شهد بيت السناري بالقاهرة يوما لإحياء ذكرى دولة الأندلس العظيمة التي سقطت أواسط القرن الخامس عشر وضاعت من العرب . وقال الدكتور بسيم عبد العظيم أستاذ اللغة العربية بجامعة المنوفية أن الأندلسيين عرفوا السجون لأسباب سياسية ودينية ( الاتهامات بالزندقة) ، ولسبب خيانة الأمانة وتبديد المال العام واستغلال المنصب في التربح، ثم الهوى والعشق.
وقد ضم السجن بالأندلس ساسة كبار ووزراء ونجوم مجتمع بتعبيرنا الحالي، مثلما يضم "طرة" الآن، الأمر الذي يدل على أن السياسة لعبة خطرة في كافة العصور.
وأكد عبدالعظيم على أن السياسة لعبت دورا مهما في سجن كثير من الشعراء حتى الذين لم يكن لسجنهم سبب ظاهر، أو الذين اتهموا بالزندقة مثلا، وإن لم تكن الزندقة في الأندلس مذهبا فكريا كما كانت في المشرق، بل كانت تطلق على المشتهرين بالمجون.
وتابع قائلاً في عهود الطغيان يكثر البطش والظلم، فقد سجن المنصور بن أبي عامر وحده تسعة شعراء، فقد كان رجل دولة قوي الشكيمة لا يتهاون مع خصومه حتى أنه قتل ولده حينما هم بالخروج عليه، لكن دولته زالت سريعا بعد موته لأنها أسست على البطش.
وبسبب الهوى والعشق سجن بعض الشعراء كالشريف الطليق الذي قتل والده بسبب جارية كان قد تعلق بها، وتظاهرت السياسة والعشق على سجن ابن زيدون، وسجن بعض الشعراء بسبب خيانة الأمانة واستغلال المنصب في التربح والاختلاس وتبديد المال العام كالغزال وفتى من أهل الأدب ومحمد بن الرشيق القلعي، كذلك من الشعراء من سجن لأسباب مجهولة، وإن كان المتحدث لا يعفي السياسة من الوقوف وراء سجنهم، كأبي بكر محمد بن عاصم الغرناطي.
وبينما كتب بعض الشعراء يستعطف السلطة لإطلاق سراحه، ظل البعض الآخر في السجن حتى مات بكبرياء كالمعتمد بن عباد، ومنهم من حطمته المحنة، وقذفت به في مهاوي الذل والعبودية كالمصحفي، ومنهم من لم يبال بسجنه كمحمد بن رشيد القلعي. وقرأ عبدالعظيم قصيدة لأحد ملوك الأندلس - المعتمد بن عباد (431ه-488ه) عندما دخل عليه بناته السجن في يوم عيد، وكن يغزلن للناس بالأجرة في أغمات (مدينة بالمغرب) فرآهن في أطمار رثة، وحالة سيئة، فصدعن قلبه وأنشد: لا خدّ إلا ويشكو الجدبَ ظاهرُه ** وليس إلا مع الأنفاس ممطورا أفطرتَ في العيد لا عادت إساءتُه ** فكان فطرُك للأكباد تفطيرا قد كان دهرُك إن تأمره ممتثلا ** فردك الدهرُ منهيا ومأمورا من بات بعدك في ملك يُسَر به ** فإنما بات بالأحلام مغرورا
من جانبه دعا الدكتور حافظ المغربي، الأستاذ بكلية دار العلوم بجامعة المنيا، إلى الحكم الموضوعي على الإسلاميين بلا تعميمات، قائلا أن بعض هؤلاء المتأسلمين يناصب الآخر العداء دون الرجوع للتاريخ ، ومنه تاريخ الأندلس الذي شهد رحابة في الفكر وسعة .
وفي ورقته أكد د.صلاح فضل أن الأندلسيين هم أول من أطلقوا على منطقتهم "جنة الله في الأرض"، مشيراً إلى اهتمامهم بالترجمة متخذاً "الفونسو الحكيم" نموذجاً حيث كون مدرسة للترجمة في طليطلة تتكون من مجموعة خلايا، الخلية تتكون من ثلاثة أفراد فقيه مسلم، وقس مسيحي، وحاخام يهودي" لنشر العلوم العربية و الإسلامية و الفلسفة باللغة اللاتينية إلى أوروبا.
ومن مدرسة طليطلة للمترجمين إنتقلت هذه الكتب العربية الإسلامية عبر الجسر الثقافي الأسباني إلى أوروبا . و في أوروبا ترجمت هذه المصادر العربية من اللاتينية إلى بعض اللغات الأوروبية المحلية .
فقد كان للأندلس دور كبير في التأثير على أوروبا والممالك المجاورة لها وكان يقصد قرطبة عديد من أبناء أوروبا لطلب العلم. وقد دام الحكم الإسلامي للأندلس قرابة 800 سنة. وفي العصر الحاضر لا تزال منطقة جنوبإسبانيا تعرف باسم الأندلس و تعتبر إحدى المقطاعات التي تشكل إسبانيا الحديثة و تحتفظ بعديد من المباني التي يعود تاريخها إلى عهد الدولة الإسلامية في الأندلس، و تحمل اللغة الإسبانية كثيراً من الكلمات التي يعود أصلها إلى اللغة العربية.
أخيرا صرح الدكتور خالد عزب، مدير إدارة المشروعات الخاصة بمكتبة الإسكندرية، بأن هناك رغبة من عدد من الباحثين في مجال الأندلسيات من مصر والمغرب والجزائر وتونس وإسبانيا وإيطاليا وفرنسا للمشاركة في ملتقى الأندلسيات القادم في العام 2013 ببيت السناري. مواد متعلقة: 1. "محاكم التفتيش"الإسبانية والإبادة الوحشية لمسلمي الأندلس / الكولونيل ليموتسكي 2. نقشبندي: الأندلس كذبة لفقها المؤرخون 3. فتوحات رمضان .. الأندلس 91ه