اذا رأيت الناس على اختلاف شرائعهم ودياناتهم يطلبون اللجوء لمصر والعيش فيها؛ فيجدوا الحق والعدل والمساواة، فاعلم انها قد اصبحت دولة اسلامية، اما اذا رأيتهم يخافون ويهربون منها فاعلم انها غير ذلك، فالدولة تُبنى على المواطنة وليس على الدين لأن الدين للدولة والدولة للديان، ولان الدين الصحيح هو الربط المتناغم بين الفهم الدقيق للنص والفهم الواقعي للحياة.
أي، ما نريد قوله ان الفقه فهم، والفهم رأي، والرأي نسبي، والنسبي ليس مقدس فمن قدس النسبي جعله شرعًا، فهذا يجعل الشريعة وضعية "الإمام المراغى".
واخيرا اقول لكم كما قال الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه (ما أخاف على هذه الأمة من مؤمن ينهاه إيمانه ولا من فاسق بيين فسقه ولكني أخاف عليها رجلاً قد قرأ القرآن حتى أزلفه بلسانه ثم تأوله على غير تأويله) .