نبضات شعرية من بلاد الجبال والأرز محيط – مي كمال الدين كما اشتهرت لبنان بجبالها وشجر الأرز فيها ، فقد نبتت من أرضها أصوات شعرية مفعمة بمعاني الوطن والمقاومة والحب وغيرها من المشاعر والأفكار الإنسانية ، وتحمل السطور التالية مختارات لأبرز اللبنانين الذين لاتزال أشعارهم تتردد بيننا. "إيليا أبو ماضي" (1889 - 1957) ويعد من أهم شعراء المهجر في أوائل القرن العشرين نقرأ من قصيدته "كن بلسما" : كن بلسماً إن صار دهرك أرقما ... وحلاوة إن صار غيرك علقما إن الحياة حبتك كلَّ كنوزها ... لا تبخلنَّ على الحياة ببعض ما *** ويقول: لو تعشق البيداءُ أصبحَ رملُها... زهراً، وصارَ سرابُها الخدّاع ما لو لم يكن في الأرض إلا مبغضٌ... لتبرمتْ بوجودِهِ وتبرّما لاح الجمالُ لذي نُهى فأحبه... ورآه ذو جهلٍ فظنّ ورجما لا تطلبنّ محبةً من جاهلٍ... المرءُ ليس يُحَبُّ حتى يُفهما وارفقْ بأبناء الغباء كأنهم مرضى... فإنّ الجهل شيءٌ كالعمى والهُ بوردِ الروضِ عن أشواكه... وانسَ العقاربَ إن رأيت الأنجما جبران "جبران خليل جبران" (1883 - 1931 ) من شعراء المهجر ، أسس مع رفاقه "الرابطة القلمية" وكان رئيسها . من قصيدته " ألا يا فتى .. " عاش هذا الفتى محبا شقيا ... وقضى نحبه محبا شقيا وبكى دمع عينيه في سطور... جعلته على المدى مبكيا منشد للغرام لم يشد إلا كان... إنشاده نواحا شجيا شاعر كان عمره بيت تشبيب... وكان الأنين فيه الرؤيا فاقرئي شرح حاله واجبي... من ذلك القلب كيف بات خليا إن في نظمه لحسا لطيفا... باقيا منه في السطور خفيا فاذرفي دمعة عليه تعيدي... ورق الطرس بالحياة نديا وتثيري من روحه نسمات... وتفيحي منها عبيرا ذكيا "ميخائيل نعيمة" ميخائيل نعيمة (1889 - 1988 ) مفكر وشاعر وأديب ، ترك للمكتبة العربية إنجازات كثيرة باللغات العربية والإنجليزية والروسية . في قصيدته "النهر المتجمد" : نهرُ هل نضبتْ مياهُكَ فانقطعتَ عن الخرير ؟ أم قد هَرِمْتَ وخار عزمُكَ فانثنيتَ عن المسير ؟ بالأمسِ كنتَ مرنماً بين الحدائقِ والزهور تتلو على الدنيا وما فيها أحاديثَ الدهور بالأمس كنتَ تسير لا تخشى الموانعَ في الطريق واليومَ قد هبطتْ عليك سكينةُ اللحدِ العميق بالأمس كنتَ إذا أتيتُكَ باكياً سلَّيْتَني واليومَ صرتَ إذا أتيتُكَ ضاحكاً أبكيتني بالأمسِ كنتَ إذا سمعتَ تنهُّدِي وتوجُّعِي تبكي وها أبكي أنا وحدي، ولا تبكي معي ! "سعيد عقل" سعيد عقل ( 1912 - ) شاعر لبناني يعتبر من أبرز الشعراء العرب المعاصرين. عمل في التعليم والصحافة من قصيدته التي غنتها فيروز "خذني بعينيك" : طالَتْ نَوَىً وَ بَكَى مِن شَوْقِهِ الوَتَرُ... خُذنِي بِعَينَيكَ وَاغرُبْ أيُّها القَمَرُ لم يَبقَ في الليلِ إلا الصّوتُ مُرتَعِشاً... إلا الحَمَائِمُ، إلا الضَائِعُ الزَّهَرُ لي فيكَ يا بَرَدَى عَهدٌ أعِيشُ بِهِ عُمري... وَيَسرِقُني مِن حُبّهِ العُمرُ عَهدٌ كآخرِ يومٍ في الخريفِ بكى... وصاحِباكَ عليهِ الريحُ والمَطَرُ هنا التّرَاباتُ مِن طِيبٍ و مِن طَرَبٍ... وَأينَ في غَيرِ شامٍ يُطرَبُ الحَجَرُ؟ "أحمد فارس الشدياق" (1804 - 1887)، صحفي وكاتب ، يعتبر من الآباء المؤسسين للأدب العربي الحديث. من قصيدته " الا يا قلب " : ألا يا قلب مالك لا تذوب... على فقد الحبيب وفيك حوب ويا دمعي الذي بل التراقي... يصبّ على مصابي او يصوب اعني حيث مالي من معين... واعنتني من الدهر الخطوب واخمد نار احزاني ووجدي... تسعر في الحشا ولها لهيب انادي من فقدت وليس يجدي... نداي بعد ان حان المجيب "خليل مطران" "شاعر القطرين" (1872 - 1949) شاعر لبناني مصري شهير ، جمع بين الثقافة العربية والأجنبية وعمل بحقول الأدب والتاريخ والترجمة . مطران من قصيدته " في حبكم .." فِي حَيِّكُمْ لِيَ قَلْبٌ جِدُّ مُرْتَهَنِ... يُحِبُّكُمْ وَبِغَيْرِ الْحُبِّ لَمْ يَدِنِ أَلنَّفْلُ فِي شَرْعِهِ كَالْفَرْضُ يَلْزَمُنِي... وَالوَعْدُ فِي حُكْمِهِ كَالعَهْدِ يُلْزِمُنِي قَلْبِي وَمَضْرِبُهُ جَنْبِي وَأَحْسَبُهُ... عَلَى نَوَى سَكَنِي أَدْنَى إِلَى سَكَنِي كَيْفَ التَّخَلُّفُ عنْ أُنْسٍ بِرُؤْيَتِكُمْ... وطَالَمَا الْتَمَسْتَهَا الْعَيْنُ فِي الْوَسَنِ أَخٌ دَعَانِي فَإِكْرَاماً وَتَلْبِيَةً قَدْ... سَرَّ قَلْبِي ذَاكَ الصَّوْتُ فِي أُذُنِي مَنْ قَالَ لِلْمَطْلَبِ الْبَادِي تَعَذُّرُهُ... عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْهَوَى وَالرَّأْيِ كُنْ يَكُنِ أَمْرُ المَوَدَّةِ مَسْمُوعٌ فَكَيْفَ بِهِ... عَلَى الطَّهَارَةِ مِنْ رِجْسٍ وَمِنْ دَرَنِ مَنْ لا يُجِيبُ وَأَسْنَى مَا يُكَلِّفُهُ... تَشْجِيعُ سَارِينَ فِي هَادٍ مِنَ السَّنَنِ يَا آخِذِينَ الصِّغَارِ لَقَدْ صُنْتُمْ... مَرَابِعَكُمْ مِنْ أَكْبَرِ المِحَنِ مَسَاوِيءُ الْجَهْلِ فِي الأَطْفَالِ... شَامِلَةٌ لِقَوْمِهِمْ كُلِّهِمْ فِي مُقْبِلِ الزَّمَنِ كَمْ عَزَّ مِنْ ضَعَةٍ شَعْبٌ بِفِتْيَتَهِ... وَكَانَ آبَاؤُهُمْ فِي أَوْضَعِ المِهَنِ هُوَ ابْتِناءٌ لِمَا تَرْجُونَ مِنْ عِظَمٍ... وَهْوَ اتِّقَاءٌ لِمَا تَخْشَونَ مِنْ فِتَنِ فَأَنْفَعُ النَّاسِ هُمْ أَهْلُ السَّمَاحِ... مَا يُنْمِي نُفُوساً عَلَى الأَخْلاقِ وَالفِطَنِ